الأربعاء، 01 أكتوبر 2025

02:16 ص

من الدبابات إلى التكنولوجيا.. الرقائق الإلكترونية تتحول إلى ساحة حرب عالمية

الأربعاء، 01 أكتوبر 2025 12:17 ص

الرقائق الإلكترونية

الرقائق الإلكترونية

في العقود الماضية، كان النفط هو العصب الحيوي للاقتصاد العالمي، وقيمت الدول على أساس قدرتها على إنتاجه أو التحكم في تدفقه، اليوم، تلعب الرقائق الإلكترونية أو أشباه الموصلات الدور نفسه في الاقتصاد الرقمي. 

الرقائق الإلكترونية 

هذه المكونات الصغيرة، التي لا ترى بالعين المجردة، أصبحت جوهر كل جهاز ذكي، وكل منظومة حوسبة، وكل خوارزمية ذكاء اصطناعي، ومن هنا، لم يكن مفاجئًا أن تتحول إلى محور صراع عالمي محتدم بين القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة والصين.

لماذا الرقائق بهذه الأهمية؟

تكمن القيمة الاقتصادية والسياسية للرقائق في قدرتها على تشغيل الاقتصاد الرقمي المعاصر، فسواء كان الأمر يتعلق بهاتف ذكي، أو سيارة كهربائية، أو مركز بيانات يستخدم الذكاء الاصطناعي، فإن الرقائق هي العقل الذي يجعل كل شيء يعمل. 

كل نقرة، وكل عملية حسابية، وكل تطبيق، وكل عملية صناعية معقدة، تعتمد على شرائح صغيرة تنتج من السيليكون عالي النقاء.

هناك نوعان رئيسيان من الرقائق:

رقائق الذاكرة: تستخدم لتخزين البيانات، وهي أقل تعقيدًا وأقرب إلى السلع الصناعية.

رقائق المنطق: مسؤولة عن معالجة البيانات وتشغيل الأنظمة البرمجية، وهي أكثر تعقيدًا وتقنيًا.

وتتزايد أهمية الرقائق مع دخول البشرية إلى عصر الذكاء الاصطناعي، حيث أصبحت المعالجات المتقدمة، مثل مسرعات "إنفيديا" H100، شرطًا أساسيًا لتدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، والتي يتوقع أن تحدث تغييرًا جذريًا في القطاعات الصحية، والصناعية، والتعليمية.

الرقائق الإلكترونية 

تايوان وكوريا تهيمنان.. والصين تحاول اللحاق

رغم أن الولايات المتحدة تمتلك الريادة في تطوير تصميمات الرقائق، إلا أن أغلب قدرات التصنيع الفعلي متركزة في شرق آسيا، وتحديدًا، في شركتين فقط:

  • TSMC التايوانية: التي تسيطر على أكثر من 50% من سوق التصنيع العالمي.
  • سامسونج الكورية: والتي تعد المنافس الأكبر في قطاع الشرائح المتقدمة.

أما الصين، فرغم أنها أكبر مستهلك للرقائق عالميًا، فإنها تعتمد إلى حد كبير على الاستيراد، وخصوصًا في الشرائح المتقدمة المستخدمة في الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية. 

ومن هنا، جاء الصراع الأمريكي الصيني، حيث تحاول واشنطن تقييد وصول بكين إلى التقنيات المتقدمة، عبر فرض عقوبات وتقييدات على التصدير، وإدراج شركات صينية كبرى على قوائم سوداء.

اقرأ أيضًا:

بـ 600 مليار دولار، الرقائق الإلكترونية تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي

واشنطن وبكين.. من حرب تجارية إلى سباق وجودي

في عهد الرئيس بايدن، تم تمرير قانون ضخم لدعم صناعة أشباه الموصلات داخل أمريكا قانون CHIPS، مع تخصيص أكثر من 50 مليار دولار لتحفيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الخارج. 

تواصلت هذه السياسة في عهد ترامب، لكن مع اختلاف في الأدوات، وفضلت الإدارة الجديدة استخدام الرسوم الجمركية والضغوط على الحلفاء لوقف تكنولوجيا الرقائق المتقدمة عن الصين.

بالمقابل، تضخ بكين مليارات الدولارات في دعم الصناعات المحلية، مع الدفع نحو الاكتفاء الذاتي، وتأسيس سلسلة توريد بديلة في الداخل. 

فمثلاً، بدأت هواوي بتصنيع معالجات محلية بتقنيات متقدمة (7 نانومتر)، رغم العقوبات الغربية، كما تستثمر الحكومة الصينية في شركات ناشئة مثل ديب سيك، التي طورت نماذج ذكاء اصطناعي تنافس تلك المطورة في وادي السيليكون.

الرقائق الإلكترونية 

 التصنيع.. لعبة الكبار فقط

أحد أبرز أسباب احتكار عدد محدود من الشركات لصناعة الرقائق هو ارتفاع تكلفتها الباهظة، فبناء مصنع واحد قد تتجاوز كلفته 20 مليار دولار، ويحتاج إلى سنوات من البناء، إضافة إلى التشغيل المستمر 24 ساعة يوميًا، لأن التوقف يعني خسائر هائلة. 

هذا أدى إلى تمركز التصنيع في ثلاث شركات عالمية فقط، وجعل من توطين الصناعة مهمة شبه مستحيلة في الدول النامية أو حتى المتوسطة.

لهذا السبب، تسعى دول مثل الاتحاد الأوروبي، واليابان، والهند، والسعودية للدخول إلى حلبة المنافسة عبر ضخ استثمارات ضخمة أو استقطاب الشركات الأجنبية. 

الاتحاد الأوروبي، مثلًا، أطلق خطة بقيمة 46 مليار دولار بهدف مضاعفة إنتاجه المحلي بحلول 2030.

اقرأ أيضًا:

"الهند تدخل سباق الرقائق"، نيودلهي تخلع عباءة الاستهلاك وتلبس درع الإنتاج

ماذا لو اندلعت الحرب في تايوان؟

المخاطر الجيوسياسية تلقي بظلالها الثقيلة على مستقبل الرقائق، فالصين تعتبر تايوان جزءًا من أراضيها، وتلمح باستمرار إلى احتمال التدخل العسكري، وهو سيناريو كارثي عالميًا. 

إذا اندلعت حرب، فإن العالم قد يحرم من خدمات TSMC، التي تصنع الرقائق لأكبر شركات التكنولوجيا الأمريكية مثل آبل وإنفيديا وأمازون.

أي توقف في إنتاج TSMC يعني شللًا تامًا في سلاسل الإمداد العالمية، ليس فقط في الهواتف وأجهزة الكمبيوتر، بل في السيارات الكهربائية، والأسلحة الذكية، والطائرات، ومراكز البيانات العملاقة. 

ولن يكون من السهل تعويض هذه الفجوة، لأن بناء مصانع بديلة يتطلب عقودًا من الزمن ومئات المليارات من الدولارات.

صراع عالمي بين أمريكا والصين

ساحة المعركة القادمة

الرقائق الإلكترونية تحولت إلى أصل استراتيجي لا يقل أهمية عن النفط أو اليورانيوم، ومن يمتلكها، يملك القوة الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية. 

ولذلك، نشهد اليوم تسابقًا عالميًا على التمويل، والهيمنة، والاستقلال التكنولوجي، ومع دخول الذكاء الاصطناعي في كل مفاصل الاقتصاد، تزداد أهمية هذه الرقائق يومًا بعد يوم.

لكن هذا السباق ليس فقط سباق استثمار، بل صراع من أجل النفوذ والسيادة، وكل خلل في توازن القوى قد يؤدي إلى كوارث اقتصادية عالمية، يدفع ثمنها من قبل الجميع سواء كانوا في وادي السيليكون، أو مصانع شنزن، أو حتى في مراكز البيانات في الرياض، أو فرانكفورت، أو بنجالور.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search