من الهيمنة إلى العزلة، هل تخسر أمريكا دورها كمركز للتجارة العالمية؟
السبت، 16 أغسطس 2025 12:55 م

أمريكا والتجارة العالمية
ميرنا البكري
ما يحدث الآن في التجارة العالمية ليس مجرد شد وجذب بين أمريكا وباقي الدول، بل مواجهة أوسع بين مدرسة العولمة المفتوحة ومدرسة الحمائية والانغلاق، فقام ترامب برفع الرسوم الجمركية بشكل غير مسبوق من الحرب العالمية الثانية، والرسالة واضحة، فأمريكا تسعى لتقليل اعتمادها على العالم وإعادة توطين صناعاتها.
لكن السؤال الحقيقي، هل أمريكا تستطيع إيقاف عجلة العولمة التي لفت الكوكب بأكمله؟ أم الاقتصاد العالمي لديه مرونة كافية للاستمرار من دونها؟.

الرسوم الجمركية و"الحمائية" الأمريكية، قفزة للخلف؟
مع دخول الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضها ترامب، وصل متوسط التعريفة الجمركية الأمريكية لأعلى مستوى من أكثر من 70 عام، مما يعني تكاليف أعلى على المستهلك الأمريكي، وإبطاء الاستثمار والنمو، وأيضًا ضغط على التجارة العالمية.
لكن رغم ذلك، العولمة لم تقف، مما يؤكد أن التجارة ليس مجرد قرار سياسي، لكنها شبكة مصالح معقدة لا يمكن تفكيكها بضغطة زر.
الصين، الخاسر الأكبر أم الرابح الصامت؟
كان ترامب يستهدف الصين بشكل مباشر، وبالفعل تراجعت الصادرات الصينية لأمريكا أكثر من 10%، لكن بكين لم تقف عند هذه النقطة، بالعكس، فقامت بتزويد صادراتها لباقي دول العالم، وأصبحت تركز على أسواق آسيا، وإفريقيا، والشرق الأوسط، فهي استفادت من قوتها الإنتاجية الضخمة والقدرة التنافسية العالية، أي ما حدث ليس "انكماش" للعولمة، لكن "إعادة توجيه" لها بعيدًا عن الولايات المتحدة.
شركات الشحن، العولمة تتخذ مسارات جديدة
تكشف تصريحات المدير التنفيذي لشركة ميرسك: “أن العولمة ليس لها نهاية، بل تتسارع”، وأضاف أن حجم الشحن العالمي بالحاويات قد يزداد 4% في عام 2025، وأن الطلب القوي قادم من الصين لأسواق خارج أمريكا.
في المقابل، واجهت شركات مثل DHL انخفاض في الشحنات السريعة لأمريكا، لكن زيادة في آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا، وما يحدث أن التجارة تدور حول العقبات الأمريكية وتجد طرق بديلة.
ممرات جديدة للتجارة، آسيا والشرق الأوسط في الصورة
أغلب التجارة العالمية اليوم لا تدخل أو تخرج من أمريكا، وأوضح بنك HSBC، أن التجارة بين آسيا وآسيا نفسها، وبين آسيا والشرق الأوسط، من الأسرع نموًا عالميًا، وأكد أيضًا ستاندرد تشارترد أن العولمة مستمرة لكن في شكل جديد، مع إعادة توزيع لسلاسل الإمداد، مما يؤكد أن أمريكا ليس "مركز الكون" كما كان الحال في الماضي، وهناك مناطق أخرى تلعب دور أكبر في قيادة التجارة العالمية.
التوقعات والنتائج
1. تحول مراكز التجارة، فقد تصبح كلًا من آسيا، وإفريقيا، وأمريكا الجنوبية مراكز نمو بديلة.
2. خسارة أمريكية استراتيجية، فكلما زادت الرسوم الأمريكية، ستتقارب الدول الأخرى وتبني شراكات جديدة بعيدة عنها.
3. مرونة العولمة، فبرغم الحواجز، التجارة لازالت قادرة على التوسع والنمو.
4. خطر الحروب التجارية، إذا بدأت دول أخرى في فرض رسوم وتقليد أمريكا، هذا قد يزود التشظي العالمي ويبطئ النمو.
اقرأ أيضًا:
المفترس الأكبر، كيف أعادت واشنطن رسم خريطة التجارة العالمية؟
ترامب يعيد تشكيل خريطة التجارة العالمية، ورسوم جمركية جديدة تهز الأسواق وتربك الحلفاء

ختامًا، الصورة أوضح من أي وقت مضى، فالعولمة لا تموت، فهي تغير ملامحها، وتحاول أمريكا أن ترجع العجلة للخلف بسياسة حمائية، لكن العالم يتحرك للأمام، ويبحث عن بدائل وممرات جديدة، فأصبحت الصين اللاعب الأبرز، والشرق الأوسط وإفريقيا يظهرون كمناطق واعدة.
والنتيجة، أمريكا قد تعيش في عالم أصغر وأكثر كلفة إذا أصرت على العزلة، لكن باقي الكوكب سيكمل في بناء شبكة تجارة أكتر تنوعًا ومرونة، والعالم اليوم يؤكد مقولة: "الاقتصاد أكبر من السياسة، والعولمة أذكى من الحمائية".
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، وبالاضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
أربع سنوات من النزيف.. الحرب الروسية الأوكرانية تحت المجهر الاقتصادي
16 أغسطس 2025 04:46 م
من التأخير إلى الخسائر، إضراب موظفي "إير كندا" يضع صناعة السياحة على المحك (تفاصيل)
16 أغسطس 2025 03:38 م
قمة ألاسكا بين ترامب وبوتين.. مصالح تحت الرماد، هل تضع الحرب أوزارها؟
16 أغسطس 2025 02:54 م
أكثر الكلمات انتشاراً