في ظل الصراعات الحالية، من يُزيح الدولار الأمريكي عن عرشه؟
الثلاثاء، 22 يوليو 2025 12:44 م

الدولار
ظل الدولار الأمريكي العملة المهيمنة في التجارة والتمويل العالمي لأكثر من سبعين عامًا، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، مستفيدًا من القوة الاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة، ونظام المؤسسات المالية العالمية التي ارتبطت ارتباطًا وثيقًا به.

هذه الهيمنة لم تكن مجرد صدفة، بل نتاج بناء مؤسسي شامل، شمل سوق سندات خزانة عميقًا، وسيولة عالية، وثقة عالمية كبيرة جعلت من الدولار الملاذ الأول للاحتياطات النقدية للبنوك المركزية حول العالم.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة اليوم، وسط تغيرات جيوسياسية واقتصادية متسارعة، هو، هل يمكن أن يُزيح الدولار الأمريكي عن عرشه كعملة احتياطية عالمية؟ وإذا كان الأمر ممكنًا، فمن هي القوة أو العملة التي قد تحل محله؟
اقرأ أيضًا:
ضبط تجار عملات أجنبية خارج السوق المصرفي بحوزتهم 11 مليون جنيه
التحديات التي تواجه الدولار الأمريكي
على الرغم من استمرار هيمنة الدولار، هناك مؤشرات واضحة على تآكل هذه المكانة، وإن كان ذلك ببطء، حصة الدولار من الاحتياطيات العالمية انخفضت من حوالي 67% قبل عقدين إلى نحو 60% حاليًا، مع توجه بعض البنوك المركزية إلى تنويع احتياطياتها باستخدام اليورو، الجنيه الإسترليني، وحتى بعض العملات الناشئة مثل اليوان الصيني.
لكن التحدي الأكبر الذي يواجه الدولار اليوم، لا يأتي من المنافسة التقليدية بين العملات، بل من عوامل داخلية أميركية بحتة.
سياسة الحماية التجارية التي أطلقها الرئيس ترامب مع فرض تعريفات جمركية مرتفعة على واردات الولايات المتحدة، لا سيما من شركائها التجاريين الرئيسيين مثل كندا والمكسيك، أزعجت الأسواق العالمية وأثرت سلبًا على ثقة المستثمرين.
إضافة إلى ذلك، ما زاد الطين بلة هو الهجوم المستمر الذي شنه ترامب على استقلالية البنك المركزي الأمريكي، بما في ذلك الإساءة لرئيسه جيروم باول، وهو ما يضر بثقة الأسواق في قدرة المؤسسة النقدية على إدارة السياسة النقدية بشكل مهني وموثوق.

لماذا الدولار لا يزال صامدًا؟
رغم هذه التحديات، تبقى قوة الدولار مدعومة بعدة عوامل جوهرية:
عمق سيولة سوق سندات الخزانة الأمريكية: السوق الأكبر عالميًا والأكثر سيولة، وهو ما يجعل من السهل على الدول والمستثمرين شراء وبيع الأوراق المالية بالعملة الأمريكية، وضمان أمان استثماراتهم في الأوقات الحرجة.
حرية التحويل: الدولار يتمتع بحرية تحويل كاملة، ما يجعله خيارًا مريحًا وموثوقًا للتعاملات الدولية، مقارنة بالعملات التي تواجه قيودًا أو رقابة شديدة من حكوماتها.
الدور المركزي للاقتصاد الأمريكي: لا تزال الولايات المتحدة أكبر اقتصاد عالمي، ومركزًا ماليًا مهمًا، والعملة الأمريكية تستخدم في تسوية أغلب التجارة الدولية، خاصة في السلع الاستراتيجية مثل النفط والغاز.
الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية: يمنح الدولار الولايات المتحدة قدرة كبيرة على فرض عقوبات اقتصادية على الدول التي تعارض سياساتها، وهو ما يعزز الطلب على العملة الأمريكية بين الدول الصديقة.
اقرأ أيضًا:
الصين تحفر قبر الدولار.. اربطوا أحزمة الأمان، صراع القرن يبدأ الآن
من هم المنافسون المحتملون؟
بينما يركز النقاش عادةً على اليورو واليوان الصيني، يجب التمييز بين الإمكانات والواقع الحالي:
اليورو: رغم مكانته كعملة الاتحاد الأوروبي، إلا أن التحديات السياسية والاقتصادية داخل أوروبا، وتباين السياسات بين دول الاتحاد، تجعل من الصعب للاتحاد الأوروبي توحيد جهوده لتحدي الدولار بشكل جدي.
اليوان الصيني: يتقدم كمرشح محتمل، خاصة مع صعود الصين كقوة اقتصادية عظمى، لكن قيود الحكومة الصينية على حرية تحويل العملة، وعدم شفافية الأسواق المالية، يعيقان قبول اليوان كعملة احتياطية عالمية.
العملات المقترحة لتكتلات اقتصادية مثل بريكس: ما زالت في مراحل مبكرة من التطوير، ولم تثبت حتى الآن قدرتها على تحدي الدولار أو توفير سيولة وموثوقية كافية.

هل سينهار عرش الدولار قريبًا؟
لا يمكن إنكار أن السياسات الأمريكية الحالية، خاصة مع إدارة ترامب في ولايته الثانية، تشكل أكبر تهديد لمكانة الدولار حتى الآن.
فالإجراءات الحمائية، وعدم احترام قواعد الحكم الرشيد والمؤسسات المالية المستقلة، يخلق حالة من عدم اليقين والقلق بين الشركاء والمستثمرين.
لكن حتى اليوم، لم تظهر بدائل قادرة على تقديم نفس مزايا الدولار من حيث السيولة، الثقة، والحرية في التحويل، وهذا يعني أن زوال هيمنة الدولار لن يكون نتيجة حتمية لقوة منافسة جديدة، بل قد يكون كارثة من صنع السياسات الداخلية الأمريكية.
لذا، يبقى المستقبل معلقًا بين قدرة الولايات المتحدة على إصلاح سياساتها وإعادة بناء الثقة، وبين مدى سرعة وقوة المنافسين العالميين في استغلال أي ضعف للانقضاض على موقع الدولار، وفي النهاية، العملات الاحتياطية الكبرى تصنعها القرارات الاقتصادية والسياسية الحكيمة، وليس المصير المحتوم.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
سوق السكر في مصر، طفرة استثمارية وتوجهات واعدة نحو الاكتفاء الذاتي (أرقام وتوقعات)
22 يوليو 2025 04:22 م
خريطة الاستثمار العالمية بالأرقام.. أغنى 10دول من حيث الناتج المحلي الإجمالي
22 يوليو 2025 04:11 م
كيف تعمل الموانئ الجافة؟ دليل شامل لأهميتها وأبرز المواقع العالمية
22 يوليو 2025 02:41 م
أكثر الكلمات انتشاراً