هل ينجو الاقتصاد الأمريكي من الركود التضخمي؟ بين مؤشرات التحسن وتحديات الغموض
السبت، 02 أغسطس 2025 06:20 م

الاقتصاد الأمريكي
وسط موجة من التوترات الجيوسياسية، وتقلبات التجارة العالمية، وعودة الحمائية الاقتصادية بصيغتها الصريحة، يجد الاقتصاد الأمريكي نفسه في قلب معادلة معقدة، وهي هل يستطيع الإفلات من الركود التضخمي، أم يواجه فقط هدوءًا يسبق العاصفة؟
منذ بداية العام، ومع تصاعد التوترات التجارية بفعل سياسات الرسوم الجمركية التي أعاد الرئيس دونالد ترامب فرضها بقوة، بدا أن أكبر اقتصاد في العالم يتجه إلى واحد من أسوأ السيناريوهات الاقتصادية الممكنة، وهذا السيناريو هو الركود التضخمي، وذلك المزيج السام من تباطؤ النمو وارتفاع الأسعار، الذي لا يمكن معالجته بسهولة بسياسات تقليدية، مثل خفض الفائدة أو تحفيز الطلب.
لكن في الأسابيع الأخيرة، برزت إشارات مغايرة دفعت بعض المحللين إلى التحدث عن سيناريو تفاؤلي حذر، تشير فيه الأرقام إلى زخم اقتصادي ملحوظ، وعودة تدريجية إلى مسار نمو متماسك.

اقرأ أيضًا:-
الاقتصاد الأمريكي يقفز لـ3% متجاوزًا التوقعات في الربع الثاني من 2025
مؤشرات أولية.. ولكن غير حاسمة
إن الاقتصاد الأمريكي ربما يكون على عتبة طفرة دورية، بدلًا من الدخول في دوامة ركود تضخمي، ويرتكز هذا التفاؤل على ثلاث ركائز رئيسية:-
- أجندة ترامب الداعمة للنمو، لا سيما في ما يتعلق بالتصنيع المحلي والذكاء الاصطناعي.
- الإنفاق الحكومي الضخم، الذي عزز من الطلب الداخلي، خصوصًا في مشاريع البنية التحتية والطاقة.
- نمط الانتعاش الهيكلي، حيث تظهر مؤشرات بنك أوف أمريكا، أن الاقتصاد الأمريكي في مرحلة إقلاع ضمن دورته الاقتصادية.
لكن هذه التقديرات، رغم أهميتها، لا تلغي المخاطر بالكامل، فالأسواق تترقب عن كثب بيانات النمو والتضخم في الربع الثالث من العام، التي ستحدد بشكل واضح ما إذا كانت المرحلة الحالية مجرد انتعاش مؤقت أم بداية لتحول طويل الأجل.

أداء الأسواق لا يعكس الواقع تمامًا
في مفارقة لافتة، واصلت أسواق الأسهم الأمريكية أداءها القوي حتى في ذروة التوترات التجارية، وهذا الثبات النسبي أثار تساؤلات حول سر هذا التفاؤل، خاصة أن الأسواق المالية عادة ما تكون أول من يستشعر الصدمات الاقتصادية.
إن المستثمرين يتحركون وفق توقعات خفض الفائدة واستقرار سوق العمل، وليس بناءً على أرقام التضخم وحدها، إذ لا تزال نسبة البطالة متماسكة نسبيًا، ومعدلات التوظيف تواصل النمو بوتيرة معتدلة، ما يمنح الأسواق ثقة بأن الاقتصاد لم ينزلق بعد إلى فخ الركود الكامل.
اقرأ أيضًا:-
الدين السيادي لا يصوت، دروس قاسية لترامب من أرقام الاقتصاد الأمريكي
هل انتهى خطر الركود التضخمي؟
العديد من الاقتصاديين لا يوافقون على أن الخطر قد زال تمامًا، فبحسب تقديرات FXPro، لا تزال فرص حدوث ركود تضخمي قائمة بنسبة 40 إلى 50% خلال الأشهر المقبلة، ويرتبط هذا التقدير بعدة عوامل:-
- استمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات، ما يُبقي معدلات التضخم أعلى من النطاق المستهدف.
- تباطؤ وتيرة النمو الحقيقي، خصوصًا في القطاعات المعتمدة على التصدير والتكنولوجيا.
- ضبابية المشهد التجاري، مع اقتراب انتهاء مهلة الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب في يوم التحرير، والتي قد تعيد الضغط على سلاسل الإمداد وتكاليف الإنتاج.
ولعل المعضلة الأكبر تكمن في أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، لم يعد يمتلك حرية المناورة الكاملة، ففي حال استمر التضخم مرتفعًا، سيُضطر إلى الإبقاء على الفائدة مرتفعة لفترة أطول، وهو ما قد يثبط النمو، أما إذا خفضها سريعًا، فقد يخاطر بتسارع التضخم من جديد.

بين الفيدرالي وترامب.. تناقض السياسات وتوتر الأسواق
السياسة الاقتصادية الأمريكية تبدو وكأنها تعيش حالة من الانقسام الداخلي، ففي حين يواصل ترامب سياساته الحمائية التصعيدية، لا سيما في التجارة، يسعى الفيدرالي إلى احتواء التضخم عبر التشديد النقدي، وهذا التباين بين السياسة المالية والنقدية، يخلق ما يشبه الشد والجذب، ويزيد من حالة الترقب في الأسواق.
ويبدو أن ترامب، من خلال إنفاقه الضخم على مشاريع الذكاء الاصطناعي والتصنيع، ويراهن على تحقيق نمو قصير المدى يُسكت المخاوف، حتى وإن كان ذلك على حساب استقرار الأسعار، وفي المقابل، يقف الفيدرالي في موقع الدفاع، محاولًا ضبط إيقاع الاقتصاد وتفادي الانزلاق نحو أزمة طويلة الأمد، رغم كل ما يلاقيه من ضغوطات.
اقرأ أيضًا:-
الاقتصاد الأمريكي في مواجهة العواصف العالمية، قوة حقيقية أم هشاشة خفية؟
بين الأمل والهاوية
الاقتصاد الأمريكي في 2025 يقف على مفترق طرق، فمن جهة، هناك بيانات مشجعة تعكس صمودًا ملحوظًا في سوق العمل وتحسنًا في بعض مؤشرات الإنتاج والنمو، ومن جهة أخرى، تستمر مخاطر التضخم والركود معًا في رسم مشهد رمادي، تتداخل فيه السياسات مع الحسابات السياسية والضغوط الدولية.

ما سيحدد مصير الاقتصاد الأمريكي في النصف الثاني من العام، هو تفاعل ثلاثة عناصر رئيسية:-
- اتجاه معدلات التضخم، وهل ستعود إلى الاستقرار دون تدخلات عنيفة.
- قدرة الفيدرالي على إدارة السياسة النقدية بتوازن ومرونة.
- نتائج الربع الثالث من النمو والتوظيف، التي ستكون الحكم الفصل على صمود الاقتصاد الأمريكي أو انزلاقه نحو المجهول.
ورغم كل ذلك، لا تزال الأسواق تحتفظ بهامش من التفاؤل المشروط، في انتظار ما ستسفر عنه الأشهر المقبلة، فإما أن يتحقق الهبوط السلس المنتظر، أو أن تنفجر الفقاعة بصوت أعلى من التوقعات.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
الفيدرالي مقابل البنك الأوروبي، صراع الفوائد يغير خريطة التمويل العالمي
03 أغسطس 2025 04:41 م
15 مليار دولار، مصر تتصدر شمال أفريقيا بعائدات سياحية قياسية في النصف الأول من 2025
03 أغسطس 2025 03:21 م
«الطريق إلى بكين»، إفريقيا تفر من رسوم ترامب إلى الصين
03 أغسطس 2025 02:51 م
أكثر الكلمات انتشاراً