الأربعاء، 09 يوليو 2025

08:38 م

من بكين لتكساس، تفاصيل حرب المعادن النادرة من تحت الطاولة

الأربعاء، 09 يوليو 2025 03:27 م

المعادن النادرة

المعادن النادرة

تحليل/ ميرنا البكري

هناك معركة جديدة بين أمريكا والصين، ليس بالدبابات والصواريخ، بل تدور حول المعادن النادرة وأشباه موصلات، وخاصةً "الأنتيمون" و"الجاليوم" و"الجرمانيوم".

منذ أن فرضت الصين حظرًا على تصديرهم إلى الولايات المتحدة، شهدنا عمليات تهريب منظم وإعادة شحن عبر أطراف ثالثة، مما يكشف إلى أي مدى أصبحت الحروب الاقتصادية  أذكى وأخطر من الحروب التقليدية.

ما حدث لا يكشف نقاط ضعف في العقوبات، لكنه أيضًا يعطي لمحة عن صراع طويل على الموارد التي تشغل العالم الرقمي.

سعر معدن الأنتيمون وخصائصه الكيميائة والفيزيائية العامة - آراد برندینک
معدن الأنتيمون

 المعادن النادرة، قلب المعركة الجديدة

لا تحظي المعادن مثل الأنتيمون والغاليوم والجرمانيوم  بشهرة بين عامة الناس، لكنها تغذي بطاريات الأجهزة الذكية، الرقائق الإلكترونية، معدات الاتصالات، والصناعات العسكرية.

وتمتلك الصين اليد العليا في الإنتاج العالمي، وعندما حظرت بكين تصدير المعادن  لأمريكا في ديسمبر 2024، كان واضح أن العالم دخل مرحلة جديدة من الحرب الاقتصادية.

 من بكين لتكساس، عبر بانكوك ومكسيكو

رغم الحظر، أثبتت البيانات دخول كميات ضخمة من الأنتيمون لأمريكا من تايلاند والمكسيك، مما يعني وجود عمليات إعادة شحن ممنهجة، عن طريق خروج المعادن من الصين، والذهاب لبلد أخرى، ويتم تغيير الأوراق والعناوين، ثم تدخل إلى الولايات المتحدة وكأنها واردات من مصدر غير خاضع للحظر.

 استوردت أمريكا 3834 طن من أكاسيد الأنتيمون من تايلاند والمكسيك في خمس شهور فقط، وهذا أكثر من الذي استوردته في 3 سنوات ماضية، أي من الواضح أن الحظر يُخترق، ولكن بذكاء وحذر.

 التهريب الأنيق، حينما الحديد يتحول لجاليوم

ما يحدث ليس تهريب بالمعنى التقليدي بل لعبة معلومات ومستندات، فيتم تسجيل المنتج تحت مسميات مثل "حديد" أو "زنك" أو حتى "لوازم فنية"، ويعاد توجيهه من خلال شركات شحن محترفة في التمويه، 

كما قالت شركة "بوبليكان" المتخصصة في تتبع الشحنات: “أبدعت الشركات الصينية في كسر الحظر”، وفي المقابل اعترفت الصين بأن هناك "جهات خارجية تواطأت مع منتهكي القانون" للالتفاف على الحظر، وبدأت حملة لمواجهة التهريب.

الربح أولاً، لماذا يخاطر البعض بكسر العقوبات؟

 الإجابة تُختصر في كلمة واحدة وهي الربح، حيث ارتفعت الأسعار لمستويات قياسية بسبب النقص، كما يُباع الجاليوم مثلًا في السوق الأمريكي بسعر أعلى بكثير، ويحقق التهريب أرباح خيالية، مما يدفع الشركات للمغامرة.

هذه المغامرة ليست ببلاش، بل يٌعاقب القانون الصيني على التهريب حتى إذا تمت الصفقة خارج البلد، والعقوبة قد تصل لخمس سنوات سجن أو أكثر.

اقرأ أيضًا: 

المعادن النادرة، سلاح الصين السري يشعل صراع العمالقة

الصين توافق على تصدير المعادن النادرة لأمريكا ضمن خطة تخفيف التوترات

المعادن النادرة: مجال آخر للتنافس الصيني الأمريكي!! – الوفاق
حرب المعادن النادرة بين الصين وامريكا 

الولايات المتحدة على دراية تامة، لكنها تسمح باستمرار اللعبة

المثير أكثر، أن القانون الأمريكي لا يمنع الشركات من شراء الأنتيمون أو الجاليوم حتى لو مصدره الأصلي الصين، لطالما الشحنة أتت من بلد ثالث ومعها أوراق سليمة، أي أمريكا ترى ما يحدث، إلا انها أبقت الباب مواربًا من أجل احتياجات الصناعات الأميركية، وأيضًا لأن البدائل لازالت قليلة ومرتفعة التكلفة، ولأن الحظر الكامل قد يعطل مصانع ومشاريع ضخمة، فالنتيجة أن ما يحدث فعليًا هو حرب باردة من تحت الطاولة.

أبرز النتائج على واقع الأرض

1.ارتفعت واردات أمريكا من الأنتيمون والجاليوم والجرمانيوم لمستويات قريبة من قبل الحظر.

2.أصبح كلًا من تايلاند والمكسيك من أكبر مستوردي الأنتيمون الصيني.

3.اتجهت بعض شركات أمريكية صغيرة ومتوسطة لتوريد المعادن بطرق ملتوية.

4.تعاني الصين من ثغرات في تطبيق نظام مراقبة التصدير.

5.يضعف الحظر في الواقعن رغم أنه موجود على الورق.

 التوقعات، حرب المعادن مازالت في بدايتها

يعتبر ما حدث بداية لمعارك أطول وأعمق، ومن المتوقع: 

1. استمرار طرق إعادة التصدير عبر أطراف ثالثة

2.تصعيد من الصين لتضييق الرقابة على المصدرين

3.لجوء أمريكا لتصنيع محلي أو تنويع وارداتها من دول أخرى (كازاخستان، فيتنام، أفريقيا)

4.تظل الأسعار مرتفعة طالما الحظر مستمر.

5.تستفيد بعض الدول الناشئة كمحطات عبور ومراكز لوجستية.

اقرأ أيضًا: 

من الأعماق إلى القمة، اكتشاف معادن نادرة يغير مستقبل التكنولوجيا

TRENDS Research & Advisory - Critical Minerals and the U.S.-China Trade War
حرب المعادن النادرة وأشباه الموصلات

ختامًا، تحاول الصين  التحكم في مفاتيح التكنولوجيا من خلال سيطرتها على المعادن النادرة، وتسعى أمريكا لإيجاد طرق بديلة، حتى لو بها تحايل،  والنتيجة؟ سوق عالمي قلق، وسلاسل توريد مرهقة، ومخاطر عالية، وأسعار تشتعل.

لا تنتهي هذه المعركة قريبًا، لأن من يملك الجاليوم والأنتيمون، يملك شرائح الكمبيوتر، والبطاريات، ومعدات الاتصالات، أي باختصار مستقبل العالم.

تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
 

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، وبالاضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

showcase
search