الإثنين، 22 سبتمبر 2025

12:09 م

بكين وواشنطن، هدنة مؤقتة أم صدام مؤجل لتغيير ملامح النظام العالمي

الإثنين، 22 سبتمبر 2025 09:34 ص

النظام العالمي الجديد

النظام العالمي الجديد

في خضم التحولات الدولية المتسارعة، تبرز الصين كلاعب أساسي يسعى لإعادة تشكيل المشهد العالمي، في لحظة مفصلية يتراجع فيها النفوذ الأمريكي تدريجيًا، وتتعاظم فيها التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه واشنطن داخليًا وخارجيًا. 

لم تعد بكين تخفي طموحاتها، بل باتت تصرح بها عبر مبادرات دبلوماسية واستراتيجية واضحة، تشير جميعها إلى أن عالم ما بعد أمريكا لم يعد مجرد فرضية، بل سيناريو يكتب فصله الأول الآن.

من أحادية الهيمنة إلى تعددية النفوذ

في العقود التي تلت الحرب الباردة، انفردت الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة العالم، مستفيدة من تفوقها العسكري، ونفوذها الاقتصادي، ومكانتها السياسية. 

واشنطن وبكين

لكن هذا التفرد يواجه اليوم واقعًا مختلفًا، فمنظمة شنجهاي للتعاون، ومجموعة بريكس الموسعة، والمبادرات الاقتصادية العابرة للقارات مثل الحزام والطريق، كلها تشي بأن النظام الدولي يتجه نحو التعددية القطبية، ووفقًا للخبراء، فإن رؤية الصين لا تتأسس على منطق المواجهة أو الإحلال محل الولايات المتحدة، بل على إعادة هندسة العلاقات الدولية بما يضمن شراكات متعددة ومصالح متبادلة، بدلاً من نظام يعتمد على قطب مهيمن.

السياسات الأمريكية والصينية

مشروع استراتيجي طويل الأمد

على عكس السياسات الأمريكية التي تتأثر غالبًا بالتغيرات السياسية الداخلية، تتحرك الصين ضمن استراتيجية بعيدة المدى، تستثمر من خلالها في التكنولوجيا، والطاقة النظيفة، وسلاسل الإمداد، والاقتصاد الرقمي. 

وهذا النهج، يظهر الفارق الجوهري في طريقة التفكير، الصين تخطط لعقود، بينما واشنطن كثيرًا ما تتعامل بردود الفعل الآنية، في حين تعلم الصين =أن الصدام المباشر مع واشنطن قد يهدد مشروعها، ولذا تتبع نهج التدرج وبناء النفوذ بهدوء، فهي تغري الدول بالاستثمار والبنية التحتية، وتوفر شراكات تجارية مرنة، وتقدم نفسها كبديل اقتصادي غير مشروط بالقيم الأيديولوجية الغربية.

اقرأ أيضًا:

"ترامب يفتح الباب مجددًا"، رقاقات أمريكية إلى الصين ولكن برسوم ومحدودية أداء

اقتصاد مقاوم.. وتحالفات مرنة

في ظل العقوبات الغربية على روسيا، تحولت “بكين” إلى شريان حياة حيوي لموسكو عبر التجارة والتكنولوجيا والطاقة، كما أن دورها في دعم مشاريع بديلة للدولار، سواء عبر التبادلات الثنائية بالعملات المحلية أو عبر مؤسسات جديدة كـ "بنك التنمية" التابع لمنظمة شنجهاي، يعكس طموحًا لبناء نظام مالي عالمي غير خاضع لهيمنة الدولار الأمريكي.

يعد يكون تحرر المؤسسات الدولية من السيطرة الأمريكية أحد أبرز معالم عالم ما بعد أمريكا، فلم يعد الدولار هو العملة الوحيدة المؤهلة لقيادة الاقتصاد العالمي.

الصين وأمريكا

قوة ناعمة وأدوات جديدة للنفوذ

لم تكتفي بكين بالقوة الاقتصادية، بل استثمرت في قوتها الناعمة عبر التبادل الثقافي، ودعم الدول النامية، والمشاركة النشطة في الأمم المتحدة، ومشاريع تنموية في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وتسعى من خلال كل ذلك إلى تثبيت صورة دولة مسؤولة، تسعى للتعاون وليس للهيمنة.

إن الصين لا تريد قيادة العالم بنفس طريقة الولايات المتحدة، بل تريد نظامًا أكثر عدلاً وتوازنًا، حيث تكون شريكاً لا شرطيًا دوليًا، فلا يتم التفكير بمنطق الحرب الباردة، بل بمنطق الشراكة والتنوع.

اقرأ أيضًا:

من التهدئة إلى الترقب، هدنة أمريكية صينية جديدة تُبقي الأسواق مترقبة

هل العالم مستعد للبديل؟

رغم هذه الطموحات، فإن النظام الذي تروج له الصين لا يخلو من التحديات، فمبادراتها الكبرى كـ "الحزام والطريق" واجهت بعض العراقيل المتعلقة بالشفافية والديون. 

كما أن منظمة شنجهاي، برغم قوتها الرمزية، ما زالت تعاني من انقسامات داخلية بين أعضائها، مثل الهند وباكستان، لكن هناك أسس هيكل مالي عالمي جديد يتم بناؤه حاليًا، لكنه لا يبنى في واشنطن هذه المرة.

الحرب التجارية

مرحلة انتقالية لا انقلاب مفاجئ

ما بين طموح صيني معلن، وتراجع أمريكي نسبي، وعالم يتطلع إلى توازنات جديدة، تبدو المرحلة القادمة انتقالية أكثر منها ثورية، فالولايات المتحدة لا تزال قوة عظمى لا يمكن تجاوزها بسهولة، لكن ميزان القوى يشهد اختلالاً متزايدًا لصالح الشرق.

تفكر الصين بعقلية المستقبل الطويل، وتبني استراتيجيتها على ثقة بأنها ستمتلك اليد العليا في تكنولوجيا الغد، وشبكات التجارة، وقطاعات الاقتصاد المستدام، وفي ظل هذا الواقع الجديد، يبدو أن "عالم ما بعد أمريكا" لن يكون نهاية لأمريكا، بل بداية لعصر دولي جديد، تقف الصين في مقدمته.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search