الخميس، 07 أغسطس 2025

03:17 م

اتجار بالبشر وتهريب وسنافر وتزوير، خريطة جرائم «غسل الأموال» من الإيداع للدمج

الخميس، 07 أغسطس 2025 01:24 م

غسيل الأموال

غسيل الأموال

نفيسه محمود

غسيل الأموال هو عملية تحويل الأموال التي تأتي من أنشطة إجرامية وغير قانونية ومحاولة إخفاء مصدرها من خلال دمجها في أنشطة قانونية، وبالمختصر، فإن عملية غسل الأموال هي العملية التي يستخدمها المجرمون لإخفاء المصدر الحقيقي للأموال، ويلجأ المجرمون لعملية غسيل الأموال للتهرب من الدولة والتملص من الضرائب.

جريمة غسيل الأموال

غسيل الأموال هو عالم مظلم وجريمة مكلفة على اقتصاد الدولة، ورغم كل التطورات التكنولوجية وأدوات المراقبة وجهود الدول لمكافحة هذه الجريمة، لايزال غسيل الأموال مشكلة شائعة حتى بالنسبة لأكبر دول العالم.

البنك الدولي وصندوق النّقد الدولي (IMF) قدّرا حجم غسل الأموال، بما يتراوح بين 3% و5% من النّاتج المحلي الإجمالي أي ما يعادل بالتقريب 2.2 تريليون حتى 3.7 تريليون دولار سنويًا.

مثال بسيط: شخص يقوم بزراعة نباتات مخدرة وبعد بيعها والحصول على أموالها، يحتاج أن يجد مبرر لحصوله على كل هذه الأموال حتى لا يتم كشفه، وفي هذه الحالة يمكن أن يتجه مثلا لشراء عقارات أو تأجيرها وإعادة بيعها وهكذا يكون هناك سبب قانوني لوجود هذه الأموال.

المراحل الثلاث لغسيل الأموال

هناك ثلاث مراحل لغسيل الأموال هم: الإيداع، التوزيع، الدمج

 

المرحلة الأولى: الإيداع

يقوم المجرمون بإدخال الأموال غير المشروعة إلى نظام الدولة المالي، هذه المرحلة الأكثر خطورة لأن الهدف منها محاولة إخفاء مصدر الأموال، ويتم الإيداع من خلال تحويل الأموال النقدية إلى ودائع بنكية، وقد يؤدي الإيداع بكميات كبيرة إلى جذب الإنتباه لذلك يلجأ المجرمون إلى طرق أكثر تلاعبا مثل تحويل جزء من النقود إلى عملات أجنبية لتجنب الكشف.

 

المرحلة الثانية: التغطية

هي المرحلة الثانية، تتم فيها إضافة معلومات لإخفاء المصدر الحقيقي للأموال غير المشروعة دون ترك أي أثر، تتضمن هذه العملية عمليات متكررة للإيداع والسحب لخلق غطاء شرعي للأموال، وتعد هذه المرحلة مهمة جدا لتفادي أي عملية تتبع لمكافحة غسيل الأموال، وغالبا ما يتم فيها إدخال الأموال عدة مرات في استثمار الأعمال أو شراء العقارات.

 

المرحلة الثالثة: الدمج

هي المرحلة الأخيرة، حيث تعود فيها الأموال مرة أخرى للمجرم ولكن هذه المرة تظهر بشكل شرعي، ويمكن بعد ذلك استثمارها أو سحبها أو استخدامها في معاملات قانونية، وينتشر استخدام الفواتير الوهمية لشركات وهمية دون توريد أي سلع أو خدمات حقيقية

بسبب المراحل السابقة يصعب التمييز بين الثروة المشروعة وغير المشروعة، ويصبح تتبع المجرمين صعبًا.

أساليب غسل الأموال:

  • تهريب الأموال غير المشروعة وإيداعها في مؤسسات مالية أجنبية، تعتبر من الأدوات المتطورة حيث تستخدم بكثرة في مخططات غسل الأموال وتوفر غطاء للأموال المغسولة، و هذه الكيانات لا تمتلك عمليات تجارية نشطة أو أصول ضخمة وغالبا ما يقوم بها المجرمون في مواقع خارجية لمنع اكتشاف الجريمة.
  • الاستثمار في شركات قائمة، أو إنشاء شركات وهمية، بحيث تفتقر هذه الشركات إلى عمليات تجارية حقيقية وعندما تترابط مع عدة شركات وهمية أخرى يزداد تعقيد الشبكة المالية، مما يصعب تتبع مصدر الأموال.
  • استخدام "السنافر" لتقسيم المبالغ الكبيرة إلى معاملات أصغر وإيداعها بسهولة دون لفت الإنتباه، وتتم كالتالي:
    يجمع المجرمون مبالغ كبيرة من الأموال غير المشروعة مثل الاتجار في المخدرات أو الاحتيال أو الفساد، بعدها يتم تجنيد أفراد يطلق عليهم لقب (السنافر)، وهم الأشخاص الذين يساعدون في عملية غسل الأموال، وقد يكونون مشاركين طوعيين أو غير مدركين للجريمة، بعدها يتم تقسيم المبلغ الكبير إلى عدة مبالغ أصغر وتوزع على السنافر الذين يقومون بعمليات إيداع وسحب وتحويلات متعددة تكون صغيرة الحجم بين حسابات مصرفية ومؤسسات مالية مختلفة، بحيث تنقل الأموال عبر إيداع مبالغ صغيرة في حسابات بنكية مختلفة، أو تحويل الأموال بين حسابات متعددة لإخفاء مسار الأموال، أو شراء سلع أو أدوات وبيعها لاحقا لتوليد أموال نظيفة أو استخدام منصات الدفع الإلكتروني لتحويل المبالغ الصغيرة إلى حسابات مختلفة.
  • شراء سلع غالية كالعقارات أو المجوهرات وإعادة بيعها لإضفاء مبدأ الشرعية على الأرباح، ويعد غسيل الأموال في العقارات أكثر أساليب غسيل الأموال شيوعا حيث يستخدم المجرمون أرباحهم غير المشروعة في سوق العقارات، مخفين مصدر ثرواتهم، حيث يتم تحويل الأموال غير المشروعة إلى أصول قيمة (العقارات ) يمكن بيعها مرة أخرى والحصول على أموال مشروعة، حيث تعتمد هذه الطريقة على شراء أو بيع أو تأجير العقارات.
  • غسيل الأموال من خلال العمليات المشفرة أو الهجمات الإلكترونية، حيث تساعد على تحويل الأموال بشكل غير قانوني إلى خارج البلاد.
  • هناك أسلوب غسيل الأموال القائم على التجارة، حيث يزور المجرمون فواتير لصادرات وواردات سلع ومنتجات أو التلاعب بأسعار السلع وكمياتها لتحويل الأموال عبر الحدود، على سبيل المثال يتم التلاعب في قيمة البضائع في الفواتير، تزوير وثائق شحن وهمية لدخول منتجات للدولة، استخدام شركات وهمية كوسيط وفي هذه الحالة يتم اختيار دول ذات أنظمة رقابية ضعيفة.
  • استخدام مؤسسات القمار، والتي تعتبر بيئة خصبة لغسيل الأموال، حيث يستغل المجرمون طبيعة ألعاب القمار من خلال شراء رصيد ألعاب بالأموال غير المشروعة ثم يتصنع الخسارة والربح وبعدها يصرف المبلغ المتبقي نقدا مما يمنح الأموال مظهر الشرعية، وهذا الأسلوب أصبح أكثر انتشارًا بسبب منصات القمار الإلكترونية.
  • استخدام منصات التواصل الاجتماعي كمنصة الـ«تيك توك» من خلال أرباح البث المباشر ودعم صناع المحتوى والمشهورين، وهو أسلوب حديث لغسيل الأموال.
أموال غير مشروعة

 

لماذا يصعب اكتشاف عمليات غسيل الأموال

غالبا ما يتم دمج عدة أساليب لغسيل الأموال لتعقيد عملية التتبع.

يصعب كشف عمليات الاحتيال المالي لأنها تتضمن قنوات تحويل أموال حقيقية وأفراد حقيقيين.

لماذا تُعتبر مكافحة غسل الأموال ومحاربة تمويل الإرهاب مهمة؟

 - لحماية النّظام المالي للدولة.

 - لمنع تمويل المجرمين وتغذية الإرهاب.

 - التصدي للمجرمين من بناء ثروات تؤثر على استقرار الدولة.
 

ووفقًا للبنك المركزي المصري فقد حدد مصادر الأموال غير المشروعة

هناك مصادر عديدة للأموال غير المشروعة، وفيما يلي مصادرها الرئيسية:

  • المشاركة في جماعات إجرامية منظمة.
  • الإرهاب، بما في ذلك تمويله.
  • الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين.
  • الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية.
  • الاتجار غير المشروع بالأسلحة.
  • الاتجار غير المشروع بالسّلع المسروقة وغيرها.
  • الفساد والرّشوة.
  • الاحتيال.
  • تزوير العملة.
  • تزييف المنتجات وقرصنتها.
  • الجرائم البيئية.
  • القتل والإصابات الجسدية الخطيرة.
  • الخطف والاحتجاز التعسفي وأخذ الرهائن.
  • السّطو والسّرقة.
  • التّهريب (بما في ذلك ما يتعلق بالجمارك والرّسوم الجمركية والضرائب).
  • جرائم الضّرائب (المتعلقة بالضرائب المباشرة وغير المباشرة).
  • الابتزاز.
  • تزوير.
  • القرصنة.

هل غسيل الأموال جريمة خطيرة؟

غسيل الأموال جريمة خطيرة ذات آثار وخيمة حتى على النظام المالي العالمي، واقتصادات الدول، وهي الوسيلة الرئيسية التي تمكن المجرمين، وتجار المخدرات والأسلحة، من مواصلة أعمالهم الإجرامية.

عندما يتم إدخال الأموال غير المشروعة إلى البلد فإنها تشوه الأسواق المالية وتهدد سمعة المؤسسات، كما تؤدي إلى زعزعة الاستقرار الاقتصادي.

أكبر عمليات غسيل الأموال

بنك   Wachovia وعصابات المخدرات المكسيكية

في عام 2010، قام بنك Wachovia، وهو مؤسسة مالية أمريكية، بغسل أموال تُقدر بـ 350 مليار دولار لصالح عصابات المخدرات المكسيكية، وكان الخطأ الوحيد الذي ارتكبه البنك هو عدم تطبيقه ضوابط صارمة لمكافحة غسل الأموال، مما سمح للمنظمات الإجرامية بتمويل عملياتها، مما أدى إلى زيادة حجم الاتجار غير المشروع بالمخدرات. 

وكشفت التحقيقات أن عصابات المخدرات استخدمت خدمات البنك لتحويل مبيعات الكوكايين من الولايات المتحدة إلى المكسيك، وكثيرًا ما كانت هذه الأموال تُودع في أعمال كثيفة السيولة، مثل صرافة العملات، وتُحوّل عبر حسابات بنك  Wachovia، انتهت القضية فيما بعد بغرامة قدرها 160 مليون دولار، وهي غرامة ضئيلة نسبيًا مقارنةً بحجم الجريمة. 

فضيحة بنك  Danske

بين عامي 2007 و2015، أجرى بنك  Danskeمعاملات مشبوهة بقيمة 228 مليار دولار تقريبً،  معظم هذه الأموال مصدرها روسيا، ورغم التحذيرات الداخلية، لم يتخذ البنك أي إجراءات فورية. 

تم تحويل الأموال عبر العديد من الشركات، ووُضعت في حسابات لا تخص المقيمي، و بهذه الطريقة، سُمح للمجرمين بإخفاء مصدر أموالهم، وقد أثارت هذه الفضيحة شكوكًا كثيرة حول البنك، مما أدى في النهاية إلى فقدان ثقة المساهمين فيه، وبالتالي إلى فرض لوائح أكثر صرامة في جميع أنحاء أوروبا. 

فضيحة 1MDB 

كانت فضيحة صندوق التنمية الماليزي 1MDB من أكبر القضايا، إذ شملت أموالًا تجاوزت مليار دولار، وتورط فيها أشخاص مثل رئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق، الذي اتُهم باستخدام أموال غير مشروعة لتغطية مشتريات باهظة الثمن وحملات سياسية، كما أُديرت الأموال المسروقة عبر شبكة واسعة من البنوك والشركات العالمية. 

وقد تم شراء عقارات في مدن رئيسية مثل نيويورك ولندن، ويخوت فاخرة، وحتى أعمال فنية لبيكاسو، بنفس الأموال غير المشروعة، مما أثار الانتباه.

بنكHSBC  في غسيل أموال المخدرات 

في عام 2012، فرضت السلطات الأميركية غرامة على بنك HSBC وصلت إلى 1.9  مليار دولار بسبب السماح بغسل الأموال لصالح عصابات المخدرات، مما سمح لها في المكسيك وكولومبيا بتحويل مئات الملايين من الدولارات من خلال حسابات البنك.

قال المحققون إن عصابات المخدرات كانت تتصرف بحرية تامة، لأن البنك كان يقبل ودائع نقدية ضخمة دون سؤال أو تحقيق في مصدر الأموال.

بنك الائتمان والتجارة الدولي (BCCI) 

كانت عصابات المخدرات والحكومات الفاسدة تغسل مليارات الدولارات، وكان بنك الاعتماد والتجارة الهندي متورطًا في كل هذا بصفته عميلًا لهم، وتم التكتم على الجريم حتى وصلت إلى الرأي العام عام ١٩٩١، مما أدى إلى إغلاق البنك. 

Nauru 

تُعدّ من أصغر الدول الجزرية، لكنها تشتهر بإحدى أكبر الفضائح في العالم، حيث سمحت القوانين المصرفية المتساهلة بغسل أموال تُقدّر قيمتها بـ 70 مليار دولار، مما أجبر البلاد في النهاية على إصلاح نظامها المصرفي.

وفي عام 2022، صنّفت وزارة الخزانة الأمريكية ناورو كدولةً تُمارس غسيل الأموال، وفرضت عليها عقوباتٍ صارمة.

 

النظام المالي العالمي

اقرأ أيضًا

غسيل الأموال, إليك تاريخ إطلاق أشهر تهمة في عالم المال

"أبرزها مصادرة أموالك" عقوبات صارمة تنتظرك، لو قمت بغسيل الأموال

تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
 

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، وبالاضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search