الأربعاء، 24 سبتمبر 2025

02:10 ص

عمالقة التقنية وسوق السندات، الذكاء الاصطناعي يشعل سباق التمويل

الأربعاء، 24 سبتمبر 2025 12:21 ص

عمالقة التقنية وسوق السندات

عمالقة التقنية وسوق السندات

في الوقت الذي يشهد فيه العالم طفرة في تمويل الذكاء الاصطناعي، اختارت شركات التقنية الصينية العملاقة طريقًا مختلفًا عن نظيراتها الأمريكية، دخول سوق السندات بقوة بدلاً من بيع الأسهم، إنها لعبة تمويل استراتيجية تحركها اعتبارات اقتصادية، وتقنية، وجيوسياسية في آنٍ معًا.

تمويل الذكاء الاصطناعي

من الابتكار إلى الاستثمار.. التمويل أولاً

تتصاعد وتيرة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي عالميًا منذ ظهور تشات جي بي تي chatgpt من أوبن إيه آي OpenAI، لكن الشركات الصينية وجدت نفسها مضطرة لمضاعفة إنفاقها بعد أن ظهرت نماذج محلية مثل ديب سيك DeepSeek لتثبت أن الهيمنة التقنية الأمريكية لم تعد حتمية.

أمام هذا الواقع، جمعت شركات مثل علي بابا وتينسنت وبايدو أكثر من 5 مليارات دولار في سبتمبر 2025 وحدة، في سباق محموم لتمويل البنية التحتية والخوارزميات والتوسع في الخدمات السحابية.

الانفاق الصيني على الذكاء الاصطناعي قد يتجاوز 32 مليار دولار في عام 2025، مقارنة بأقل من 13 مليارًا في 2023، محققًا قفزة تمويلية غير مسبوقة.

لماذا السندات وليس الأسهم؟

تلجأ هذه الشركات إلى سوق الدين لعدة أسباب استراتيجية:

1. تجنب تخفيف ملكية الأسهم: إصدار سندات بدلاً من أسهم يجنب المساهمين الرئيسيين فقدان السيطرة، ويمنع انخفاض قيمة السهم الذي غالبًا ما يرافق الطروحات الجديدة.

2. انخفاض تكلفة الاقتراض: أسعار الفائدة المنخفضة نسبيًا في الصين، والتوقعات بمزيد من الخفض عالميًا، تجعل من إصدار السندات أداة تمويل جذابة من حيث التكلفة.

3. الطلب القوي من المستثمرين: تعد ما يعرف بـسندات “ديم سوم”، سندات مقومة باليوان تصدر خارج البر الصيني، خصوصًا في هونج كونج، اليوم من الأصول المفضلة للمستثمرين الباحثين عن عوائد ثابتة، لا سيما في ظل تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني وتذبذب أسواق الأسهم.

صراع أمريكي صيني

"ديم سوم" تعود إلى الواجهة

سندات "ديم سوم" ليست ظاهرة جديدة، لكنها اكتسبت زخمًا جديدًا مع تنامي الطموحات التقنية، جمعت "بايدو" 4.4 مليار يوان في إصدار سبتمبر، وعادت "تينسنت" إلى الساحة بعد أربع سنوات من الغياب، بينما تدرس "ميتوان" إصدارها الأول.

أضف إلى ذلك أن علي بابا أصدرت سندات قابلة للتحويل بقيمة 3.2 مليار دولار، وهي أداة هجينة تمنح المستثمرين خيار التحول إلى أسهم لاحقًا، ما يخفض تكاليف التمويل مع الإبقاء على مرونة مستقبلية.

اقرأ أيضًا:

فاتورة الذكاء الاصطناعي تتضخم.. من حل سريع إلى رفاهية باهظة

من الذكاء الاصطناعي إلى المنافسة في السوق المحلي

ليست نماذج اللغة والتطبيقات الذكية وحدها ما يدفع هذا الإنفاق، بل حتى قطاعات تقليدية نسبيًا مثل توصيل الطعام، دخول جيه دي هذا السوق أثار حرب أسعار وابتكارات تقنية، ما اضطر شركات مثل علي بابا وميتوان إلى ضخ استثمارات جديدة في أنظمة ذكاء اصطناعي لتحسين الكفاءة وخفض التكاليف.

الرسالة واضحة: الذكاء الاصطناعي لم يعد خيارًا تقنيًا، بل ضرورة تنافسية في بيئة اقتصادية أكثر تعقيدًا.

الشركات الأمريكية

مقارنة مع الشركات الأمريكية.. فارق الحجم والنهج

رغم هذه الجهود، تبقى الأرقام الصينية متواضعة مقارنة بنظرائها الأمريكيين، ومن المتوقع أن تنفق كبرى شركات وادي السيليكون، المتمثلة في ميتا، ومايكروسوفت، وأمازون، وأبل، وألفابت، وأوراكل، أكثر من 390 مليار دولار على التكنولوجيا هذا العام وحده، وهو ما يزيد عن ضعفي ما أنفقته العام الماضي.

لكن الشركات الصينية تلعب بورقة أخرى.. الكفاءة، اعتمادها على نماذج منخفضة التكلفة، مثل التي طورتها ديب سيك، يجعل من استراتيجيتها أكثر استدامة في ظل قيود التمويل والتقنية المفروضة من واشنطن.

 

اقرأ أيضًا:

وادي السيليكون يضع كل رهاناته في سلة واحدة، هل تنفجر فقاعة الذكاء الاصطناعي؟

منظور جيوسياسي.. التمويل في ظل الحظر

ألقى الصراع التكنولوجي بين الصين والولايات المتحدة بظلاله على التمويل، فالحظر على تصدير الرقائق المتقدمة، ومنع إنفيديا من بيع تقنياتها للصين، رفع من أهمية تطوير رقائق محلية ومراكز بيانات ذاتية، ما زاد الحاجة للتمويل.

بالتالي، فإن هذا الاندفاع نحو سوق السندات لا يخدم فقط النمو التقني، بل يشكل أيضًا استجابة استراتيجية لضغوط جيوسياسية متصاعدة.

التحول الرقمي الصيني

هل تكون هذه مجرد البداية؟

ربما يكون ما نشهده اليوم بداية لحقبة جديدة من تمويل تقني مقوم باليوان، وإذ يُتوقع أن تتحول سندات "ديم سوم" إلى أداة رئيسية لدعم التحول الرقمي الصيني في السنوات القادمة.

وبينما تواصل الشركات الناشئة مثل "مونشوت" و"ميني ماكس" جمع تمويلات متواضعة من المستثمرين المحليين ومؤسسات الدولة، فإن المشهد العام يظهر بوضوح، الذكاء الاصطناعي بات المحور الأساسي للتمويل والإستراتيجية الصناعية في الصين الحديثة.

المال في خدمة المستقبل

بينما تتنافس القوى العالمية على التفوق في الذكاء الاصطناعي، تبدو معركة التمويل هي الساحة الخلفية لهذا الصراع، وشركات التقنية الصينية، التي لطالما تميزت بالقدرة على التكيف، اختارت أدواتها بدقة، السندات، لا الأسهم، والكفاءة، لا البذخ.

قد لا تكون المعركة فقط حول من يمتلك النموذج الأذكى، بل من يملك النموذج القابل للتمويل والاستمرار.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search