مصر تكتب عقدًا اقتصاديًا جديدًا وخبراء يحذرون: سعر الصرف قنبلة موقوتة
الأربعاء، 10 سبتمبر 2025 02:14 م

صندوق النقد الدولي - مصر
أثارت تصريحات الدكتور محمد معيط، المدير التنفيذي لصندوق النقد، بإصلاحات هيكلية جديدة “برنامج وطنى للتنمية الشاملة والمستدامة والإصلاحات الهيكلية المستمرة”، من صندوق النقد الدولي، والدكتور محمود محي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية، بأنه آن الأوان لمصر أن تتبنى نهجا مختلفا تماما عما كان عليه الوضع مع الصندوق الذي أوشك على الانتهاء، تساؤلات في وسط الخبراء والمحللين الاقتصاديين بمصر.
وتستعد مصر لإطلاق رؤية ما بعد صندوق النقد الدولي وهي برنامج يمتد لخمس سنوات ويعيد تعريف دور الدولة في الاقتصاد ويضع مستهدفات كمية لكافة القطاعات، ويرصد موقع «إيجي إن» في السطور التالية أبرز الرؤى والتفاصيل.

نتائج تطبيق برنامج صندوق النقد الدولي المطبق حاليا
قال سيد عبد العال، رئيس حزب التجمع، إن الحكومة تنظر إلى نتائج تطبيق برنامج صندوق النقد الدولي المطبق حاليا، بشكل أحادي على الخارج فقط دون النظر إلى الأوضاع الداخلية، وحاليا تركز على ما يسمى بالتدفقات الدولارية وتحويلات المصريين بالخارج التي تجاوزت 36.5 مليار دولار، وارتفاع الاحتياطي النقدي إلى 49 مليار دولار، مؤكدًا أنه ومن ناحية الماليات فهناك نوع من التحسن في المؤشرات الاقتصادية.
أسعار الدولار والفائدة قرب انتهاء برنامج صندوق النقد الدولي
وأضاف عبد العال في تصريحات خاصة لموقع «إيجي إن»، أنه على مستوى الاقتصاد الحقيقي، فالبنك المركزي رفع أسعار الفائدة إلـى مستويات غير مسبوقة، وفى الوقت نفسه يفتح الباب على مصراعيه لدخول وخروج الأموال من الاقتصاد، وبالتالي أصبحت مصر سوقا مربحًا للمستثمرين سواء للمستثمرين المحليين والأجانب، فالدولار عند حاجز 50 جنيهًا والفائدة تتخطى 20%، وذلك لا يعتبر تحسن في مستوي الاقتصاد الحقيقي، مثل الصناعة والزراعة، لكن بعض القطاعات شهدت تحسنا مثل قطاع الاتصالات والتعهيد.

تزايد الدين الخارجي والدين الداخلي
وقال عبد العال، إن المحصلة النهائية جعلت الاقتصاد يعاني عجزا مزمنا في الميزان التجاري نتيجة الانفاق والاستهلاك بدرجة أكبر من الإنتاج وعجزا مزمنا في الموازنة العامة للدولة جاءوا ناتجا عن انخفاض الإيرادات، وهذا هو الخطر فهذا الوضع يفرز نوعين من الدين وهما الدين الخارجي لتمويل الاستيراد والمشروعات والدين الداخلي لتمويل عجز الموازنة، وبالتالي تزايد الدين العام بشكل مطرد دون وجود خطة واضحة لوقف هذا الدين.
برنامج جديد لـ 5 سنوات المقبلة بعد صندوق النقد الدولي
وأشار عبد العال، إلى أن تصريح رئيس الوزراء بشأن إعداد تصور واضح الرؤية للدولة لمختلف أوجه التنمية والاقتصاد المصري حتى عام 2030، وهو ما يعد ما بعد برنامج صندوق النقد وطرحها للحوار المجتمعي لمدة شهرين يشير إلى أن بداية تطبيق الاستراتيجية المقترحة بداية العام المقبل.

ورحب رئيس حزب التجمع باتجاه الحكومة لبدء برنامج للسنوات الخمس المقبلة في أعقاب انتهاء برنامج صندوق النقد الدولي، وهو اتجاه جيد للابتعاد عن صندوق النقد الدولي، حيث أن مصر طبقت برنامج الصندوق الذي يتمثل في الإدارة الاقتصادية الكلية، وهو ما يمكن أن نطلق عليه الثالوث المستحيل، وهو عبارة عن 3 أهداف أعلن عنها صانع السياسة الاقتصادية تحقيقها في آن واحد، وهي: استقرار سعر الصرف، وآلية دخول وخروج الأموال من الدولة والهدف الثالث استقلال السياسة النقدية، وهي أهداف من المستحيل تحقيقها في آن واحد، لأنه إذا نجح في تحقيق هدفين، فإن الهدف الثالث لا يتحقق.
أسس السياسة الاقتصادية الكلية
وشدد عبد العال، على أنه لا بد من تغيير أسس السياسة الاقتصادية الكلية، ومنها وضع ضوابط على دخول وخروج الأموال الساخنة الاستثمار غير المباشرة فوزارة المالية تصدر سندات وأذون الخزانة بهدف جمع هذه الأموال دون أن يكون لها مردود على أرض الواقع، فالهدف هو جمع الأموال وليس الاستثمار.

نظام سعر الصرف وبديل ربط الجنيه المصري بالدولار
وبالنسبة لنظام سعر الصرف، قال عبد العال إنه طريقة لتحديد سعر الجنيه أمام العملات الأخرى، والنظام الحالي يقوم على تحديد البنك المركزي قيمة الجنيه أمام الدولار، ثم يحدد قيمة الجنيه أمام العملات الأخرى مثل اليورو والجنيه الإسترالينى والين الياباني بعلاقة هذه العملات بالدولار، فنظام سعر الصرف معتمد على الدولار، والبنك المركزي يتدخل للحفاظ على قيمة الجنيه سواء بيع أو شراء الدولار.
وأوضح عبد العال، أن هذا النظام خاطئ، لأنه يربط الجنيه المصري بالدولار، فربط العملة المحلية بعملة دولة أخرى له شروط من أهمها أن تكون عملة هذا البلد تمثل أهمية كبرى سواء على مستوى التعاملات التجارية أو الاستثمارية أو القروض، وبالنسبة لمصر، الدولار ليس أهم العملات فى التعامل، فحجم التعامل التجاري مع أمريكا لا يمثل سوى 16% من حجم تعاملاتنا التجارية، فيما يمثل الاتحاد الأوروبي نحو ثلث المعاملات التجارية مع مصر، وبالتالي ليس هناك مبرر لربط الجنيه بالدولار الأمريكي.

وأشار عبد العال، إلى أن ربط الجنيه بعملة واحدة تضر بتنافسية الإنتاج سواء فى الأسواق الداخلية أو الخارجية، لأن التضخم فى مصر أعلى مقارنة بالدول الأخرى، وبالتالي يصبح الجنيه مقومًا بأعلى من قيمته بالنسبة لتلك الدول.
بديل سعر الصرف في البرنامج الجديد
وأوضح أن البديل هو ربط الجنيه المصري بسلة عملات، ويتم اختيار هذه العملات وفقًا لعلاقات مصر التجارية والاستثمارية والقروض بحسابات دقيقة، أو ربطه بحقوق السحب الخاصة لدى صندوق النقد الدولى، والعملات المستخدمة فى حقوق السحب الخاصة هى الدولار الأمريكي والجنيه الإسترالينى واليورو والين اليابانى واليوان الصيني هذه العملات الخمس تمثل نحو 85% من تعاملات مصر سواء التجارية أو الاستثمارية أو القروض،
وأضاف عبد العال، أن سعر الصرف قنبلة موقوتة وكل فترة يشهد عدم استقرار وهى قضية مهمة لا تحتمل التأجيل، والحكومة لا تريد تعديل سياسة سعر الصرف، ففى عام 2022 صرح القائم بأعمال البنك المركزي أنه سيتم تحديد سعر الصرف على أساس الذهب ومجموعة من العملات وهو ما لم يحدث.

منطق إدارة الأزمات خلال 10 سنوات مع برنامج صندوق النقد الدولي
وتعليقًا على ذلك، قال الدكتور محمد فؤاد، الخبير الاقتصادي، أن التصريحات التلفزيونية للدكتور محمود محيى الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية، أثارت جدلًا واسعًا فى الأوساط الاقتصادية والسياسية المصرية، حيث أشار بوضوح إلى أن الاقتصاد المصرى ظل خلال العقد الماضى محكومًا بمنطق إدارة الأزمات، وأن الوقت قد حان للانتقال إلى برنامج اقتصادى جديد مختلف عن برامج صندوق النقد الدولى التقليدية.
وقال فؤاد في تصريحات خاصة لموقع «إيجي إن»، إن هذه التصريحات دفعت كثيرين إلى تأويلها باعتبارها دعوةً إلى وقف التعاون مع الصندوق أو إعلانًا عن فشل البرنامج الحالي، غير أن التدقيق فى مضمونها يظهر أن الرجل لم يكن بصدد إعلان قطيعة أو تقويض لما تحقق، بل كان يؤكد على أن المرحلة النقدية والمالية، على أهميتها، لم تعد كافيةً وأن مصر بحاجة إلى انتقال إلى مسار أشمل وأكثر استدامة، وهنا يكمن الفارق الجوهرى بين انتهاء البرنامج كمسار طبيعى وبين فشله كحكم قاطع.

أهم المؤشرات الاقتصادية أثناء برنامج صندوق النجد الدولي
وأضاف فؤاد، أن برنامج الإصلاح الاقتصادى 2016 مع صندوق النقد الدولي أتاح انفراجًا مرحليًا، حيث تم تحرير سعر الصرف، وارتفعت الاحتياطيات إلى أكثر من أربعين مليار دولار، ونجحت الحكومة فى تحقيق فائض أولى تجاوز اثنين% من الناتج وتقليص عجز الموازنة، ولكن بقيت المعضلة الهيكلية دون معالجة حقيقية، فالاستثمار الخاص ظل ضعيفًا عند حدود عشرة إلى اثنى عشر فى المئة من الناتج، أى أقل من نصف المتوسط فى الأسواق الصاعدة، بينما ظلت الصادرات غير النفطية محدودة دون عشرين مليار دولار لسنوات طويلة. صحيح أن البطالة انخفضت فى الإحصاءات الرسمية.
وأوضح، أن التشغيل ظل معتمدًا على توسع حكومى ومشروعات كبرى أكثر مما هو قائم على ديناميكية سوق حرة، وهكذا عادت مصر إلى ما وصفه الدكتور محيى الدين باقتصاد إدارة الأزمات، أى نجاحات مالية مؤقتة لا تكفى لتأسيس نمو تنافسى أو تنمية مستدامة.

وقال فؤاد، أن جوهر المشكلة أن مصر فى معظم محطاتها الإصلاحية لم تكمل الطريق للنهاية، فالإصلاحات النقدية والمالية، مثل تحرير سعر الصرف وضبط الموازنة وتحقيق فائض أولى، عادة ما تنفذ بجدية فى بدايات البرامج، لكن الشق الهيكلى المتعلق بإصلاح بيئة الأعمال وتوسيع القاعدة الإنتاجية وتقليص بصمة الدولة وتحفيز الاستثمار الخاص سرعان ما يتعرض للتباطؤ أو التراجع، وهذه الظاهرة ليست جديدة، فيبقى النصف الأهم، الهيكلى والتنموى، مؤجلًا أو مجتزًا، وبهذا تصبح العلاقة مع الصندوق أشبه بترتيب نصف إصلاح، نجاح فى السيطرة على الأزمات قصيرة الأجل، يقابله فشل فى بناء قاعدة نمو طويلة الأمد. وهو ما يفسر استمرار مصر فى حالة من إرهاق الإصلاح، حيث تتكرر الدورات نفسها بلا انتقال نوعى.
الرؤية البديلة والتحول من الاستدانة إلى الاستثمار
وأشار فؤاد إلى أن الرؤية البديلة التى يطرحها محيى الدين تقوم على التحول من الاستدانة إلى الاستثمار، وتغيير الأولويات بحيث يصبح خفض تكلفة التمويل وتمكين القطاع الخاص وتحسين بيئة الأعمال وتوجيه الإنفاق العام نحو التعليم والصحة والبنية التكنولوجية وتنمية المحافظات أدوات أساسية لبناء اقتصاد تنافسى قادر على الصمود أمام الصدمات الخارجية. بكلمات أخرى، المطلوب تمرد على منطق إدارة الأزمات لصالح بناء اقتصاد إنتاجى تنافسى يملك مقومات النمو المستدام.
_1758_043118.jpg)
وأضاف فؤاد، أن تصريحات الدكتور محمود محيى الدين، مطلع الأسبوع الماضي ليست دعوة للخروج عن السياق، بل هى تشخيص صريح للحظة فارقة: إما أن تستمر مصر فى الاعتماد على برامج صندوق النقد وإدارة الأزمات، أو أن تكتب عقدًا اقتصاديًا جديدًا يركز على الاستثمار والإنتاج والعدالة الاجتماعية.
وأكد الخبير الاقتصادي، أن الجدل الدائر بين مَن يرى فى تصريحاته إعلان فشل، ومَن يراها دعوة إلى مسار جديد يعكس سوء فهم لطبيعة البرامج نفسها، فالفشل لم يحدث، لكن النجاح الجزئى لم يعد كافيًا، مصر تحتاج اليوم إلى ما يتجاوز الاستقرار المالى، إلى ما يبنى اقتصادًا يليق بدولة تشكل أكثر من واحد فى المئة من سكان العالم، ويجب أن يكون اقتصادها فى المكانة ذاتها على خريطة الناتج العالمى.
اقرأ أيضًا:
خزيم: الحكومة الحالية اتخذت قرارات عشوائية، بسبب اللجوء للأموال الساخنة في 2022
نهاية الإصلاح مع صندوق النقد والبحث عن برنامج تنموي جديد.. خبراء يقيمون تجربة مصر
80 عامًا من إدارة الأزمات والبحث عن الاستدامة، رحلة مصر مع صندوق النقد
أقوى 5 اقتصادات في العالم لعام 2025، من يهيمن على الناتج المحلي؟
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
من يقود السباق؟ الحصة السوقية لروبوتات الدردشة بالذكاء الاصطناعي في عام 2025
10 سبتمبر 2025 10:06 ص
المنازل الذكية، راحة بتكلفة مرتفعة.. وتحديات أمنية غير مرئية
09 سبتمبر 2025 09:38 م
أسعار النفط في مهب الريح وسط تحول استراتيجي لـ"أوبك+" وتزايد الإمدادات العالمية
09 سبتمبر 2025 07:26 م
أكثر الكلمات انتشاراً