-
حملات مضللة يقودها أصحاب الدروس الخصوصية، «التعليم» تنفي الشائعات المتداولة حول نظام «البكالوريا»
-
مصر تبهر العالم من جديد، كشف أثري تحت المياه يعزز مكانتها السياحية عالميًا
-
الرئيس السيسي وولي العهد السعودي يؤكدان ضرورة الإسراع في إدخال المساعدات لغزة
-
بدون مقدم وتقسيط على 7سنوات، تفاصيل قرض السيارة الجديدة من بنك قطر الوطني
الذكاء الاصطناعي والفيزياء، من التنبؤات الإحصائية إلى إنقاذ الاقتصاد الحقيقي
الخميس، 21 أغسطس 2025 05:02 م

الذكاء الاصطناعي المستند إلى الفيزياء
كريم قنديل
في الوقت الذي يسيطر فيه الحديث عن النماذج اللغوية الكبيرة وقدرتها على كتابة النصوص ورسم الصور وتأليف الأكواد، يطل علينا مفهوم مختلف تماماً للذكاء الاصطناعي، قد لا يحظى بضجيج إعلامي مماثل، لكنه ربما يمثل الحلقة المفقودة في مواجهة التحديات الاقتصادية والتكنولوجية الكبرى في العال، إنه الذكاء الاصطناعي المستند إلى الفيزياء.
هذا النموذج الجديد يطرح سؤالاً جوهرياً: هل يكفي الاعتماد على البيانات الضخمة والأنماط الإحصائية وحدها لبناء أنظمة ذكية قادرة على إدارة اقتصاد الطاقة أو ضمان سلامة البنية التحتية أو التنبؤ بالكوارث الطبيعية؟ أم أن العالم بحاجة إلى نقلة نوعية تعيد الاعتبار إلى القوانين الفيزيائية والكيميائية التي تحكم كل حركة في الكون؟

بين ضجيج النماذج اللغوية وواقعية الأنظمة الفيزيائية
النماذج التقليدية للذكاء الاصطناعي تتغذى على كميات هائلة من البيانات وتتعلم عبر التكرار والتجربة والخطأ، هذا النهج أثبت نجاحه في مجالات مثل الترجمة الآلية أو التوليد النصي أو حتى الألعاب الإلكترونية.
لكن حين ندخل إلى ميادين معقدة وحيوية مثل النفط والغاز، توليد الكهرباء، النقل، أو البنى التحتية، تظهر حدود هذه النماذج بوضوح.
فهنا لا نتعامل مع بيانات مجردة أو أنماط متكررة، بل مع أنظمة فيزيائية معقدة تخضع لقوانين ديناميكية دقيقة، مجرد خطأ صغير في التقدير قد يؤدي إلى خسائر بملايين الدولارات، أو حتى إلى انهيار منظومة حيوية مثل محطة توليد أو خط إمداد نفطي، ولهذا، فإن الاعتماد على "صناديق سوداء" إحصائية تفتقر إلى فهم علمي عميق قد يبدو ضرباً من المغامرة.
الذكاء الاصطناعي المستند إلى الفيزياء: نقلة في المنهج
الفارق الجوهري هنا أن الذكاء الاصطناعي المستند إلى الفيزياء لا يبدأ من الفراغ أو من بيانات عشوائية، بل من المعرفة العلمية المتراكمة. فهو مدرّب مسبقاً على القوانين الأساسية التي تحكم الأنظمة: قوانين الحركة، الديناميكا الحرارية، انتقال الطاقة، سلوك المواد.
يمكن تشبيه النماذج المعتمدة على البيانات بطاهٍ يلتزم بكتاب وصفات لا يخرج عنه، بينما يشبه الذكاء الاصطناعي الفيزيائي شيفاً محترفاً يعرف أساسيات الكيمياء الحرارية وخصائص المكونات، ما يمنحه قدرة على الابتكار والتكيف، وليس مجرد التكرار.
هذا النهج يجسد عبر ما يُعرف بـ التوأم الرياضي المستند إلى الفيزياء (PIMT)، وهو نموذج رياضي يحاكي الأصل الفيزيائي الحقيقي، سواء كان مضخة كهربائية في بئر نفطي أو توربين رياح أو شبكة كهرباء.
وما إن يتم تطوير هذا التوأم، يصبح قابلاً للاستخدام في كل الأنظمة المماثلة عالمياً، بعيداً عن القيود المرتبطة ببيانات مصنع معين أو تجربة تشغيل محدودة.
مكاسب اقتصادية واستراتيجية هائلة
القيمة الاقتصادية لهذا التوجه تتضح حين نرى مجالات تطبيقه:
- في قطاع الطاقة: تحسين عمليات الحفر النفطي، التنبؤ بأعطال المعدات قبل وقوعها، ضمان استقرار شبكات الطاقة المتجددة رغم تقلبات الطقس.
- في التصنيع: تقليل كلفة الصيانة عبر الصيانة التنبؤية بدل الإصلاح بعد العطل، ما يخفض فترات التوقف ويزيد الإنتاجية.
- في البنية التحتية: التنبؤ باهتراء الجسور أو خطوط المياه والكهرباء قبل وقوع الكوارث، ما يحمي الاستثمارات الضخمة ويطيل عمر الأصول.
- في الزراعة وإدارة المدن الذكية: تحسين كفاءة استهلاك المياه والطاقة، والتعامل مع ندرة الموارد بشكل ذكي ومستدام.
هنا يظهر البعد الاستراتيجي، الذكاء الاصطناعي المستند إلى الفيزياء لا يهدف إلى إنتاج نصوص أو صور، بل إلى حماية استمرارية الاقتصاد وتشغيل أصوله الأساسية، أي أنه يتحول إلى أداة للأمن الاقتصادي والتنموي.
اقرأ أيضًا:
الذكاء الاصطناعي يتنبأ بأعطال المعدات وإجراء الصيانة في الشحن البحري
«الفلاح في خطر»، الروبوت «إليمنت» يغير مفهوم الزراعة في أمريكا والعالم

تحديات التبني
لكن هذه الثورة ليست سهلة، فبناء نموذج فيزيائي رياضي يتطلب جهداً هندسياً وعلمياً هائلاً، على عكس النماذج اللغوية التي يكفي تغذيتها بالبيانات، هنا تحتاج الشركات إلى تحويل القوانين الفيزيائية إلى معادلات عملية، وبناء توائم رياضية معقدة، كما أن هذا المجال لا يزال في مراحل التبني المبكر.
بعض العملاء قد يترددون لأن النماذج ليست سوداء وسحرية وسهلة الاستخدام، بل تتطلب فهم السياق العلمي والهندسي، غير أن التجارب تثبت أنه بمجرد إدراك الموثوقية العالية لهذه النماذج، يزداد الطلب عليها بسرعة.
مستقبل التقنية: من أداة متخصصة إلى ركيزة اقتصادية
إذا كان الجيل الأول من الذكاء الاصطناعي قد غير طريقة تفاعلنا مع المعلومات، فإن الجيل الثاني المستند إلى الفيزياء قد يغير طريقة إدارة الاقتصاد الحقيقي.
خلال السنوات المقبلة، من المتوقع أن يتحول هذا النهج من حلول متخصصة في الطاقة أو التصنيع إلى معيار أساسي في إدارة المدن الذكية، شبكات النقل، الأمن الغذائي، بل وحتى في التنبؤ بالكوارث الطبيعية والتغير المناخي.
بمعنى آخر، إذا كان الذكاء الاصطناعي اللغوي هو واجهة التعامل مع المعلومات، فإن الذكاء الاصطناعي الفيزيائي سيكون العقل المدبر للتشغيل الاقتصادي، حيث يجمع بين قوة الحسابات الرقمية وعمق الفهم العلمي.
العالم يقف أمام تحديات غير مسبوقة، تغير مناخي، ضغط على الموارد، بنى تحتية متقادمة، وأسواق طاقة متقلبة، في مواجهة هذه الأزمات، لم يعد كافياً الاعتماد على أنظمة تتنبأ بالمستقبل استناداً إلى الماضي فقط، المطلوب هو ذكاء يفهم القوانين التي تحكم العالم، ويستطيع أن يتكيّف مع المجهول.
لذلك، يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي المستند إلى الفيزياء ليس مجرد تقنية جديدة، بل تحول استراتيجي في كيفية بناء اقتصادات أكثر مرونة واستدامة،إنه الانتقال من الذكاء الشكلي إلى الذكاء الجوهر، ومن التنبؤ الإحصائي إلى الفهم العلمي.
اقرأ أيضًا:
عمالقة الصناعة في خطر، الذكاء الاصطناعي يعيد رسم خريطة البرمجيات والأسواق العالمية

تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، وبالاضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
سوق الأقمشة الذكية ينفجر، بين تكنولوجيا النانو ومستقبل الرعاية الصحية
21 أغسطس 2025 03:18 م
ابتكار أم استغلال، هل تحول التكنولوجيا العلاقات الإنسانية إلى سلعة؟
21 أغسطس 2025 02:38 م
ترامب يعيد تشكيل الاقتصاد الأمريكي، هل بدأ عصر "الدولة الرأسمالية"؟
21 أغسطس 2025 11:44 ص
أكثر الكلمات انتشاراً