رؤية ترامب وتحولات الاقتصاد العالمي، أمريكا تتصدر سباق الذكاء الاصطناعي
السبت، 09 أغسطس 2025 05:12 م

الولايات المتحدة تتصدر سباق الذكاء الاصطناعي
في ظل تحولات جيوسياسية متسارعة، وتنافس بين القوى العظمى على الهيمنة التكنولوجية، أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تشكيل ملامح المعركة الاقتصادية العالمية، بإعلانه عن خطة وطنية شاملة لقيادة الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي.

خلال تصريحات لافتة الشهر الماضي، أكد ترامب أن "أمريكا تتصدر السباق"، كاشفًا عن حزمة استثمارات تجاوزت 90 مليار دولار في البنية التحتية والطاقة لدعم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ضمن ما أصبح يعرف بـ"خطة العمل الوطنية للذكاء الاصطناعي".
هذه الرؤية، التي تجمع بين الطموح السياسي والواقعية الاقتصادية، لا تمثل مجرد توجه عابر، بل تعكس تحولًا استراتيجيًا عميقًا في طريقة تعامل الولايات المتحدة مع ثورة الذكاء الاصطناعي وتداعياتها الاقتصادية والأمنية.
اقرأ أيضًا:
أمريكا تسمح لإنفيديا لشحنات شرائح الذكاء الاصطناعي إلى الصين
استثمار ضخم واستجابة فورية من القطاع الخاص
المؤشرات المبكرة تدل على نجاح هذه الرؤية في تحفيز القطاع الخاص على الدخول بقوة في سباق الاستثمار، ففي أقل من عام على بدء الولاية الثانية لترامب، أعلنت شركات عملاقة مثل OpenAI، Oracle، وSoftBank عن مشروع "Stargate" الطموح.
هذا المشروع المتوقع منه أن يستقطب أكثر من نصف تريليون دولار من الاستثمارات في مراكز بيانات متطورة داخل الولايات المتحدة، وهذه المراكز ستكون العمود الفقري للبنية التحتية الرقمية التي ستمكن من تدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي على نطاق غير مسبوق.
كما أعلنت شركات التكنولوجيا الكبرى، بما فيها أمازون، وجوجل، وإنفيديا، وميتا، عن استثمارات موازية في مجال الذكاء الاصطناعي، مما يشير إلى موجة من النشاط التكنولوجي الذي يمكن أن يعيد رسم ملامح الاقتصاد الأمريكي لعقود قادمة.
كذلك، فالاستجابة السريعة للقطاع الخاص لم تكن لتتحقق لولا توفر بيئة سياسية مواتية وثقة متزايدة في استقرار السياسات الاقتصادية.

الدبلوماسية الاقتصادية وتوسيع نطاق الشراكات الدولية
لم يكتف ترامب بتحفيز الداخل الأمريكي، بل قام بتوظيف أدوات السياسة الخارجية لتعزيز مكانة أمريكا التكنولوجية، وزيارته الأخيرة إلى الشرق الأوسط خير مثال.
كما أفضت تلك الزيارة إلى سلسلة اتفاقات استثمارية وتعاون في مجال البنية التحتية الرقمية، كدليل على تصاعد الثقة الدولية في الخطة الأمريكية.
إن تأمين شراكات خارجية يحقق هدفين رئيسيين، أولاً، ضمان تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى الداخل الأمريكي، وثانيًا، توسيع النفوذ الأمريكي في سلاسل التوريد العالمية للذكاء الاصطناعي، وهو أمر ضروري في ظل المنافسة الصينية.
اقرأ أيضًا:
ترامب: الرسوم الجمركية تُحدث تأثيرًا إيجابيًا هائلًا على سوق الأسهم
صراع سلاسل الإمداد وأزمة الرقائق الإلكترونية
ورغم هذا الزخم الاستثماري، فإن التحديات اللوجستية ما زالت تشكل تهديدًا حقيقيًا، فمراكز بيانات الذكاء الاصطناعي تحتاج إلى مكونات معقدة تبدأ من السيرفرات وتنتهي بأحدث أنواع الرقائق المتقدمة، وهي مكونات تتطلب سلاسل توريد عابرة للحدود، تتأثر بالتوترات التجارية والسياسية.
وفي هذا السياق، تبرز سياسات ترامب التجارية، وعلى رأسها فرض رسوم جمركية تصل إلى 100% على واردات الرقائق الأجنبية، كإحدى أكثر النقاط جدلًا في الخطة الأمريكية.
برر ترامب هذه الخطوة برغبته في إعادة الصناعة إلى الداخل الأمريكي وتخفيف الاعتماد على الخارج، لا سيما في ضوء التوترات مع الصين، إلا أن الواقع الصناعي والتكنولوجي أكثر تعقيدًا.
العديد من الشركات الأمريكية تعتمد حاليًا على موردين أجانب مثل شركة TSMC التايوانية وسامسونج الكورية، وفرض رسوم جمركية بهذا الحجم دون تأمين بدائل إنتاج محلية قد يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج وتأخير المشاريع الحيوية، ما يهدد بخسارة الزخم الاستثماري والابتكار في هذا القطاع.

التوازن بين الحمائية والتحفيز.. ضرورة المرحلة الانتقالية
أمام هذا الواقع، يقترح الخبراء اعتماد سياسة أكثر مرونة، تجمع بين فرض الحماية المؤقتة للصناعات المحلية، وتقديم إعفاءات واسعة النطاق للمستثمرين في الداخل الأمريكي؟
كما بدأت الإدارة بالفعل، إلا أن ذلك لا يكفي، فهناك حاجة ملحة لفترة انتقالية واضحة تسمح بنقل تقنيات الإنتاج المتقدمة إلى الداخل الأمريكي، وتطوير قاعدة صناعية قادرة على سد الفجوة الحالية.
الاستثمار في هذا المجال لا يقل أهمية عن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي نفسه، إذ لا يمكن فصل التقدم التكنولوجي عن البنية التحتية الصناعية التي تدعمه، وعلى الإدارة الأمريكية أن توازن بين أهدافها التجارية والضرورات التقنية إذا أرادت الحفاظ على ريادتها.
اقرأ أيضًا:
بعد فك الحظر، فتح أسواق الصين يعيد الحياة لـ إنفيديا ويشعل سباق الذكاء الاصطناعي
منافسة الصين.. سباق على المستقبل لا يحتمل التباطؤ
الحديث عن الذكاء الاصطناعي لا يكتمل دون الإشارة إلى المنافس الرئيسي، وهو الصين، كما قامت بكين بضخ مئات المليارات من الدولارات في مجال الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الأخيرة، وتسعى بشكل واضح لتقليص الفجوة مع الولايات المتحدة.
ومع امتلاكها لسلاسل إنتاج ضخمة وخبرة متراكمة في التصنيع التكنولوجي، تبدو الصين خصمًا جادًا لا يمكن تجاهله، ومن هنا تأتي أهمية الوقت.
أي تباطؤ أمريكي في بناء بنية تحتية، قد يعطي الصين فرصة للالتحاق أو حتى التفوق في بعض المجالات، ولذلك فإن تسريع الإنشاءات، وتحفيز الاستثمار، وتجنب العوائق التجارية، يجب أن يكون في أولويات المرحلة المقبلة.

هل نحن على أعتاب عصر الذكاء الأمريكي؟
ما يحدث الآن في الولايات المتحدة قد يكون بداية لعصر اقتصادي جديد يبنى على الذكاء الاصطناعي بصفته القوة المحركة الرئيسية للنمو والإنتاجية والابتكار.
ومع وجود قيادة سياسية تصر على تحويل أمريكا إلى عاصمة الذكاء الاصطناعي في العالم، وفرص استثمارية تقدر بتريليونات الدولارات، فإن الفرصة التاريخية سانحة بالفعل.
لكن تحويل هذه الرؤية إلى واقع ملموس يحتاج إلى سياسات متماسكة، وشراكات ذكية، وتوازن بين الحماية والانفتاح.
السباق لم ينتهي بعد، لكن أمريكا، تبدو في موقع متقدم، والتحدي الآن ليس في بدء السباق، بل في القدرة على إنهائه في المقدمة، واستثمار نتائجه لصالح الأجيال القادمة.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
المبيعات العالمية للبلاستيك تتجاوز الـ 103 مليارات دولار، والصين تتصدر
09 أغسطس 2025 04:05 م
أبرز الدول التي اضطرت لحذف أصفار من عملاتها لمواجهة الأزمة الاقتصادية
09 أغسطس 2025 03:59 م
السباق لا ينتظر أحدًا، أمريكا والصين وجهًا لوجه في حلبة الذكاء الاصطناعي
09 أغسطس 2025 03:30 م
أكثر الكلمات انتشاراً