الإثنين، 15 ديسمبر 2025

04:41 م

شيماء جمال تكتب.. التربية المالية لأطفالنا بلا وعي مالي

الإثنين، 15 ديسمبر 2025 02:39 م

شيماء جمال

شيماء جمال

أعزائي القراء، سوف ننشغل بما نطرحه حاليًا، وهو: ماذا نعرف عن التربية المالية لأطفالنا؟ فهذه التربية نافعة لمستقبل جيل سابق لآوانه، كما أنه سابق للتكنولوجيا الصاخبة التي باتت تثير فضول وسجية أطفالنا، ورغم ذلك، فإن التربية المالية لازمة وضرورية؛ فهي ليست رفاهية ولا مادة اختيارية، بل تُعد مهارة حياتية مستقبلية ينبغي تعليمها والتدريب عليها، تمامًا مثل السباحة وركوب الخيل.

لذلك أرجو من الوالدين أن يكونوا على دراية ووعي كاملين بكيفية التعليم المبكر، حتى لا يغرق أبناؤهم في مستقبل بلا إدارة مالية، ومن منطلق بسيط يخص البزنس والعمل والاجتهاد، نقول إن التربية المالية تُعدّ الطفل لأن يكون مديرًا للموارد منذ الصغر، لا مجرد مستهلكٍ ماهر.

الفكرة هنا أن الطفل لا يتعلم مبادئ البورصة أو الشهادات والودائع المالية بالبنوك، ولا حتى عن الفوائد المركبة، وهو في المرحلة الابتدائية، فـ70٪ من الأطفال يكتسبون سلوكهم المالي من الأسرة وليس من المدرسة، وأكثر من 60٪ من العادات المالية تتكوّن قبل سن السابعة، وفقًا لدراسات سلوكية حديثة، إذ يبدأ دماغ الطفل في البرمجة على ثلاثة مبادئ أساسية، كالتالي:

أولًا: المال مورد محدود وهذا يعني أن الطفل حين يرى الأب يُخرج المال من جيبه بلا حساب، يكبر وهو يعتبر والده صرّافًا آليًا (ATM). لذلك يجب أن يتعلم أن أي مال أو جنيه له تكلفة وثمن، وله بدائل، وله قرار.

ثانيًا: الاختيار له ثمن بمعنى أنه إذا صُرف المال على لعبة معينة اليوم، فلن تُشترى غدًا، وهذا أول درس في إدارة المخاطر بنسخة الطفل.

ثالثًا: ليس كل رغبة يجب أن تُلبّى في الحال وهذا جانب نفسي قبل أن يكون ماليًا؛ فالتأجيل، والصبر، والتحكم في الاندفاع، كلها مهارات رجال الأعمال، لذا عليك البدء من سن الخامسة، وليس بعد أول إفلاس.

وتهدف التربية المالية لأطفالنا إلى تعليم الطفل الفرق بين ما يريد وما يحتاج، بالإضافة إلى أن يشعر بقيمة المجهود لا بقيمة الطلب، وحينما يكبر تدريجيًا، يبدأ في تقليل القلق المالي لمعرفة كيف يقتصد، كما يتعلم قيمة كلمة "لا" بمفهومها البسيط: الميزانية لا تسمح، فهذه جملة ناضجة جدًا نفسيًا.

فنحن لا نريد أن يكون أولادنا أغنياء، بل نريدهم واعين ماليًا، قادرين على الاقتصاد، والادخار، والصرف بحكمة، فالتربية إدارة، وإدارة بلا أرقام ـ يا سادة ـ تُعد فوضى عارمة لا تُبشّر بمستقبل باهٍ لأطفالنا.

Short Url

search