رسوم ترامب الجمركية... بوابة الصين الكبرى إلى إفريقيا

الأربعاء، 20 أغسطس 2025 09:54 م

صراع بين الصين وأمريكا في إفريقيا

في الوقت الذي تعيد فيه الولايات المتحدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب تشكيل قواعد التجارة العالمية بسياسات حمائية صارمة، تجد القارة الإفريقية نفسها مضطرة لإعادة تموضعها الاقتصادي سريعًا.

الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة، التي وصلت في بعض الحالات إلى 30% على صادرات دول إفريقية مثل جنوب إفريقيا وليبيا وتونس والجزائر، تهدد صناعات حيوية وتدفع القارة أكثر فأكثر نحو الحضن الصيني.

الخطوة الأمريكية، التي وصفت بأنها متبادلة وتهدف لمعالجة العجز التجاري الأمريكي، لم تأتي في سياق تفاوضي مع إفريقيا، بل فرضت دون اتفاقات أو إعفاءات، رغم محاولات القارة التواصل مع واشنطن، وهو ما اعتبره باحثون فرصة ضائعة من الجانب الأمريكي، وهدفًا مفتوحًا التقطته الصين بسرعة.

الصين تفتح ذراعيها بلا جمارك

على الضفة الأخرى، تتحرك الصين بخفة ودقة، ففي يونيو، أعلنت بكين عن إعفاء شبه كامل لوارداتها من إفريقيا من الرسوم الجمركية، في خطوة تم وصفها بأنها فرصة لتعزيز التجارة بين بلدان الجنوب، وعلى إفريقيا أن تستغلها بجعل الصين هي أمريكا الجديدة.

التحول بات جليًا في أرقام التجارة، الصين هي أكبر شريك تجاري ثنائي لإفريقيا، وتواصل ترسيخ حضورها عبر الاستثمارات الضخمة والبنية التحتية وتمويل المشاريع الحيوية في جميع أنحاء القارة.

إفريقيا بين المطرقة الأمريكية والسندان الصيني

إلا أن هذا التحول ليس بلا مخاطر، فلطالما انتقد مراقبون العلاقات التجارية غير المتوازنة بين الصين وإفريقيا، بينما تستورد بكين من القارة أساسًا المواد الخام، بينما تغرق الأسواق الإفريقية بالسلع المصنعة الرخيصة، مما يهدد الصناعات المحلية.

كما زاد التحذير من الاعتماد المفرط على الصين، والذي قد يعرض الصناعات الناشئة في إفريقيا للخطر، لا سيما في أسواق حساسة للسعر.

وأن بعض الاتفاقات التجارية التي أبرمتها الصين مع دول إفريقية تتهم بأنها تميل لصالح بكين، وفقًا لتقارير صادرة عن مشروع الصين والجنوب العالمي.

من 4.5 لـ16.5 مليار دولار، إفريقيا تستعد لقفزة في سوق الذكاء الاصطناعي بحلول 2030

الصناعات على حافة الانهيار.. من ليسوتو إلى جنوب إفريقيا

في قلب هذه الزوبعة الاقتصادية، تدفع الدول الصغيرة الثمن الأكبر، وليسوتو، التي تعتمد بشكل كبير على صادرات النسيج إلى الولايات المتحدة، أعلنت حالة طوارئ وطنية لمدة عامين، بعد فرض رسوم 15% على صادراتها.

جنوب إفريقيا، بدورها، تواجه عاصفة مماثلة، وقطاع الحمضيات على سبيل المثال مهدد بخسائر جسيمة، وجمعية مزارعي الحمضيات حذرت من أن مئات الآلاف من الصناديق المجهزة للتصدير للولايات المتحدة قد تبقى دون مشتري.

الحل في إفريقيا نفسها

بعيدًا عن محور واشنطن وبكين، يرى البعض أن هذه الأزمة قد تشكل دافعًا لإفريقيا لتعزيز الاكتفاء الذاتي الاقتصادي وتفعيل أدواتها القارية مثل اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA)، الموقعة عام 2020.

لكن التقدم في تنفيذ الاتفاقية لا يزال بطيئًا، حيث لم تتجاوز نسبة الدول المفعلة لها 20 من أصل 55 دولة، ولكن هذه اللحظة الحرجة قد تكون فرصة نادرة للقارة.

لذا من الضروري بلورة مفهوم المرونة الاقتصادية، وتقليص الاعتماد على الشراكات غير المتوازنة، ويجب النظر إلى الشئون الداخلية للقارة أكثر من الخارج.

أبرزهم المملكة، رأس المال الجريء يغمر الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

المعركة على إفريقيا بدأت

بين إجراءات ترامب الحمائية ومبادرات الصين التجارية الجريئة، يجد القادة الأفارقة أنفسهم أمام مفترق طرق حاسم، والخيار ليس فقط بين شريك غربي يتراجع عن التزاماته، وآخر شرقي يعرض تسهيلات جذابة، بل بين تكرار سيناريوهات التبعية أو التحرر الاقتصادي الحقيقي.

القارة السمراء، بثقلها البشري وثرواتها الطبيعية، قد تكون ساحة الصراع المقبلة على النفوذ الاقتصادي العالمي، إلا إذا اختارت أن تكون لاعبًا مستقلاً بدل أن تبقى ورقة في أيدي اللاعبين الكبار.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.