من الرقائق إلى ناقلات الغاز، البحر ساحة الصراع الجديدة بين أمريكا والصين
السبت، 11 أكتوبر 2025 03:56 م

أمريكا والصين
ميرنا البكري
انتقل الصراع الأمريكي الصيني الذي كان محصورًا في “الرقائق والمعادن النادرة”، لمنطقة جديدة تمامًا، “البحار والسفن”، فبدأت الولايات المتحدة تعديل رسومها الجمركية على ناقلات السيارات وسفن الغاز الطبيعي المسال (LNG)، في محاولة لمواجهة الهيمنة الصينية المتزايدة في صناعة السفن والنقل البحري، لكن في نفس اللحظة، ردت الصين بخطوة مماثلة، مما فتح فصل جديد في الحرب الاقتصادية بين أكبر قوتين في العالم.

تعديل الرسوم الأمريكية، سياسة “العصا والجزرة”
الخطوة الأمريكية الجديدة ليست مجرد قرار جمركي، لكنها توازن دقيق بين العقاب والحماية، فقد أعلن مكتب الممثل التجاري الأمريكي (USTR) أنه سيخفض الرسوم المفروضة على ناقلات السيارات المبنية في الخارج من المقترح القديم 150 دولار للطن لـ 46 دولار فقط اعتبارًا من 14 أكتوبر، فالرسوم الجديدة أقل من المقترح الأول، لكنها أعلى من التعديلات التي تم اقتراحها في يونيو.
وقد ألغى مكتب الممثل التجاري الأمريكي بأثر رجعي من 17 أبريل، شرط تعليق تراخيص تصدير الغاز الطبيعي المسال (LNG) الذي كان يقيد السفن المبنية خارج أمريكا، وفي المقابل، استثنى بعض ناقلات الميثان والغاز النفطي المسال من الرسوم، خاصةً التي توجد تحت عقود إيجار طويلة الأجل لكي لا يضرب بسلاسل الإمداد الأمريكية.
خلفية القرار.. الصناعة تضغط وواشنطن تتراجع جزئياً
تأتي هذه القرارات بعد شهور من شد وجذب بين الإدارة الأمريكية وشركات الشحن وبناء السفن، كما أن المقترحات الأصلية التي طُرحت في فبراير كانت قوية للغاية وتستهدف دعم الصناعة المحلية ضد المنافسة الصينية، لكنها اصطدمت بواقع معقد، من ارتفاع التكلفة على الشركات الأمريكية نفسها، لخطر تعطل سلاسل توريد الطاقة، خاصةً LNG التي أصبحت سلعة استراتيجية بعد حرب أوكرانيا، فاضطرت واشنطن أن تقوم بتراجع تكتيكي، أي تحتفظ بالضغوط على الصين دون أن تضرب نفسها بالنار.
الرد الصيني بنفس القدر
في نفس اليوم التي أعلنت فيه واشنطن قراراتها، ردت الصين بإجراءات مضادة، حيث فرضت رسوم على السفن المبنية أو المسجلة في الولايات المتحدة، كما أن الرسوم شملت الشركات التي بها استثمارات أمريكية تتعدى 25% من رأس المال أو مقاعد الإدارة، مما يعني أن الصين توجه ضربة مباشرة للشركات الأمريكية التي تعمل داخل النظام التجاري الصيني نفسه.
ساحة جديدة للصراع، “البحر بدلًا من المصنع”
هذه المعركة ليست مجرد أرقام ورسوم جمركية، وما يحدث حاليًا يعتبر تحول استراتيجي في الحرب الاقتصادية بين واشنطن وبكين.
وفي الماضي كانت المنافسة في الإلكترونيات والمعادن، لكن الآن أمريكا تسعى لتستعيد السيطرة على البحر من بناء السفن لملكية الموانئ وشبكات الشحن.
تسيطر الصين اليوم على أكثر من 50% من سوق بناء السفن العالمي، فتحاول أمريكا بعد عقود من التراجع أن تستعيد هذه الصناعة داخل حدودها، خاصةً مع التحالفات الجديدة مع اليابان وكوريا الجنوبية وأوروبا.
تداعيات القرار على سوق الطاقة العالمي
اللافت أن هذه التعديلات جاءت في وقت حساس للغاية لسوق الغاز الطبيعي المسال (LNG)، فأي اضطراب في حركة ناقلات الغاز قد يرفع الأسعار عالميًا، خاصةً مع اقتراب موسم الشتاء في أوروبا وآسيا.
لكن إلغاء شرط تعليق تراخيص التصدير خطوة ذكية من واشنطن، لأنها تعطي ضمانات للمستوردين أن الإمدادات الأمريكية لن تتأثر.
في المقابل، إذا نفذت الصين بالفعل رسومها على السفن الأمريكية أو المملوكة جزئيًا لشركات أميركية، قد يعقد هذا حركة الشحن في آسيا والمحيط الهادئ، ويضغط على شركات النقل البحري هناك.
أبرز التوقعات، تصعيد محسوب وليس انفجارًا
من الواضح أن الطرفين يحاولون اللعب بسياسة “التحكم في درجة النار”، فلا يرغبا بحرب شاملة في البحر، لكن في نفس الوقت، كل طرف يحاولإثبات أنه لديه اليد العليا، والتوقعات القريبة تقول أن أمريكا قد توسع الرسوم لتشمل معدات أخرى في قطاع الموانئ والرافعات.
ستستخدم الصين ورقة “عقود الإيجار” و”الملكية الجزئية” للضغط بهدوء على الشركات الأمريكية، وسيشهد سوق الشحن العالمي موجة جديدة من عدم اليقين، خاصةً في أسعار النقل وأسعار الغاز المسال.
حرب باردة جديدة، في البحر
فتحت كلًا من أمريكا والصين جبهة جديدة في صراعهم الطويل، وأصبح البحر المسرح الجديد بدلًا من سلاسل التوريد على البر، وتعكس القرارات الأمريكية الأخيرة محاولة ذكية لإعادة التوازن الصناعي، لكن في عالم متشابك مثل هذا، كل تعديل جمركي يهز أسواق الطاقة والشحن والتجارة معًا.
وفي النهاية، يُمكن القول بأن من يسيطر على البحر، لا يسيطر على التجارة فقط، لكن أيضًا على مستقبل الطاقة في العالم.
اقرأ أيضًا:-
الصين تنتقم من أمريكا في جولة رسوم موانئ جديدة
من الحظر إلى التحكم، واشنطن توسع المعركة التكنولوجية ضد بكين

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
التحول الرقمي في الخدمات المالية، طريق العدالة الاقتصادية للمجتمعات المُهمشة
09 أكتوبر 2025 03:26 م
«التقشف الأخضر»، خطة ترامب لإعادة تشكيل مستقبل الطاقة في أمريكا
09 أكتوبر 2025 10:32 ص
تقرير عالمي يؤكد ضرورة النظر إلى الموارد المائية كعامل حيوي في دفع عجلة الاقتصاد
02 أكتوبر 2025 01:57 م
أكثر الكلمات انتشاراً