تداعيات الإغلاق الأمريكي على سوق الإسكان، قروض متوقفة ومخاطر تمتد إلى البنوك
الإثنين، 20 أكتوبر 2025 03:53 م

الإغلاق الأمريكي - صورة تعبيرية
يشهد سوق الإسكان الأمريكي تغيرات غير مسبوقة، وحالة من عدم الاستقرار، مع استمرار الإغلاق الحكومي في واشنطن، إذ لم تقتصر تداعياته على المشهد السياسي فقط، بل امتدت لتصيب أحد أهم القطاعات الاقتصادية تأثيرًا، وهو قطاع العقارات والتمويل العقاري.
ويواجه المشترون للمنازل تأخيرات في الموافقات على القروض، والبائعون يضطرون إلى تأجيل مواعيد الإغلاق، كما يجد مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين أنفسهم غير قادرين على سداد أقساط الرهن العقاري للشهر المقبل، وفقًا لتقرير حديث نشره موقع ياهو فينانس Yahoo Finance.
توقف البرامج الحكومية يعطل إتمام الصفقات
وأوضح التقرير أن أبرز تأثير فوري للإغلاق الحكومي يتمثل في تباطؤ الخدمات المرتبطة بسوق الإسكان، بالرغم من إمكانية الحصول على قروض مدعومة من الحكومة، من هيئات مثل إدارة الإسكان الفيدرالية (FHA) وإدارة شؤون المحاربين القدامى (VA)، إلا أن هذه الجهات تعمل بعدد محدود من الموظفين، وهو ما يؤدي إلى بطء كبير في معالجة الطلبات وتأجيل مواعيد الإغلاق.

وقال جوزيف يونج، المدير التنفيذي في شركة "ميرسر أدفايزرز Mercer Advisors"، إن الخطوات التي تتطلب مراجعات يدوية أو تحققًا من بيانات الدخل عبر مؤسسات فيدرالية مثل مصلحة الضرائب، تواجه تعطيلات قد تمتد لأسابيع، ما يهدد بإلغاء بعض الصفقات قبل اكتمالها.
وقد تأثرت القروض الريفية، بشكل أكبر، وأوقفت وزارة الزراعة الأمريكية (USDA) بالكامل إصدار القروض الجديدة، مما أصاب المشترون من أصحاب الدخل المحدود بالشلل التام.
كما أدى توقف برنامج التأمين الفيدرالي ضد الفيضانات (NFIP) إلى تعطيل آلاف الصفقات العقارية يوميًا، ويقدر محللون HomeAbroad أن نحو 3600 صفقة بيع عقار يوميًا، تعادل قيمتها نحو 1.6 مليار دولار، معرضة للتأجيل أو الإلغاء بسبب غياب هذا التأمين.
الموظفون الفيدراليون في مواجهة خطر فقدان السكن
أجبر أكثر من 700 ألف موظف فيدرالي على الإجازة دون راتب، فيما يواصل عدد مماثل العمل دون أجر، وفقًا لتقرير مركز السياسات الحزبية (Bipartisan Policy Center).
وتوقع تقرير المركز، أن في حال استمرار الإغلاق، قد يمتد الأثر إلى 3 ملايين عسكري عامل و750 ألفًا من قوات الاحتياط والحرس الوطني، و يشكل ذلك ضغطًا ماليًا ضخمًا على أسر تعتمد رواتبها الشهرية في تغطية أقساط الرهن العقاري.
وقال أليكس بلاكود، الرئيس التنفيذي لمنصة الاستثمار العقاري “موجول mogul”، إن الأثر النفسي للإغلاق بدأ بالفعل ينعكس على سلوك المشترين، خصوصًا في المناطق ذات الكثافة العالية من الموظفين الفيدراليين.

وأشار بلاكود، إلى أن مبيعات المنازل المعلقة في منطقة واشنطن العاصمة تراجعت بنسبة 6.7% على أساس سنوي، بينما ارتفع عدد العقارات الجديدة المعروضة للبيع بنسبة 9.8%، وهي ثالث زيادة ببين المدن الكبرى في الولايات المتحدة، بسبب اتجاه بعض السكان لبيع منازلهم خشية التعثر المالي.
وفي المقابل، نصحت لاكواندا سين، نائب الرئيس التنفيذي في "روكيت مورجيج Rocket Mortgage "، المتضررين من الإغلاق بالتواصل المبكر مع الجهات الممولة لتفعيل برامج الدعم المؤقت، مثل تأجيل الأقساط أو إعادة جدولة الدفعات، مؤكدة أن التحرك المبكر قبل التعثر يتيح خيارات أوسع لتجنب فقدان المسكن.
معدلات الفائدة على الرهن العقاري تتراجع.. الفرص محدودة
,ويرى بعض الخبراء جانبًا إيجابيًا محتملًا، أن معدلات الرهن العقاري تميل إلى الانخفاض خلال فترات الاضطراب السياسي والاقتصادي.
فقد سجلت بيانات "فريدي ماك"، لمسح السوق العقاري الأساسي، تراجع معدل الفائدة على القروض طويلة الأجل إلى نحو 6.3% منتصف أكتوبر، وهو أدنى مستوى منذ نهاية عام 2024.
وأوضح بلاكود أن يمنح هذا الانخفاض بعض المشترين فرصة نادرة للحصول على تمويل بشروط أفضل، إلا أن عدد المستفيدين محدود، لأن الكثير من أصحاب المنازل ما زالوا يتمتعون بقروض بفوائد منخفضة للغاية منذ فترة جائحة كورونا، بأسعار فائدة أقل من 3% ما يجعل إعادة التمويل خيار غير جذاب في الوقت الحالي.
في المقابل، قد تتجه بعض البنوك إلى تشديد شروط الإقراض تحسبًا لأي اضطرابات مالية، مما يحد من استفادة فئات جديدة من انخفاض الفائدة.
تراكم التأخيرات وتزايد التحديات التشغيلية
وتتراكم التأخيرات في البرامج التي تواصل عملها جزئيًا، بشكل متسارع، وتعمل الإدارات المختصة في وزارتي شؤون المحاربين والإسكان بعدد محدود من الموظفين، ما يؤدي إلى بطء إجراءات المراجعة وإطالة فترات إغلاق القروض.
ونصح الخبراء المشترين، لتجنب المزيد من التأخير، بتقديم جميع المستندات اللازمة في وقت مبكر، والتحقق من اكتمال بياناتهم، خاصة تلك التي تتطلب اعتمادًا فيدراليًا.
وأشار التقرير، إلى أن بعض شركات التمويل العقاري، لجأت إلى إدراج بنود الإغلاق الطارئ في العقود، تسمح بتمديد فترة الإغلاق في حال تأخرت الخدمات الحكومية، لكن عند انتهاء الإغلاق، لن تحل الأزمة فورًا، وسيتعين على المؤسسات معالجة آلاف الملفات المتراكمة، ما قد يستغرق أسابيع لإعادة النظام إلى طبيعته.

تأثيرات متفاوتة حسب المناطق
يتوقع المحللون أن تختلف حدة التأثير بين المناطق الأمريكية، إذ تشهد مدن مثل واشنطن العاصمة، وفرجينيا الشمالية، وميريلاند تباطؤًا ملحوظًا في الطلب على المساكن، بسبب توقف الرواتب.
أما المناطق الريفية، فتواجه شللاً شبه كامل نتيجة توقف قروض وزارة الزراعة، بينما تتأثر المناطق الساحلية بسبب توقف التأمين ضد الفيضانات، ولكن تبدو الأسواق ذات الاقتصاد المتنوع أو المعتمدة أكثر على المشترين النقديين أكثر قدرة على الصمود أمام الأزمة الحالية.

كيف يتعامل المشترون وأصحاب المنازل مع الأزمة؟
ينصح الخبراء الماليون الأسر بالحفاظ على مرونة مالية أكبر خلال فترة الإغلاق، عبر إعادة ترتيب أولويات الإنفاق والتركيز على الاحتياجات الأساسية، كما شددوا على أهمية التواصل المستمر مع المقرضين لتفعيل برامج الدعم المؤقت وتجنب التعثر.
وأشار يونج، إلى أن التحرك المبكر وتنظيم المستندات والجاهزية المالية يمنحان المقترضين فرصة أفضل للاستفادة من أي تحسن في السوق، بينما قال بلاكود أن الأوقات المضطربة قد تخلق فرصًا استثمارية نادرة، إذ يمكن للمستثمرين الذين يتحملون المخاطر أن يجدوا عقارات بأسعار منخفضة في ظل تباطؤ الطلب العام.
وبين قروض متوقفة، وبرامج تأمين معلقة، وأسر تواجه خطر فقدان مساكنها، يبدو أن الإغلاق الحكومي الأمريكي يتجاوز السياسة ليصيب قلب الاقتصاد في العقارات، حتى في حال انتهاء الأزمة قريبًا، فإن تبعاتها على سوق الإسكان والبنوك والمستهلكين ستظل حاضرة، لتذكّر الجميع بأن توقف الحكومة لا يعني فقط تعطيل المؤسسات، بل تعطيل حياة الناس أيضًا.
اقرأ أيضًا:
الحرب التجارية تتصاعد، الاتحاد الأوروبي يرد على القيود الصينية بسبب المعادن النادرة
إدارة ترامب تجمد 11 مليار دولار لمشاريع البنية التحتية بسبب الإغلاق الحكومي
15 مليار دولار يوميًا خسائر الاقتصاد الأمريكي بسبب الإغلاق الحكومي، تفاصيل
Short Url
لماذا أصبح الذكاء الاصطناعي شرطًا للبقاء في سوق صناعة المنتجات الاستهلاكية؟
20 أكتوبر 2025 03:00 م
صناعة المبيدات تتخطى 102 مليار دولار، والصين تفرض سيطرتها على الأسواق العالمية
20 أكتوبر 2025 03:00 م
شراكة جديدة بين طلعت مصطفى وقطاع الأعمال في مشروعات سياحية وفنادق تراثية (تفاصيل)
19 أكتوبر 2025 02:17 م
أكثر الكلمات انتشاراً