اضطرابات الدولار تعيد الأسواق الناشئة للواجهة، هل يكتب 2025 نهاية الهيمنة الأمريكية؟
الأحد، 03 أغسطس 2025 11:21 م

اضطرابات الدولار
لأكثر من عقد، كانت الأسواق الناشئة تتلقى صفعة تلو الأخرى، من تقلبات سياسية، وانهيارات في العملات، وأزمات ديون خانقة، وخيبات أمل متتالية، وبدا أن بريق هذه الأسواق الذي لمع في أوائل الألفية، قد انطفأ نهائيًا لصالح الدولار الأمريكي والأسواق المتقدمة.

لكن ما تشهده الأسواق في عام 2025 يعد انقلابًا على هذا الواقع، من تدفقات رأسمالية غير مسبوقة، وصعود قوي في الأسهم والسندات، وعودة المستثمرين من المؤسسات الكبرى إلى الطاولة التي هجروها طويلًا، فهل الأمر مجرد موجة مؤقتة؟ أم أننا أمام تحول هيكلي يهدد عرش الدولار نفسه؟
من العزلة إلى الهجمة.. الأسواق الناشئة تتنفس من جديد
في مشهد غير مألوف، وجد مستثمرو الأسواق الناشئة أنفسهم يتلقون سيلًا من المكالمات والرسائل من مستثمرين يطلبون المشورة والفرص، بالرغم من أنهم لم يعتادوا على هذا الكم من الاهتمام منذ سنوات، وخاصةً بعد أن كانوا هم من يبادرون بالاتصال لمجرد الترويج لفكرة الاستثمار في الدول النامية.
السبب الرئيسي كان تراجع الثقة في الدولار الأمريكي، وسط اضطرابات داخلية وحروب تجارية خارجية، فاللحظة الحاسمة جاءت حين أطلق الرئيس دونالد ترامب شرارة الحرب التجارية من حديقة البيت الأبيض، معلنًا فرض رسوم جمركية جديدة على شركاء الولايات المتحدة الاقتصاديين، ما زعزع ثقة المستثمرين، ودفعهم إلى البحث عن بدائل.
اقرأ أيضًا:
الصين تحفر قبر الدولار.. اربطوا أحزمة الأمان، صراع القرن يبدأ الآن
الأسواق الناشئة تجني ثمار حرب الدولار
تدفقت مليارات الدولارات إلى أصول الأسواق الناشئة في أسابيع قليلة:
- مؤشر "مورجان ستانلي كابيتال إنترناشونال" للأسهم الناشئة ارتفع بنسبة 17% هذا العام، بالدولار، أي ضعف مكاسب مؤشر "S\&P 500".
- المؤشر الخاص بالعائدات الإجمالية للعملات في الأسواق الناشئة سجل أفضل أداء نصف سنوي له منذ 2009.
- حتى السندات السيادية في دول مثل لبنان وبوليفيا حققت عوائد تتجاوز 30% منذ بداية العام.
كما تظهر البيانات أن المستثمرين بدأوا بإعادة تخصيص المحافظ من الأصول الأمريكية إلى الأسواق الناشئة بشكل تدريجي ومدروس، فقد بلغت التدفقات:
- 12.4 مليار دولار للأسهم التايوانية في الربع الثاني فقط.
- 30 مليار دولار إلى سندات كوريا الجنوبية.
- 31 مليار دولار لصناديق الدين المحلي في الأسواق الناشئة، وهي أعلى وتيرة تدفقات منذ سنوات.

من الجمود إلى الزخم.. هل تعلم المستثمرون من الماضي؟
على مدى السنوات الـ15 الماضية، اعتادت الأسواق الناشئة على الصعود والانهيار، حيث دخلت حالة من الركود السعري منذ 2011، لدرجة أن 190 صندوقًا استثماريًا أغلق في عام واحد فقط في 2024.
حتى البرازيل، ثالث أكبر اقتصاد نامي، لم تشهد أي طرح عام أولي منذ عام 2021، بينما انكمش قطاع صناديق التحوط فيها.
الصين، التي تمثل ربع مؤشر الأسواق الناشئة، واجهت أسوأ موجة هروب استثماري منذ 2008، نتيجة أزمة العقارات ومخاوف النمو، وفي دول أخرى مثل الأرجنتين وتركيا وكوريا الجنوبية، كانت التقلبات السياسية كفيلة بتصفية المحافظ الاستثمارية في ساعات.
اقرأ أيضًا:
كيف تخطط الدول للابتعاد عن الدولار؟ الذهب في قلب الاستراتيجيات الجديدة (تفاصيل)
موجة جديدة أم انتفاضة مستدامة؟
رغم الزخم الحالي، لا يمكن الجزم بأن الأسواق الناشئة بدأت عصرًا ذهبيًا جديدًا، لكن ما يلفت الانتباه هو تغير سلوك المستثمرين والمؤسسات:
صناديق كبرى مثل مورنينجستار ويلث بدأت ببيع أصولها الأمريكية تدريجيًا وتوجيه الأموال إلى الدول النامية.
صناديق مؤشر كبرى للأسواق الناشئة سجلت تدفقات غير مسبوقة منذ عقد.
الأفراد ذوو الثروات الكبيرة باتوا يسألون، كيف أخرج من الدولار؟ بدلاً من كيف أستفيد من قوته؟.
هذا التغيير العقلي يمثل تحولًا عميقًا في الوعي المالي العالمي، لا يتعلق فقط بفرص الربح، بل بتراجع الثقة في النظام الذي حكم الأسواق لعقود.

أزمة ثقة في الدولار أم بداية لبديل؟
السؤال المركزي الذي يشغل الاقتصاديين، هل نحن أمام بداية نهاية هيمنة الدولار؟
الجواب المعقول حتى الآن، لا لكنها لحظة ضعف استراتيجية، فالدولار ما زال يحتفظ بمكانته كعملة احتياط عالمية، لكنه لم يعد حصنًا لا يخترق.
نسبة تمثيل الأسواق الناشئة في محافظ الدين العالمية تراجعت إلى 5% فقط، في المقابل، ترتفع الأصوات داخل تكتلات كبريكس لدفع التبادل التجاري بعملات محلية.
كثير من البنوك المركزية في الهند، الصين، روسيا بدأت بتنويع احتياطاتها بعيدًا عن الدولار، ورغم أن البدائل ليست ناضجة بعد لا اليورو ولا اليوان الصيني لديهما القاعدة المؤسسية الكافية، فإن مجرد التفكير الجاد في البدائل يمثل تحولًا غير مسبوق في العقل الاستثماري الدولي.
اقرأ أيضًا:
إفريقيا تكسر قيود الدولار، أنظمة دفع محلية تهدد هيمنة العملة الخضراء
عملات الأسواق الناشئة تنهض من تحت الرماد
ليست الأسهم والسندات وحدها من تستفيد، فمن بين 23 عملة رئيسية، سجلت 18 عملة ارتفاعًا مقابل الدولار، في أوروبا الشرقية وحدها، حققت الأسهم مكاسب بنحو 40%، من سلوفينيا إلى بولندا، وامتد الزخم إلى غانا وزامبيا وكولومبيا وكوريا الجنوبية.
وفي حالات كثيرة، حققت الديون المحلية في الأسواق الناشئة عوائد أعلى من السندات المقوّمة بالدولار، وهو عكس ما اعتاد عليه المستثمرون خلال العقدين الماضيين.

ما الذي يغيره عام 2025؟
التحول الجاري لا يعني نهاية الدولار، ولا يعني أن الأسواق الناشئة خالية من المخاطر، بل ربما تعود موجات البيع مع أول أزمة عالمية، أو مع انتعاش جديد في السياسة النقدية الأمريكية.
لكن الأكيد هو أن 2025 أصبح علامة فارقة في تاريخ الأسواق الناشئة، حيث أصبح هناك نقطة تحول في شهية المخاطر، كما بدأت لحظة انكسار لهيبة الدولار، واستيقاظ لرغبة حقيقية في تنويع التموضع الاستثماري عالميًا.
في السابق، كان ينظر إلى الأسواق الناشئة كملحق مخاطرة في محفظة عالمية، واليوم، يعاد النظر فيها كخيار استراتيجي في مواجهة نظام مالي مضطرب وغير متوازن.
قد لا تكون هذه المرة مثل سابقاتها، وربما للمرة الأولى منذ 20 عامًا، يقال بحق، أن الأسواق الناشئة لم تعد هامشًا.. بل أصبحت فرصة.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
الفيدرالي مقابل البنك الأوروبي، صراع الفوائد يغير خريطة التمويل العالمي
03 أغسطس 2025 04:41 م
15 مليار دولار، مصر تتصدر شمال أفريقيا بعائدات سياحية قياسية في النصف الأول من 2025
03 أغسطس 2025 03:21 م
«الطريق إلى بكين»، إفريقيا تفر من رسوم ترامب إلى الصين
03 أغسطس 2025 02:51 م
أكثر الكلمات انتشاراً