ممر جديد للتقارب، استئناف الطيران يفتح آفاقًا اقتصادية وسياسية كبرى بين الهند والصين
الإثنين، 27 أكتوبر 2025 11:10 ص
استئناف الطيران بين الهند والصين
بعد خصام وصل إلى خمس سنوات، غادرت أولى الرحلات الجوية لشركة «إنديجو» الهندية مطار كلكوتا متوجهة إلى مدينة جوانجو الصينية، لتعلن فعليًا انتهاء خمس سنوات من القطيعة الجوية بين أكبر دولتين آسيويتين من حيث عدد السكان، غير أن هذا الإقلاع لم يكن مجرد حدث في جدول الطيران، بل مؤشر اقتصادي وسياسي بالغ الدلالة على تحول تدريجي في العلاقات بين نيودلهي وبكين، بعد عقد من التوتر والتنافس الحاد على الزعامة الإقليمية.
اقتصاد على أجنحة جديدة
يأتي استئناف الرحلات الجوية المباشرة في لحظة دقيقة تشهد فيها العلاقات التجارية بين البلدين نموًا ملحوظًا رغم الجمود السياسي السابق، فقد بلغت الواردات الهندية من الصين أكثر من 11 مليار دولار في سبتمبر الماضي، بارتفاع تجاوز 16% على أساس سنوي، بينما ارتفعت الصادرات الهندية إلى الصين بنسبة 34% لتصل إلى 1.47 مليار دولار.
هذا التحسن في الأرقام يعكس اتجاهًا متناميًا نحو «الواقعية الاقتصادية»، حيث يدرك الطرفان أن مصالحهما الصناعية والتجارية متشابكة بعمق، فالهند تعتمد على المواد الخام والمكونات الإلكترونية الصينية لدفع نموها الصناعي، فيما ترى الشركات الصينية في السوق الهندية الضخمة فرصة لا غنى عنها لتوسيع صادراتها وتخفيف اعتمادها على الأسواق الغربية.
الخطوط الجوية المباشرة الجديدة، بحسب رئيس غرفة التجارة الهندية في كلكوتا راجيف سينج، ستقلص زمن الشحن والعبور، ما يعني خفض التكاليف اللوجستية وتعزيز سرعة التوريد، وهي عوامل أساسية في معادلة التنافسية الصناعية.
وبالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة، يُتوقع أن تفتح هذه الرحلات بابًا لتجارة أسرع وأكثر استقرارًا، خصوصًا في مجالات الإلكترونيات والمنسوجات والمنتجات الكيميائية.

رسائل سياسية خلف المقصورة
الرحلات المباشرة ليست مجرد قرار اقتصادي، بل تحمل أيضًا رمزية سياسية عميقة، فمنذ الاشتباكات الدامية عام 2020 في منطقة الهملايا، والتي أودت بحياة 20 جنديًا هنديًا و4 جنود صينيين، دخلت العلاقات بين البلدين مرحلة من التجمد والريبة المتبادلة.
أغلقت نيودلهي الباب أمام الاستثمارات الصينية، وحظرت مئات التطبيقات أبرزها «تيك توك»، بينما كثفت تعاونها مع التحالف الرباعي «كواد» بقيادة واشنطن، لكن لقاء ناريندرا مودي وشي جينبينج في روسيا عام 2024 بدا كإشارة أولى لإذابة الجليد، تمهيدًا لسلسلة خطوات عملية لإعادة قنوات التواصل.
ومع صعوبة علاقات الهند المتزايدة مع إدارة دونالد ترامب، لا سيما بعد فرض رسوم جمركية أمريكية بنسبة 50% على السلع الهندية، باتت نيودلهي بحاجة إلى تنويع شراكاتها الاقتصادية وإعادة توازن سياستها الخارجية بين واشنطن وبكين، من هذه الزاوية، يمكن قراءة استئناف الطيران كرسالة مزدوجة لكلاً من:
بكين: استعداد الهند لفتح صفحة اقتصادية جديدة شرط الحفاظ على الاستقرار الحدودي.
واشنطن: تأكيد على استقلال القرار الهندي وعدم ارتهانه الكامل للمحور الغربي.
اقرأ أيضًا:
شلل حكومي يُربك الاقتصاد الأمريكي، الملايين بلا رواتب وقطاع الطيران على حافة الانهيار
السماء المفتوحة.. اختبار للثقة
اقتصاديًا، ستنعكس عودة الطيران المباشر على ثلاثة قطاعات رئيسية:
التجارة والاستيراد: تقليص زمن التوريد بين المراكز الصناعية في شرق الهند وجنوب الصين.
الاستثمار: عودة وفود رجال الأعمال والمستثمرين بعد انقطاع طويل، مما قد يُعيد الحياة إلى مشاريع كانت مجمدة منذ 2020.
السياحة والتعليم: تسهيل حركة الطلبة والباحثين والعمالة المتخصصة، وهو ما يعزز الروابط الثقافية التي تراجعت بشدة في السنوات الأخيرة.
ومع ذلك، لا تزال الهشاشة السياسية تلقي بظلالها على أي تفاؤل اقتصادي، فالنزاع الحدودي الممتد على طول 3500 كيلومتر لم يحل بعد، وإن كانت مشاهد تبادل الحلويات والهدايا بين الجنود في مهرجان «ديوالي» الأخير قد منحت المراقبين بارقة أمل في إمكانية إدارة الخلافات دون انفجار جديد.

نحو دبلوماسية الطيران
يمكن القول إن عودة الطيران بين الهند والصين تشكل عودة إلى الواقعية الاقتصادية في زمن تتصاعد فيه التوترات الجيوسياسية، فالبلدان اللذان يمتلكان معًا أكثر من ثلث سكان العالم لا يستطيعان تجاهل بعضهما طويلاً، سواء في التجارة أو في قضايا المناخ والطاقة والأمن الإقليمي.
قد لا تكون هذه الرحلات اليومية سوى بضع ساعات في الجو، لكنها تمثل بداية مرحلة جديدة على الأرض، مرحلة تعيد فيها نيودلهي وبكين اختبار الثقة، ليس بالكلمات، بل بالرحلات المجدولة والبوابات المفتوحة.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
من منصة القضاء إلى قاعة التشريع، حسني عبد اللطيف يقود اللجنة الدستورية بالشيوخ
26 أكتوبر 2025 03:01 م
"القائمة السوداء" وسباق المعادن النادرة يُشعلان جبهة جديدة بين واشنطن وبكين
26 أكتوبر 2025 11:00 ص
موعد افتتاح الرسمي المتحف المصري الكبير، اعرف أسعار التذاكر والفئات المعفاة وطريقة الحجز
25 أكتوبر 2025 06:33 م
أكثر الكلمات انتشاراً