الجمعة، 22 أغسطس 2025

06:29 م

الجميع يترقب باول في جاكسون هول، الوقفة الأخيرة على حافة التوترات النقدية

الجمعة، 22 أغسطس 2025 04:46 م

جيروم باول

جيروم باول

في ولاية وايمونج، وفي ظلال جبال تيتون الشاهقة، يتجهز رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول لما يرجح أن تكون وقفته الأخيرة في منتدى جاكسون هول، الندوة التي تعد من أبرز المحطات السنوية لصناع السياسة النقدية حول العالم. 

جيروم باول

ولكن هذه الوقفة لا تأتي في لحظة وداع روتينية، بل في قلب معركة مالية تهدد بإعادة رسم معالم السياسة النقدية الأمريكية.

وسط ضغوط سياسية متصاعدة وتوقعات سوقية مبالغ فيها، يقف باول أمام خيارين أحلاهما مر، الانصياع لدعوات التيسير النقدي، أو التشبث بمصداقية الاحتياطي الفيدرالي في مواجهة تضخم لم ينكسر بعد.

خط النهاية.. وبداية مرحلة غامضة

بعد سبع سنوات على رأس أكبر بنك مركزي في العالم، تنتهي ولاية باول وسط غموض سياسي واقتصادي، إذ لم تقدم إدارة الرئيس دونالد ترامب ترشيحًا واضحًا لخلافته، بينما تتزايد الرهانات على أن كريستوفر والر، أحد المحافظين، قد يكون الورقة الأقرب للمنصب في حال قررت الإدارة تغييره.

لكن حتى في أيامه الأخيرة، لا يبدو أن باول ينوي الرحيل بهدوء، فتاريخه في جاكسون هول لا يخلو من القرارات المفصلية، إذ أعلن في هذا الملتقى عام 2020 عن تبني هدف التضخم المتوسط المرن، وهو قرار ما زال ينظر إليه اليوم كخطأ استراتيجي كلف البنك مصداقيته.

اليوم، ومع تجاوز متوسط التضخم 2% بفارق واسع، يجد باول نفسه في لحظة مراجعة داخلية حادة، لا مجرد تقييم خارجي.

باول

الأسواق تتصرف وكأن الخفض قادم لا محالة

تشير التوقعات السوقية الحالية إلى أن خفض الفائدة في سبتمبر بات شبه مؤكد، بنسبة تقارب 85% وفق سوق العقود المستقبلية، مع رهانات متنامية على خفض مزدوج بواقع 50 نقطة أساس، وليس فقط 25.

دعم هذا الاتجاه تصريحات وزير الخزانة سكوت بيسنت، الذي دعا علنًا إلى خفض قوي بمقدار 150 نقطة أساس، في إشارة واضحة إلى أن الجناح السياسي في الإدارة يسعى لتليين الأوضاع النقدية في أسرع وقت، لا سيما مع اقتراب موسم الانتخابات.

الضغوط لا تأتي فقط من الخارج، بل من داخل اللجنة نفسها، فقد صوت اثنان من المحافظين الشهر الماضي لصالح الخفض، وكلاهما مطروحان كمرشحين لخلافة باول، والرسالة باتت واضحة، خفض الفائدة قد يكون وسيلة لتأمين الولاء السياسي، لا أداة اقتصادية فحسب.

اقرأ أيضًا:

بين توقعات المستثمرين وخفض أسعار الفائدة، «باول» يستعد لإلقاء خطابه الأخير في جاكسون هول

باول في موقف حرج.. بيانات متضاربة وسوق مرتبكة

البيانات الاقتصادية تعكس صورة ضبابية، من جهة، يظهر سوق العمل مرونة ملحوظة، مع معدلات ترك وظائف مرتفعة ونمو أجور ما زال قويًا، خاصة للعمال ذوي المهارات العالية. 

ومن جهة أخرى، بدأت مؤشرات الركود بالظهور، خاصة في قطاع الإسكان حيث تراجعت تصاريح البناء إلى أدنى مستوياتها منذ الجائحة.

وفي ظل عودة التفاوت في الأجور وغياب تأثير الهجرة على تعزيز دخول ذوي المهارات المتدنية، تبدو السياسات الاقتصادية بعيدة عن تحقيق العدالة الاجتماعية التي وعد بها ترامب.

من ناحية أخرى، لا تظهر بيانات الإنفاق الاستهلاكي أي إشارات حقيقية على التباطؤ، بل على العكس، سجلت شركات كبرى مثل هوم ديبوت أرباحًا قياسية، وهو أمر لا يتسق مع حالة اقتصاد يتطلب خفضًا طارئًا في الفائدة.

جيروم باول

تخفيض متشدد.. هل هي وصفة باول السحرية؟

في هذا السياق، قد يتخذ باول موقفًا وسطًا، خفض محدود بمقدار 25 نقطة أساس، لكن مصحوب بلغة متشددة في البيان والتوجيه المستقبلي. 

وهذا ما يطلق عليه بعض المحللين التخفيض المتشدد، حيث يرضي الأسواق مؤقتًا دون الإيحاء بأن موجة من التخفيضات قادمة.

مثل هذا السيناريو من شأنه أن يربك المراهنين على خفض كبير، ويعيد ضبط التوقعات، ويمنح باول لحظة الوداع التي تستحقها سمعته، بعد سنوات من محاولة موازنة السوق، والتضخم، والبيت الأبيض.

اقرأ أيضًا:

باول يواجه لحظة حاسمة في جاكسون هول.. ضغوط سياسية وتحديات مستقبل الفائدة

الدولار والأسواق العالمية.. على شفا تحول كبير

لا يقتصر أثر جاكسون هول على الاقتصاد المحلي، فالدولار الأمريكي، الذي يواجه مستويات مقاومة تاريخية، يقف عند نقطة تحول. 

وما زال المستثمرون الأجانب يضخون الأموال في الأسهم والسندات الأمريكية، لكن أداء السوق، باستثناء أسهم السبعة الكبار في قطاع التكنولوجيا، بدأ يفقد بريقه، وأي تحول مفاجئ من باول قد ينعش الدولار أو يضعفه بشدة، بحسب لغة الخطاب وتوقعات السياسة المستقبلية.

وول ستريت

هل ينهي باول مهمته بانتصار أم بخطوة محفوفة بالمخاطر؟

يرى كثيرون أن جاكسون هول 2025 ليس مجرد منصة لخطاب أخير، بل ميدان معركة فاصلة، فإما أن يتمسك باول بمصداقية البنك المركزي ويصطدم بتوقعات السوق والإدارة، أو يمرر خفضًا ناعمًا على أمل تقليل الأضرار على جميع الجبهات.

في النهاية، قد تكون وقفة باول الأخيرة تشبه إلى حد بعيد تلك المشاهد الكلاسيكية في أفلام الغرب الأمريكي، مواجهة محتومة، وتسليح دقيق، وانتصار قد لا يقاس بالضربة القاضية، بل بالمبادئ التي دافع عنها حتى النهاية.

الأجواء باتت أكثر اشتعالًا، ومنتدى جاكسون هول هذا العام ليس مجرد ملتقى.. بل مفترق طرق في السياسة النقدية الأمريكية.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search