الثلاثاء، 16 سبتمبر 2025

05:12 م

الدكتورة نادية المرشدي تكتب.. حين يُستبدل الأكفاء بأصحاب الملايين.. مصر إلى أين؟

الثلاثاء، 16 سبتمبر 2025 02:57 م

الدكتورة نادية المرشدي

الدكتورة نادية المرشدي

نادية المرشدي

في وقت تتسابق فيه الدول على استقطاب الكفاءات الوطنية والعقول المبدعة، ما زالت مصر تمارس سياسة الإقصاء والتهميش تجاه أبنائها الأكثر كفاءة وخبرة، فبدلًا من تقدمهم الصفوف الأولى لإدارة الملفات الاقتصادية والاجتماعية، يُستبعدون لصالح أصحاب المال والنفوذ أو الموالين بلا خبرة، لتخسر الدولة أعظم ما تملك: عقولها.

القرارات الاقتصادية والاجتماعية تصدر وكأنها ارتجال بلا دراسات، في غياب واضح لأصحاب التخصص والكفاءة، النتيجة: سياسات متخبطة، أزمات متراكمة، وخسائر يدفع ثمنها المواطن وحده، كيف تُبنى دولة حديثة بينما الخبرات الوطنية تُقصى إلى الهامش أو تُجبر على الهجرة بحثًا عن فرصة حقيقية.

الواقع أشبه بوجود "جورباتشوف مصري" داخل منظومة الحكم، يعمل على إبعاد العقول المستقلة التي تملك رؤية وحلولًا، ويفسح المجال لأصحاب المال- أيًا كان مصدره- في رسم السياسات والتأثير على القرارات. هذه المعادلة لا تقود إلا لمزيد من الفساد والشللية وضياع الفرص.

حتى في الاستحقاقات الانتخابية، تغيب الكفاءات المستقلة التي يمكن أن تقدم بدائل وأفكارًا إصلاحية في بلد يتجرع ويلات إخفاقات اقتصادية متراكمة منذ عقود، الترتيبات المسبقة تُقصيهم، فيتحول المشهد إلى صراع شكلي بلا مضمون.

المواطن بات يدرك هذه الحقيقة جيدًا، ولذلك يعزف عن المشاركة، لأنه لم يعد يرى نفسه ممثلًا في هذا المشهد العبثي، مصر لن تنهض إلا بأبنائها الأكفاء، لا تنمية بلا خبرة، ولا إصلاح بلا عقول حرة مبدعة.

المطلوب فتح الأبواب أمام الكفاءات الوطنية في كل القطاعات، ومنحها الفرصة الحقيقية للعمل والمشاركة في اتخاذ القرار، فالإقصاء ليس فقط ظلمًا للأفراد، بل خسارة فادحة للوطن بأسره.

إن أخطر ما يواجه مصر اليوم ليس الديون ولا التضخم وحدهما، بل غياب العقول التي يمكن أن تضع حلولًا، الوطن لا ينهض بالولاء فقط، بل بالكفاءة أولًا: إن الوطن بدون كفاءات سفينة بلا بوصلة.

Short Url

search