الجمعة، 05 سبتمبر 2025

09:51 م

من واشنطن إلى أنقرة.. تدخل ترامب في الفيدرالي ينعش ذكريات التضخم التركي

الجمعة، 05 سبتمبر 2025 07:30 م

السياسة النقدية الأمريكية

السياسة النقدية الأمريكية

في خطوة فاجأت الأسواق العالمية وأثارت جدلًا واسعًا حول مستقبل السياسة النقدية الأمريكية، أقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي ليزا كوك، ليكون بذلك أول رئيس في تاريخ البنك الممتد منذ 111 عامًا يقدم على خطوة كهذه.

الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي

 

ضغوط متصاعدة على استقلالية الفيدرالي

ولم يكن قرار ترامب معزولًا عن سياق أوسع من الانتقادات العلنية التي وجهها مرارًا لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، والتي وصفها محللون بأنها تهديد مباشر لاستقلالية المؤسسة النقدية الأهم في العالم، جاء ذلك بعد أيام فقط من خطاب باول في منتدى جاكسون هول، الذي لمح فيه إلى إمكانية خفض أسعار الفائدة، وهو ما قد يتماشى ظاهريًا مع تطلعات ترامب السياسية، لكن على ما يبدو لم يكن كافيًا لوقف التصعيد.

وفي هذا السياق، بدأ المستثمرون يطرحون أسئلة مقلقة، هل سيقدم ترامب فعلًا على إقالة باول؟ وماذا لو أصبحت السياسة النقدية الأمريكية أداة انتخابية؟

 

البيت الأبيض يدافع.. لكن المخاوف تتزايد

في رد رسمي، أكد متحدث باسم البيت الأبيض، أن الاقتصاد الأمريكي يثبت نجاح سياسات ترامب في خفض التضخم، مشيرًا إلى أن الوقت قد حان لخفض الفائدة، لتخفيف العبء عن الأسر ودعم النمو الاقتصادي، لكن هذه التصريحات لم تهدئ مخاوف الاقتصاديين.

وزيرة الخزانة السابقة، جانيت يلين، حذرت من خطورة ما وصفته بالتدخل السياسي المباشر في عمل البنك المركزي، معتبرة أن ما يحدث أمرًا بالغ الخطورة قد يقوض الثقة العالمية في الدولار الأمريكي.

ليزا كوك وباول

 

دروس من أنقرة وبوينس آيرس

السيناريو الذي يخشاه كثيرون في واشنطن، شوهد بالفعل في دول أخرى كتركيا منذ عام 2018، والتي أصبحت نموذجًا لتأثير التدخلات السياسية في السياسة النقدية. 

وأقال الرئيس رجب طيب أردوغان، ثلاثة محافظين للبنك المركزي بسبب رفعهم أسعار الفائدة، ما ساهم في دفع التضخم إلى مستويات تاريخية 85.5% في أكتوبر 2022، وأدى إلى فقدان الليرة أكثر من نصف قيمتها في أقل من عامين.

أما الأرجنتين، فدفعت ثمنًا باهظًا لتدخل الحكومات المتعاقبة في عمل البنك المركزي، حيث لجأت إلى طباعة النقود لتمويل العجز، ما أدى إلى تضخم مفرط بلغ 292% في إبريل 2024، رغم محاولات الرئيس خافيير ميلي، لاحتواء الأزمة عبر استهداف استقرار الأسعار بدلًا من إغلاق البنك كما وعد في حملته الانتخابية.

 

تداعيات على الأسواق والدولار والدين

ويرى جورج سارافيلوس، الرئيس العالمي المشترك لأبحاث العملات في دويتشه بنك، أن الولايات المتحدة إذا سلكت طريقًا مشابهًا لما حدث في السبعينيات من تدخل سياسي في السياسة النقدية، فإن النتائج ستكون أسوأ بكثير هذه المرة، نظرًا لاختلاف البنية الاقتصادية، وتعاظم العجز المزدوج، وهو العجز في الموازنة والحساب الجاري.

وأضاف أن فقدان استقلالية الفيدرالي، قد يؤدي إلى فقدان ثقة المستثمرين الأجانب، الذين يملكون كميات ضخمة من الأصول الأمريكية، ما قد يدفعهم إلى بيعها بكثافة، وهو ما يضع ضغوطًا على الدولار، ويهدد استقرار سوق الدين الأمريكية.

جيروم باول

 

ما الذي يمكن أن يحدث فعلًا؟

وحتى اللحظة، تبقى إقالة جيروم باول مجرد احتمال غير مؤكد، خاصة وأن ولايته تنتهي في مايو المقبل، ومع ذلك، تشير المؤشرات إلى أن ترامب، لا يستبعد التصعيد القانوني، وهو ما قد يفتح بابًا لأزمة دستورية واقتصادية في آن واحد.

وفي حال فقد الفيدرالي استقلاليته فعلًا، فإن احتمال استخدام السياسة النقدية، لتحقيق أهداف انتخابية أو شعبوية يصبح واردًا، ما قد يؤدي إلى:-

  • فقدان الثقة في الدولار عالميًا.
  • ارتفاع حاد في عوائد السندات الأمريكية بسبب تزايد المخاطر.
  • موجة بيع للأصول الأمريكية من قبل المستثمرين الدوليين.
  • تضخم مفرط أو انكماش حاد بحسب طريقة التدخل.
  • تذبذب أسعار الفائدة والرهن العقاري، ما يضر بالأسر الأمريكية والقطاع العقاري.

 

استقرار الفيدرالي ليس رفاهية

وإذا كانت هناك رسالة واضحة من التجارب التركية والأرجنتينية، فهي أن العبث باستقلالية البنك المركزي لا يمر دون ثمن، وبينما يحاول ترامب تقديم نفسه على أنه منقذ الاقتصاد، يرى محللون أن إضعاف أدوات السياسة النقدية سيؤدي إلى زعزعة ثقة الأسواق، وربما يدفع الولايات المتحدة، إلى حافة أزمة مالية حقيقية.

وتبقى الاستقلالية المؤسسية للفيدرالي صمام أمان للاقتصاد الأمريكي، والمس بها، ولو بدوافع سياسية مؤقتة، قد يكون خطوة ذات عواقب لا يمكن التراجع عنها.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search