الثلاثاء، 02 سبتمبر 2025

02:24 ص

الإقالات في عهد ترامب.. عندما تصبح الاستقلالية المؤسسية خصمًا سياسيًا

الإثنين، 01 سبتمبر 2025 10:11 م

دونالد ترامب

دونالد ترامب

في لحظة سياسية مشحونة، تكشف سلسلة الإقالات الأخيرة في إدارة الرئيس دونالد ترامب عن نمط متصاعد، إعادة تشكيل السلطة التنفيذية بما يخدم مركزية القرار السياسي، حتى وإن كان ذلك على حساب استقلال مؤسسات يفترض أن تكون فنية، وموضوعية، ومحايدة.

باول وليزا كوك

قد تبدو إقالة خبير صحي أو مسؤول اقتصادي خبرًا إداريًا عابرًا، لكن الحقيقة الاقتصادية تختلف، هذه التغييرات، إذا نظر إليها كنسق متكامل، تنذر بتحول خطير في آلية صنع القرار الاقتصادي في الولايات المتحدة، وتهدد الثقة التي يعتمد عليها الاقتصاد الأمريكي في الداخل والخارج.

الفيدرالي.. تهديد لاستقلال السياسة النقدية

تعد إقالة ليزا كوك، عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، واحدة من أخطر الخطوات، ويعد الفيدرالي حجر الزاوية في الاستقرار الاقتصادي الأمريكي، واستقلاله يطمئن الأسواق بأن القرارات المتعلقة بأسعار الفائدة والتضخم تتخذ بناءً على معايير اقتصادية، لا سياسية.

لكن مع طرد كوك استنادًا إلى اتهامات غير مثبتة، ومحاولات ترامب المستمرة للسيطرة على مجلس الفيدرالي، تنشأ مخاوف كبيرة من أن تتحول السياسة النقدية إلى أداة انتخابية. 

خفض معدلات الفائدة لخدمة أهداف سياسية قصيرة الأجل قد يلهب التضخم ويضعف الدولار، ويقوض الثقة العالمية في الاقتصاد الأمريكي.

 

اقرأ أيضًا:

"زلزال" في واشنطن، ترامب يُقيل ليزا كوك ويهدد استقلالية الاحتياطي الفيدرالي

 

الإحصاءات الرسمية.. عندما يشكك القائد في الأرقام

أما إقالة الدكتورة إريكا مكنترفر، رئيسة مكتب إحصاءات العمل، فتمثل هزة في صميم الشفافية الاقتصادية، اتُهمت زورًا بتسييس بيانات الوظائف، رغم أن منصبها تقني بحت. 

بل في الواقع، البيانات التي تنتجها BLS تستخدم كمرجع حاسم في أسواق الأسهم والقرارات الاستثمارية الحكومية والخاصة.

التشكيك في مصداقية البيانات الاقتصادية، أو تسييسها، يعد سلوكًا يرتبط غالبًا باقتصادات فاشلة أو أنظمة سلطوية مثل روسيا وتركيا، حيث تستخدم الأرقام لتجميل الواقع، والنتيجة كارثية تمثلت في فقدان المستثمرين الثقة، وزيادة تقلبات السوق، وهروب محتمل لرؤوس الأموال.

دونالد ترامب

الصحة العامة كمخاطرة اقتصادية

في قطاع الصحة، قد يبدو عزل مديرة مركز السيطرة على الأمراض CDC شأنًا بعيدًا عن الاقتصاد، لكنه ليس كذلك، فالمخاطر الصحية غير المدارة كالأوبئة أو ضعف معدلات التلقيح يمكن أن تكلف الاقتصاد الأمريكي مئات المليارات من الدولارات، كما أثبتت جائحة كوفيد-19.

مع تصاعد نفوذ وزير الصحة روبرت كينيدي جونيور، المعروف بعدائه للقاحات، تتراجع الثقة في السياسات الصحية الأمريكية، وتهدد البنية الوقائية ضد الأوبئة، وهذا بدوره يعرض الاقتصاد لمخاطر متجددة في حال انتشار أمراض معدية كانت سابقًا تحت السيطرة.

اقرأ أيضًا:

ترامب يهاجم الاحتياطي الفيدرالي، ومطالبات بإقالة "ليزا كوك"

تسييس المعلومات الاستخباراتية والقرارات العسكرية

التحكم في التقارير الاستخباراتية، كما يظهر من خلال إقالة مسؤولين في وكالة الاستخبارات الدفاعية DIA، يثير القلق بشأن الشفافية في تقييم المخاطر الجيوسياسية.

وإذا أصبحت تقارير الأمن القومي تعدل لخدمة سردية سياسية، فإن ذلك يعطل قدرة المستثمرين والشركات متعددة الجنسيات على توقع اتجاهات المخاطر العالمية.

كما أن تسييس المؤسسة العسكرية من خلال الإقالات واسعة النطاق في صفوف القيادة العليا قد يفقد الولايات المتحدة هيبتها الدولية، ويقلق الشركاء الدوليين والمستثمرين من عدم استقرار القيادة العسكرية والسياسية في أكبر اقتصاد في العالم.

ليزا كوك وباول

تأثير مركب على الثقة والاستثمار

ما يجمع بين كل هذه الإقالات هو التوجه المتزايد لاحتكار القرار والتحكم في المؤسسات ذات الطابع المهني والتقني، وهذا التوجه لا يهدد فقط مبدأ فصل السلطات، بل يضعف الأسس التي يقوم عليها اقتصاد السوق الأمريكي، أي:

  • الاستقلال المؤسسي
  • شفافية البيانات
  • قابلية التنبؤ بالسياسات

هذه العوامل ليست هامشية، بل تعتبر ضرورية لجذب الاستثمارات، وتثبيت قيمة الدولار، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام.

 

اقرأ أيضًا:

لماذا أقال ترامب عضو مجلس الاحتياطى الفيدرالى ليزا كوك؟

هل يتكرر سيناريو الاقتصاديات المُسيسة؟

في حالات تاريخية مشابهة مثل الأرجنتين في سنوات الركود، أو اليونان خلال أزمة الديون كانت محاولات الحكومات لتزييف الواقع أو إحكام القبضة على المؤسسات المستقلة مدخلاً لانهيارات اقتصادية. 

الفرق الوحيد هو حجم الاقتصاد، فإذا حدث ذلك في الولايات المتحدة، فالعواقب ستكون عالمية، لا محلية فقط، نظرًا لهيمنة الاقتصاد الأمريكي.

الاقتصاد الأمريكي

الاقتصاد لا يعيش في فقاعة

السياسات التي تقوض استقلال المؤسسات لا تظل في إطارها الإداري، بل سرعان ما تترجم إلى:

  • اضطراب في الأسواق
  • تقلب في الدولار
  • تراجع ثقة المستثمرين
  • ارتفاع في مستويات القلق الاقتصادي العام

إنها رسالة مباشرة، مضمونها أن الثقة لا تبنى فقط بالبيانات الجيدة، بل بالحوكمة السليمة أيضًا، وإذا استمرت موجة الإقالات دون محاسبة أو رقابة، فإن الاقتصاد الأمريكي قد يدفع الثمن ليس على المدى البعيد، بل في الأجل القريب جدًا.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search