الإغلاق الحكومي الأمريكي، اقتصاد في مهب الريح وأزمات تتفاقم بعد مرور أكثر من 20 يومًا
الثلاثاء، 21 أكتوبر 2025 11:55 م

الإغلاق الحكومي الأمريكي - صورة تعبيرية
دخلت الولايات المتحدة الأمريكية في دوامة من الشلل الحكومي، بعد فشل الكونجرس والبيت الأبيض في تمرير مشروع قانون التمويل الفيدرالي، لتواجه البلاد أول إغلاق حكومي منذ 7 سنوات، امتد لأكثر من 20 يومًا حتى الآن.
ويهدد الإغلاق، الذي بدأ مطلع الشهر الجاري، بموجات جديدة من الاضطراب في الاقتصاد الأمريكي، ويثير مخاوف واسعة مرتبطة بالانعكاسات التي تعود على الأسواق العالمية، وسط أزمة تمويل تقدر بمليارات الدولارات وتوتر سياسي غير مسبوق بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
أزمة تمويل تهدد الحكومة
بدأت الأزمة بعد فشل مجلس الشيوخ في تمرير مشروع قانون قصير الأجل كان من شأنه تمديد التمويل الحكومي حتى 21 نوفمبر، نتيجة خلافات قوية تتعلق بتخصيص 1.7 تريليون دولار لعمليات الهيئات الحكومية، وهو ما يعادل ربع الميزانية الأمريكية البالغة نحو 7 تريليونات دولار.
ويرى الديمقراطيون أن الجمهوريين يسعون إلى خفض الإنفاق على برامج الرعاية الصحية، بينما يتهم الجمهوريون خصومهم بربط التمويل بشروط سياسية، ومع تعثر التوصل إلى اتفاق، توقفت آلاف الإدارات الفيدرالية عن العمل، وتم تسريح نحو 750 ألف موظف حكومي مؤقتًا بتكلفة وصلت إلى 400 مليون دولار يوميًا، وفقًا لما ذكره مكتب الموازنة في الكونجرس.

خلافات سياسية وتعثر في الرواتب
زاد من تعقيد الأزمة إعلان إدارة ترامب عدم ضمان صرف الرواتب المتأخرة للموظفين الفيدراليين خلال فترة الإغلاق، في تراجع عن السياسة المتبعة منذ عقود.
وجاء في مذكرة صادرة عن مكتب الإدارة والميزانية بالبيت الأبيض، أن دفع الأجور المتأخرة مرهون بإقرار الكونجرس لمشروع قانون التمويل، وهو ما أثار موجة غضب بين العاملين الذين يواجهون الآن خطر فقدان دخلهم.
واعتبرت الأوساط النقابية أن هذا الموقف يمثل خروجًا صارخًا على الأعراف الحكومية، لكن رجحت مصادر آخرى تشريعية أن يتم اللجوء إلى القضاء إذا استمرت الحكومة في الامتناع عن صرف الأجور.
خسائر متزايدة وتهديد للنمو الاقتصادي
مع استمرار الإغلاق لأكثر من 20 يومًا، تتزايد خسائر الاقتصاد الأمريكي بشكل يومي، وكان الإغلاق الأطول في تاريخ الولايات المتحدة قد وقع عام 2019 واستمر 35 يومًا، وكلف الاقتصاد نحو 3 مليارات دولار من الناتج المحلي الإجمالي، وفقًا لما صحيفة "ذا هيل" الأمريكية.
ووفقًا لما ذكرته وكالة "بلومبرج"، يرى محللون اقتصاديون إن الإغلاق الحالي قد يخفض معدل النمو بنحو 0.1 إلى 0.2 نقطة مئوية أسبوعيًا، مع احتمال تعويض بعض النشاط لاحقًا في حال إعادة فتح الحكومة، إلا أن طول أمد الأزمة قد يترك آثارًا أعمق على الثقة والاستثمار.

أبرز القطاعات المتأثرة بالاغلاق الحكومي الأمريكي
تتوسع تداعيات الإغلاق يوماً بعد يوم، لتصيب قطاعات حيوية تمثل ركائز أساسية للاقتصاد الأمريكي، ومن أهمها:
القطاع العقاري
تعطلت عمليات الرهن العقاري بقيمة تتجاوز 7 مليارات دولار خلال الأسبوع الماضي، مع توقف إصدار قروض وزارة الزراعة الأمريكية التي يعتمد عليها عشرات الآلاف من الأسر متوسطة ومنخفضة الدخل، في ظل تسريح معظم موظفي الوزارة.
كما تراجعت مبيعات المنازل المعلقة في العاصمة واشنطن بنسبة 6.7% على أساس سنوي، بينما ارتفع عدد العقارات المعروضة للبيع بنسبة 9.8%، نتيجة مخاوف السكان من التعثر المالي، وفقًا لما نشره ياهو فينانس Yahoo Finance في تقرير حديث.
القطاع السياحي
أعلنت "جمعية السفر الأمريكية" أن الإغلاق يتسبب بخسارة نحو مليار دولار أسبوعيًا في الاقتصاد السياحي، نتيجة إغلاق المتاحف والحدائق الوطنية ومواقع الجذب السياحي في واشنطن.
قطاع الطيران
أوضحت وكالة بلومبرج، أن قطاع الطيران تأثر بالأزمة، تعاني "إدارة الطيران الفيدرالية" من نقص حاد في المراقبين الجويين في عدة مدن كبرى، في مطارات دالاس وشيكاغو وواشنطن، مما تسبب في تأخير عشرات الرحلات في مطارات بوسطن وفيلادلفيا وأتلانتا وهيوستن.
كما سرحت مصلحة الضرائب الأميركية "آي آر إس" (IRS) قرابة 34 ألف موظف بعد نفاد التمويل الاحتياطي، في حين لا يزال نحو 40 ألفًا يعملون على الاستعداد لموسم الإقرارات الجديد وتنفيذ قانون الضرائب الذي أقره ترامب.
المشروعات الصغيرة
توقفت قروض "إدارة الأعمال الصغيرة" التي تقدر بـ 860 مليون دولار أسبوعيًا كانت تمنح لنحو 1600 شركة صغيرة، مما أدى إلى تعطيل استثمارات جديدة وتجميد مئات الوظائف.

تداعيات سياسية عميقة وصراع حزبي محتدم
تظهر المؤشرات أن الأزمة الحالية تجاوزت حدود الخلاف المالي إلى صراع سياسي مفتوح بين الحزبين، ويصر الجمهوريون على خفض الإنفاق قبل إعادة فتح الحكومة، يرفض الديمقراطيون التفاوض تحت الضغط، ما يجعل التوصل إلى اتفاق قريب أمرًا صعبًا.
وأظهر استطلاع أجراه "مركز أسوشيتد برس - نورك" أن 60% من الأمريكيين يحملون ترامب والجمهوريين مسؤولية الأزمة، بينما يرى 54% أن الديمقراطيين يتحملون جزءًا من الذنب أيضًا.
انعكاسات الإغلاق على الشرق الأوسط
لا يقتصر تأثير الإغلاق على الداخل الأمريكي فحسب، بل يمتد إلى الاقتصادات العربية والعالمية، ووفقًا لتقرير نشره موقع Investing، فإن التباطؤ في الاقتصاد الأمريكي يؤدي إلى تراجع الطلب على النفط والغاز، ما يؤثر على الدول المصدرة للطاقة في الخليج العربي، مثل السعودية والكويت والعراق والإمارات.

أما مصر والأردن، اللتان تعتبران من أكبر المستفيدين من المساعدات الأمريكية، فقد تتأثران مباشرة بتأخر المساعدات أو تجميدها مؤقتًا، بما يضغط على موازناتهما العامة وبرامج التنمية.
وفي المقابل، يمكن أن تتأثر الأسواق المالية العربية المرتبطة بالدولار بتقلبات في أسعار الصرف أو حركة رؤوس الأموال العالمية.
أفق غامض وبريق أمل خافت
ما زال الجمود السياسي يخيّم على أمريكا، على الرغم من محاولات بعض المشرعين في الكونجرس تمرير تشريعات بشكل مؤقت من أجل انهاء الأزمة، وحذر خبراء الاقتصاد من أن استمرار الإغلاق لفترة أطول قد يدفع الاقتصاد الأمريكي إلى حافة الركود، مع ارتفاع معدلات البطالة وتراجع ثقة المستثمرين.
وبينما ينتظر الموظفون الفيدراليون والمواطنون بريق أمل لإنهاء الأزمة، يظل الاقتصاد الأمريكي عالقًا في مأزق سياسي معقد، قد تمتد آثاره إلى العالم بأسره.
اقرأ أيضًا:
تداعيات الإغلاق الأمريكي على سوق الإسكان، قروض متوقفة ومخاطر تمتد إلى البنوك
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص فيالصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
بين الحلم والحقيقة، لماذا لم تتحقق السيارات النووية حتى الآن؟
21 أكتوبر 2025 03:00 م
تداعيات الإغلاق الأمريكي على سوق الإسكان، قروض متوقفة ومخاطر تمتد إلى البنوك
20 أكتوبر 2025 03:53 م
لماذا أصبح الذكاء الاصطناعي شرطًا للبقاء في سوق صناعة المنتجات الاستهلاكية؟
20 أكتوبر 2025 03:00 م
أكثر الكلمات انتشاراً