لماذا أصبح الذكاء الاصطناعي شرطًا للبقاء في سوق صناعة المنتجات الاستهلاكية؟
الإثنين، 20 أكتوبر 2025 03:00 م

الذكاء الاصطناعي
نفيسه محمود
تواجه شركات المنتجات الاستهلاكية كشركات الطعام والمشروبات تحديات كبيرة في الأداء، ومنافسة شرسة مع الشركات الأخرى في نفس المجال، وتزداد هذه التحديات مع تطور التكنولوجيا الرقمية، وزيادة استخدام الذكاء الاصطناعي، فقد أصبح سر البقاء في هذا السوق، هو من سيستطيع استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا بفعالية، وخاصة أن استخدامهم لم يعد رفاهية، فإما أن تتميز أو لن تكون في ساحة المنافسة.
كيف أصبح الذكاء الاصطناعي محرك للمنافسة في سوق المنتجات الاستهلاكية؟
أصبحت الشركات اليوم تعتمد على تحليل الذكاء الاصطناعي للمنتجات، من تصميم وإنتاج وحتى تسعير وتسويق، وتمنع الخسارة من خلال اكتشاف عيوب الإنتاج قبل إغراق السوق بها، بالإضافة إلى توقع اتجاهات المستهلكين، ووضع خطط كاملة للمنتج بدءًا من تحديد المواد الخام وميزانيتها، مرورًا بمرحلة التصميم والتصنيع وحتى الوصول إلى المستهلك النهائي.
ويظهر تفوق الذكاء الاصطناعي في تحليل سلوك المستهلكين وتفضيلاتهم، ومعرفة ما يريده المستهلك قبل أن يطلبه، وتطوير منتجات جديدة تناسب احتياجاته، بل وتقليل التكاليف، وتخطيط سلاسل التوريد، وإنشاء استراتيجيات تسويقية مخصصة لكل عميل.

ما سر نمو الأرباح؟
الشركات التي تستطيع توسيع نطاق استخدامها للذكاء الاصطناعي، واستغلاله بشكل صحيح لأقصى درجة، هي التي تستطيع زيادة أرباحها التشغيلية بمعدل يتراوح بين 3-5%، مما يساعدها على تعويض ارتفاع التكاليف وخاصة مع التوترات الجيوسياسية الموجودة حاليًا، واضطرابات سلاسل التوريد، والرسوم الجمركية المرتفعة.
وفي آخر خمس سنوات، واجهت شركات المنتجات الاستهلاكية مشكلة تراجع نمو الإيرادات، وانخفاض هوامش الأرباح، مع زيادة تكاليف المواد الخام، وتأثير هذه الزيادة على المستهلكين وهو ما أدى إلى" حساسيتهم للأسعار"، ونأتي لسؤال مهم، ماذا حدث لتواجه الشركات هذه المشاكل؟
ما هو الفرق في سوق المنتجات الاستهلاكية الآن وقبل خمس سنوات؟
في السابق، كانت شركات قطاع المنتجات الاستهلاكية، تستطيع تقليل تكاليفها، من خلال زيادة حجم إنتاجها، والاستفادة من سلاسل التوريد، والاعتماد على قوة اسم علامتها التجارية، ولكن اليوم تراجع حجم الإنتاج نتيجة تراجع الطلب، وأصبح المستهلك يواجه عدد كبير من العلامات التجارية، بسبب تشبع السوق، ومع ارتفاع معدلات التضخم، تأثرت القوة الشرائية لدى المستهلكين.
وحتى التقنيات الجديدة الموجودة في السوق، تختلف تمامًا عن تلك التي كانت موجودة قبل ثلاث سنوات، فأصبح الذكاء الاصطناعي التنبؤي والتوليدي والوكيل، يشكلون مزيجًا، يعطي نتائج ممتازة، تؤثر بشكل إيجابي على قطاع المنتجات الاستهلاكية، والآن توجد ثلاثة تحولات تشكل الوضع الحالي للسوق.
لماذا أصبح الذكاء الاصطناعي التنبؤي والتوليدي والوكيل جزء مهم في السوق
يعمل الذكاء الاصطناعي التنبؤي والمعروف بـPredictive Al، بتحليل البيانات بدقة، والتنبؤ بالمستقبل من خلال تقديم نتائج منطقية قائمة على البيانات المدخلة إليه، ويعطي احتمالات وحلول ويتنبأ بالمشكلات، على سبيل المثال، يتنبأ بزيادة الطلب على منتج معين أو انخفاضه على منتج آخر، وبالتالي تستطيع الشركات زيادة إنتاجها من المنتج المطلوب، وتقليل حجم إنتاجها من الآخر، وبالتالي السيطرة على مشكلة فائض الإنتاج وزيادة تكاليف غير مفيدة، التي ستؤدي في النهاية إلى خسائر قد تصل لمليارات الدولارات.
أما الذكاء الاصطناعي التولدي، والمعروف بـGenerative Al، فهو أقوى وأذكى من الذكاء الاصطناعي التنبؤي، فالتوليدي لا يكتفي بالتنبؤ ووضع الاحتمالات، بل يضع حلولًا جديدة، وينشئ محتوى فعال، وعلى سبيل المثال، بعد التنبؤ بمشكلة انخفاض الطلب على منتج معين، يستطيع إنشاء حلول لمعالجة هذه المشكلة كتغيير تصميم المنتج، أو تغيير أحد مكوناته، أو كتابة طرق تسويقية جديدة لإعادة إحياء المنتج مرة أخرى.
وفي الذكاء الاصطناعي الوكيلي، والمعروف بـAgentic Al، الذي يعتبر الأكثر تطورًا بين الأنواع الثلاثة، فهو لا يكتفي بالتنبؤ مثل الذكاء الاصطناعي التنبؤي، ولا إعطاء الحلول مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي، بل إنه يتخطى هذه المهام، ويتصرف ويتخذ قرارات بشكل ذاتي دون أي تدخل بشري، فعلى سبيل المثال، يستطيع من التعامل مع أي نظام، واختيار الصفقات المرحبة، وعقدها، وإدارة الإنتاج، وتنظيم سلاسل التوريد، وتسعير المنتجات بطريقة صحيحة، واختبار التصاميم واستراتيجيات التسويق، حتى إنه يستطيع تحديد ميزانية كل عمليات التصنيع.

شركات المنتجات الاستهلاكية تتنافس على استخدام الذكاء الاصطناعي
وبالعودة إلى التحولات الثلاثة الأخيرة التي يشهدها قطاع المنتجات الاستهلاكية، فالتحول الأول هو تنافس الشركات حاليًا على استغلال الذكاء الاصطناعي الوكيلي، في معرفة وتتبع طريقة اكتشاف وتعامل المستهلكين مع المنتجات، وكيف يتم اتخاذ قرارات الشراء، وخاصة أن المنتشر الآن هو لجوء المستهلكين إلى أدوات الذكاء الاصطناعي للاستفسار عن المنتجات بدلًا من محركات البحث التقليدية مثل جوجل، وياهو، وهو ما ساعد هذه الأدوات على تجميع أكبر قدر ممكن من البيانات المفيدة.
أما التحول الثاني، فأصبحت الشركات تستخدم الذكاء الاصطناعي في تعليم وتدريب فريق العمل، حتى تصبح هذه القوة العاملة في مرحلة مستقبلية، هي التي تدير أدوات الذكاء الاصطناعي لتحليل كميات ضخمة من البيانات بكفاءة، وإنتاج قرارات سليمة تساعد الشركة على المنافسة في السوق، وبالنسبة للتحول الثالث فهو مساعدة الذكاء الاصطناعي الشركات الصغيرة على الاندماج في السوق.
كيف يساعد الذكاء الاصطناعي الشركات الصغيرة على غزو السوق؟
يساعد الذكاء الاصطناعي على تخفيف الحواجز التنافسية، ففي السابق، كان سوق المنتجات الاستهلاكية محتكر بشكل كامل من الشركات الكبرى، وخاصة أنها استثمرت في علامتها التجارية من إعلانات وتصميم ومكونات لسنوات طويلة، بجانب خبرتها في المجال، ولكن مع وجود الذكاء الاصطناعي، ساعد الشركات الصغيرة على جذب المستهلكين بسهولة وبأقل التكاليف، وتطوير منتجاتهم وزيادة أرباحهم.
خمسة استراتيجيات تتفوق بهم شركات المنتجات الاستهلاكية في السوق
واليوم أصبحت الشركات الموجودة في سوق المنتجات الاستهلاكية، تعتمد على خمسة استراتيجيات، وفقًا لمنصة bain، الاستراتيجية. الأولى، هي تسريع مدة تطوير وابتكار المنتجات، فمن خلال استخدام الذكاء الاصطناعي، اعتمدت الشركات على تطوير المنتجات في بضع أيام بعد أن كانت تستغرق شهور، وهو ما ساعدها على دخول السوق بشكل أسرع، وتقليل تكاليف الأبحاث التسويقية، مع الاستجابة الفورية لاحتياجات السوق.
ولأن المستهلكين الآن لم يعودوا كما السابق، عندما كانوا يعتمدون على المحركات التقليدية للبحث عن المنتجات، واتجهوا الآن إلى أدوات الذكاء الاصطناعي، وهو ما دفع هذه الشركات للاتجاه إلى التأثير على أدوات الذكاء الاصطناعي لتوجيه المستهلكين إلى منتجاتهم بدلًا من منتجات المنافسين.

اعتمدت الشركات أيضًا على استراتيجية تفاوض أدوات الذكاء الاصطناعي وإبرام صفقات أكثر دقة، فبدلًا من أن يتفاوض مندوب بشري من شركة مع مندوب بشري من شركة أخرى، وأصبحت الشركات الآن تتجه لأن يكون التفاوض بين أنظمة الذكاء الاصطناعي للحصول على أفضل اتفاق، وخاصة أن هذه الأدوات تعتمد على بيانات بالغة الدقة.
وبدأت الشركات أيضًا في الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي لبناء وتنظيم سلاسل التوريد، ومراقبة مخزون المنتجات، وإدارة مستودعاتها، وتوقع أي حوادث قد تؤثر على سلاسل التوريد كاضطرابات المناخ، ومشاكل نقل المنتجات، لتقليل الهدر والاستجابة بسرعة لأية مشكلة.
انتشر أيضًا الذكاء الاصطناعي في الوظائف الإدارية والمكتبية الموجودة في الشركات، فأصبح يقوم بمهام الموارد البشرية، ومهام المحاسبة، ويعالج البيانات، لذلك بدأت الشركات بالاعتماد عليه، والاستغناء عن العنصر البشري.
الشركات الفائزة في سوق المنتجات الاستهلاكية
في النهاية، سوق المنتجات الاستهلاكية، يحتاج لشركات تتعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي على أنه فرصة تحول استراتيجي شامل، وليست تلك الشركات التي تتعامل معه على انه مجرد أدوات إضافية كغيرها، والشركات الفائزة هي التي تمتلك بنية تحتية رقمية ممتازة، أما التي لن تتبنى هذه الأدوات فمصيرها خسارة حصتها في السوق، وستتكبد أموالًا طائلة من الخسار المادية.
اقرأ أيضًا:
لماذا يفشل الذكاء الاصطناعي في تلبية أوامر المستخدمين؟ "الخبراء يكشفون"
منافسة احتكارية، لماذا لا يجد المستهلك فارقًا رغم تعدد العلامات التجارية؟
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
حرب الرسوم تعود من جديد، ترامب يغازل المصانع ويصعد ضد الحلفاء
20 أكتوبر 2025 05:00 م
تداعيات الإغلاق الأمريكي على سوق الإسكان، قروض متوقفة ومخاطر تمتد إلى البنوك
20 أكتوبر 2025 03:53 م
صناعة المبيدات تتخطى 102 مليار دولار، والصين تفرض سيطرتها على الأسواق العالمية
20 أكتوبر 2025 03:00 م
أكثر الكلمات انتشاراً