الإثنين، 23 يونيو 2025

07:42 ص

كيف تخطط الدول للابتعاد عن الدولار؟ الذهب في قلب الاستراتيجيات الجديدة (تفاصيل)

السبت، 21 يونيو 2025 09:48 م

الذهب والدولار

الذهب والدولار

بينما تتغير موازين القوى الاقتصادية في العالم، تلوح في الأفق ملامح نظام نقدي عالمي جديد، تتراجع فيه هيمنة الدولار الأمريكي، التي استمرت لعقود، ويصعد فيه الذهب من جديد كلاعب رئيسي في احتياطيات البنوك المركزية.

استخدام الدولار كأداة للضغط السياسي والاقتصادي

فقد دفع استخدام الدولار كأداة للضغط السياسي والاقتصادي، وتصاعد التوترات الجيوسياسية، العديد من الدول إلى إعادة النظر في تركيبة احتياطاتها، والاتجاه نحو بدائل أكثر حيادية واستقرارًا. 

وفي قلب هذا التحول، يبرز الذهب كخيار آمن ومتين يعيد تشكيل خريطة الثقة النقدية العالمية. فهل بدأ العالم فعلاً في فك الارتباط بالدولار؟ وهل نحن على أعتاب مرحلة جديدة تهيمن فيها العملات المتعددة والمعدن الأصفر؟

وتؤكد بيانات وتقارير دولية حديثة أن العالم يشهد بداية تحول نوعي في النظام المالي العالمي، تتصدره الرغبة في التحرر من هيمنة الدولار، والبحث عن بدائل أكثر حيادية وأقل عرضة للتقلبات السياسية.

95% من البنوك المركزية تخطط لشراء الذهب

وأظهر استطلاع حديث أجراه مجلس الذهب العالمي ونشرته صحيفة فايننشال تايمز أن نحو 95% من البنوك المركزية أعربت عن نيتها مواصلة شراء الذهب خلال الـ12 شهرًا المقبلة، وهي النسبة الأعلى منذ بدء الاستطلاع في عام 2018.

ويعكس هذا التوجه رغبة متزايدة في تنويع الاحتياطيات، وتقليل التعرض لتقلبات الدولار، الذي بات أداة تستخدمها واشنطن في فرض العقوبات على خصومها السياسيين والاقتصاديين.

تراجع الثقة في الدولار

في المقابل، يتوقع 3 من كل 4 بنوك مركزية خفض حيازاتها من الدولار خلال السنوات الخمس المقبلة، في دلالة صريحة على تراجع الثقة بالعملة التي لطالما شكّلت ركيزة النظام النقدي الدولي.

ولم تأتي هذه التوجهات من فراغ، بل نتيجة تراكم عوامل عدة، من أبرزها تصاعد الحروب التجارية، والضغوط الجيوسياسية، والقلق من حيادية النظام المالي الدولي الذي تقوده واشنطن.

 

أسعار الذهب تقفز 100% خلال عامين

تعزز هذا الاتجاه الطفرة التي يشهدها الذهب، حيث قفزت أسعاره بنسبة تجاوزت 30% منذ بداية العام، ليستقر فوق مستوى 3400 دولار للأونصة، فيما ارتفعت قيمته بنحو 100% خلال عامين فقط.

ويشير مراقبون إلى أن هذه القفزات ليست فقط نتيجة تحركات المستثمرين والمضاربين، بل بسبب قرارات استراتيجية تصدر من غرف البنوك المركزية في عواصم العالم.

الذهب وسيلة للسيادة المالية

وبدأت بعض الدول خطوات عملية لاستعادة سيادتها المالية من خلال تخزين الذهب محليًا، على سبيل المثال، شرعت الهند ونيجيريا في استعادة كميات من احتياطياتهما الذهبية المودعة في لندن ونيويورك، في خطوة رمزية ومادية لتقليل الاعتماد على النظام المالي الغربي.

الصين وروسيا تقودان تحوّلاً استراتيجيًا

وفي ظل هذه التغيرات، تتحرك قوى كبرى مثل الصين وروسيا لإضعاف هيمنة الدولار، من خلال تعزيز استخدام العملات المحلية في التبادلات التجارية، وإنشاء أنظمة دفع بديلة.

فقد أعلن محافظ البنك المركزي الصيني مؤخرًا عن خطة لإنشاء نظام مالي عالمي متعدد العملات، كبديل عن الاعتماد على عملة واحدة، مشيرًا إلى مخاطر الاعتماد المفرط على الدولار، دون أن يسميه مباشرة، مؤكدًا ضرورة تنويع مراكز الثقل في النظام المالي العالمي،  وفقًا لما ذكرته رويترز.

وأشار تقرير حديث لصحيفة نيويورك تايمز، أن إدارة ترامب تحدثت عن إضعاف العملة الأمريكية “الدولار”، مقابل العملات الاخرى، من أجل جعل الصادرات أكثر جاذبية للمشترين في الخارج، موضحًا أن انخفض الدولار بشكل واضح خلال هذا العام، بنسبة 11% أمام اليورو.

CIPS.. بديل صيني لـ SWIFT

في هذا السياق، كشفت تقارير عن انضمام مؤسسات أجنبية كبرى إلى نظام الدفع عبر الحدود في الصين (CIPS)، الذي يُعد بديلاً محتملاً لنظام SWIFT العالمي، ومن بين هذه المؤسسات بنك OCBC السنغافوري وبنك Eldik في قيرجيزستان، بحسب تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز".

كما تم توقيع خطة عمل بين سلطات هونج كونج وشنغهاي لتعزيز العلاقات المالية وتوسيع التعاملات المقومة باليوان.

هل نحن أمام نهاية هيمنة الدولار؟

رغم هذه التحركات الجادة، لا يزال الدولار يتمتع بقوة مؤسسية ضخمة، حيث يُشكل نحو 50% من احتياطيات النقد الأجنبي العالمية، رغم انخفاضه من 70% قبل عقدين. 

كما أن أسواق المال الأمريكية تظل الأكثر سيولة وأمانًا عالميًا، في ظل غياب بديل يمتلك ذات العمق القانوني والثقة المؤسسية.

لكن في المقابل، تؤكد مؤشرات عدة أن العالم يتجه نحو نظام نقدي متعدد الأقطاب، تتقاسم فيه عملات مثل اليوان الصيني واليورو وحتى العملات الرقمية جزءًا من الدور التاريخي الذي لعبه الدولار.

خريطة مالية جديدة تُرسَم بالذهب

التحولات الحاصلة ليست عابرة، بل تمثل بداية عصر جديد يعاد فيه تشكيل النظام المالي العالمي على أسس أكثر توازنًا، وقد يكون الدولار بعيدًا عن السقوط المباشر، لكنه يواجه بالفعل تآكلًا تدريجيًا في مكانته العالمية. 

أما الذهب، فبات مرة أخرى في صلب خريطة الثقة النقدية، ليس كأصل استثماري فقط، بل كأداة سيادية وركيزة لاستقرار المستقبل المالي للدول.

اقرأ أيضًا: بعد موجة صعود قياسية، الذهب يتراجع لأول مرة منذ أسابيع رغم تصاعد التوترات

Short Url

search