الصين تحفر قبر الدولار.. اربطوا أحزمة الأمان، صراع القرن يبدأ الآن
الإثنين، 05 مايو 2025 09:50 ص

الدولار يحترق
تحليل/ كريم قنديل
بينما كان العالم منشغلًا بتطورات السياسة والحروب، كانت هناك قوة أخرى تنمو بهدوء بعيدًا عن الأضواء، نعم، إنها الصين، لم ترفع صوتها، ولم تهتف أو تصرخ، بل حفرت بصمت قبر الدولار الأميركي، بخطة مدروسة وطويلة الأمد، لقد أجبرت العالم على الانحناء، وغيّرت قواعد اللعبة الاقتصادية إلى الأبد.

من التنين النائم إلى الند العنيد
اليوم، لم تعد الصين مجرد قوة صاعدة، بل أصبحت التنين الذي يواجه النسر الأميركي وجهًا لوجه، فكيف وصلت إلى هذه المكانة؟ وكيف أربكت حسابات أقوى دولة في العالم؟
لنعد إلى بداية القصة.
الانطلاقة من القاع
كانت الصين ذات يوم دولة فقيرة ترزح تحت وطأة التخلف الاقتصادي، لكن بخطوات مدروسة ومحسوبة، بدأت تقلب الموازين، في الوقت الذي كانت فيه الدول الغربية تبحث عن تقليص النفقات وزيادة الأرباح، فتحت الصين أبوابها للشركات العالمية، قدمت لهم الأرض، والعمالة، والبنية التحتية، وضرائب شبه معدومة.
وكل ذلك مقابل شيء واحد… "تعالوا وصنّعوا هنا."
الصين.. ورشة العالم الكبرى
خلال سنوات معدودة، تحولت الصين إلى أكبر ورشة صناعية على وجه الأرض، كانت تصنع كل شيء، من الإبرة إلى الطائرة، لكنها لم تكتفِ بالتصنيع، فقد أدركت أن المستقبل لا يُصنع بالأيدي فقط، بل بالعقول.
أنفقت الصين المليارات على تعليم جيل جديد من المهندسين والعلماء، وأرسلت أبناءها إلى أرقى الجامعات في الولايات المتحدة وأوروبا، تعلّموا أفضل ما في الغرب، ثم عادوا إلى الوطن ليبنوا نسخة صينية متقدمة، بوتيرة أسرع وطموح أعلى.

من مصنع للبضائع إلى مصنع للأفكار
بهذا التحول، لم تعد الصين مجرد مصنع عالمي للبضائع، بل أصبحت مركزًا عالميًا للأفكار والتكنولوجيا، ومع مرور الوقت، توسعت هيمنتها لتشمل المواد الخام، وسلاسل التوريد، والخدمات اللوجستية، اليوم، يكاد لا يخلو منتج في العالم من مكوّن صيني أو خدمة مرتبطة بالصين.
بدأت الولايات المتحدة والدول الغربية تدرك أن فك الارتباط عن الصين أصبح مهمة شبه مستحيلة، فالشركات العالمية تجد صعوبة في الاستغناء عن سرعة الإنتاج وتكلفته المنخفضة في الصين، فضلًا عن اعتمادها الكبير على سلاسل التوريد الصينية.
الحزام والطريق.. شريان الصين العالمي
ثم جاءت الخطوة الأخطر.. مبادرة الحزام والطريق، مشروع ضخم يربط آسيا بأفريقيا وأوروبا عبر شبكة من الطرق والموانئ والسكك الحديدية، ممتدًا في قلب القارات ليجعل من الصين محورًا لا غنى عنه في الاقتصاد العالمي، ولم تعد الصين بحاجة إلى أسواقها الداخلية فقط، بل مدت نفوذها إلى شرايين الاقتصاد العالمي.
ترامب يشعل الحرب التجارية
حين أدركت واشنطن أن الصين لم تعد مجرد شريك تجاري بل خصم يهدد تفوقها الاقتصادي، لم تجد أمامها سوى التصعيد، في عام 2018، أطلق الرئيس دونالد ترامب شرارة الحرب التجارية الكبرى، معلنًا بدء مواجهة مفتوحة مع العملاق الآسيوي.

الرسوم الجمركية.. البداية الساخنة
فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية ضخمة على الواردات الصينية، وردّت بكين بالمثل، مستهدفة المنتجات الزراعية والطاقة الأميركية، لضرب قلب الاقتصاد الأميركي الريفي والصناعي.
لم تقتصر المعركة على الرسوم، بل امتدت إلى التكنولوجيا، أميركا منعت شركاتها من التعامل مع "هواوي"، عملاق الاتصالات الصيني، محاولة كبح الطموح التكنولوجي الصيني، في المقابل، دعمت الصين شركاتها بقوة، وحفّزت الابتكار المحلي في مواجهة الحصار.
صُنع في أميركا.. الحلم القديم يعود
أعادت إدارة ترامب شعار "صُنع في أميركا" إلى الواجهة، تبنته الإدارات التالية في محاولة لإحياء الصناعة الوطنية وتقليل الاعتماد على الخارج.
لكن الواقع لم يكن سهلًا.. بناء المصانع يحتاج سنوات، وتدريب العمالة يستغرق وقتًا، وتكاليف الإنتاج داخل أميركا تفوق مثيلاتها في الصين بكثير.
رغم الضغوط، حافظت الصين على تفوقها في سلاسل الإمداد وسرعة الإنتاج، وباتت الشركات العالمية في حيرة، الخروج من السوق الصينية مكلف، والبقاء أكثر ضمانًا.

المعادن النادرة.. سلاح الصين الاستراتيجي
تمتلك الصين أكثر من 60% من المعادن الأرضية النادرة، المستخدمة في الإلكترونيات والتكنولوجيا والدفاع، وهذه الموارد قد تتحول إلى ورقة ضغط استراتيجية بيد بكين، الولايات المتحدة بدأت البحث عن بدائل، لكنها باهظة ومحدودة.
صراع القرن.. من يملك مفاتيح الغد؟
نحن اليوم أمام صراع اقتصادي وجودي بين عملاقين، الصين تواصل تمددها بثقة وصمت، تربط العالم بمبادراتها، وتضعف هيمنة الدولار، والولايات المتحدة تحاول جاهدة استعادة مجدها، وتخوض معركة شرسة للحفاظ على مكانتها كقوة أولى.
السؤال يكمن هنا.. من سيربح معركة القرن؟ ومن سيمسك بمفاتيح الاقتصاد العالمي لعقود مقبلة؟
الزمن وحده كفيل بالإجابة، لكن المؤكد أن العالم بعد هذه المواجهةلن يكون كما كان.
Short Url
ترامب وماسك يُقلّصان الحكومة بـ15 ألف استقالة دفعة واحدة
05 مايو 2025 03:50 م
شبكات الاتصالات بين الوعود والواقع، هل خذل الجيل الخامس العالم؟
04 مايو 2025 07:12 م
مصر والمغرب، آفاق جديدة للتجارة في الصناعات الغذائية واللوجستية
04 مايو 2025 04:02 م


أكثر الكلمات انتشاراً