الصين وميانمار، تحالف هشّ في قلب معركة المعادن النادرة
الأربعاء، 25 يونيو 2025 12:16 م

المعادن النادرة
تحليل/ ميرنا البكري
في الوقت الذي يسابق فيه العالم الزمن نحو الطاقة المتجددة والتكنولوجيا المتقدمة، أصبحت المعادن الأرضية النادرة عملة نادرة بالفعل، ومسرح جديد لصراع النفوذ العالمي.
الصين، رغم إنها أكبر منتج، أصبحت تعتمد بشكل ضخم على واردات من ميانمار، دولة صغيرة ممزقة بالحروب، لكنها أصبحت شريان حياة استراتيجي لبكين.

مناجم ميانمار، الكنز الذي تحت الرماد
من شمال ميانمار، وخاصةً من رواسب "الطين الأيوني"، تستورد الصين معادن نادرة ثقيلة مثل الديسبروسيوم والتيربيوم، عناصر حيوية للصناعات الحساسة: الفضاء، الدفاع، البطاريات، الطاقة المتجددة.
وما زود أهمية ميانمار، إن الصين بدأت في إغلاق مناجمها المحلية بسبب التلوث، فاتجهت لمصدر خارجي يكون أرخص وأقل تشددًا بيئيًا، وكانت ميانمار هي الاختيار المناسب.
الصين تُمسك بزمام اللعبة، ميانمار تستخرج، وبكين تُكرر وتضيف القيمة
ما يحدث غريب للغاية، الصين هي أكبر منتج عالمي، لكن في نفس الوقت تستورد من ميانمار حوالي 57% من احتياجاتها من المعادن النادرة الثقيلة.
وهذا يشير إلى اعتماد بكين على ميانمار، لكن تحافظ على السيطرة عن طريق إنها تسيطر على المرحلة الأهم: المعالجة النهائية داخل أراضيها، واستنادًا لما قالته باسكاران: "ميانمار تستخرج، الصين تكرر وتضيف القيمة".
الانقلاب العسكري، قلب الطاولة على الصين
من بعد انقلاب 2021، غرقت ميانمار غرقت في فوضى وذلك أثر تأثير مباشر على سلاسل التوريد، تحديدًا عندما سيطر جيش استقلال كاشين عام 2024 على مواقع تنتج نصف معادن العالم النادرة الثقيلة.
الصين فجأة وجدت نفسها في وضع حساس جدًا، بعد ما كانت تعمل بـ"عقيدة السيطرة من بعيد"، وجدت الخطر على بابها. النتيجة؟ تقطعت الإمدادات، الأسعار اشتعلت، المستثمرين توتروا، والاعتماد على ميانمار أصبح مخاطرة كبيرة.
بالأرقام، الأزمة تتضح
هبطت واردات الصين من أكاسيد المعادن الأرضية النادرة من ميانمار لأكثر من الثلث خلال أول 5 شهور من العام الحالي مقارنة ب‘ام 2024، وقال ديفيد ميريمان بوضوح: "إذا وقفت ميانمار التصدير تمامًا، لا تستطيع الصين تسد العجز على المدى القصير".
محاولات التنويع، الطريق ليس سهل
بدأت بكين تنظر حولها: ماليزيا، لاوس، هؤلاء دول جارة لديها احتياطات، لكن المعايير البيئية في هذه الدول أعلى، والتكلفة أعلى، وأيضًا هناك رقابة دولية أكثر على ممارسات الشركات الصينية، أي هناك احتمال للتنويع، لكن غير مضمون وسهل مثل ميانمار، التي كانت تعطيهم كل شيء بأقل تكلفة وبأقل مقاومة.
اقرأ أيضًا:
المعادن النادرة، سلاح الصين السري يشعل صراع العمالقة
الصين تهيمن والغرب يحاول فك التبعية، المعادن النادرة نفط القرن 21

رسالة تحذير من الصين للعالم
بدأت الصين تخفض استخراجها من العناصر الأرضية النادرة الثقيلة، وذلك قد يكون رسالة مزدوجة:
1. تحذير لباقي الدول: احذروا، تطوير هذه المناجم مكلف للغاية وملوث.
2. ضغط غير مباشر: لكي تظل هي صاحبة الكلمة العليا في السوق.
كما وثق تقرير "كايكسين" في 2022 حجم التلوث الذي نتج من عمليات سابقة في جنوب الصين من مياه مسممة، وتربة ضائعة، ومزارعين تدمروا تمامًا. وهو ما يجعل الكل متردد لدخول هذه اللعبة.
اقرأ أيضًا:
الصين توافق على تصدير المعادن النادرة لأمريكا ضمن خطة تخفيف التوترات
توقعات وتحذيرات للمستقبل
إذا فشلت الصين في تنويع مصادرها بسرعة، ستواجه أزمة في الصناعات التكنولوجية والمتجددة، وإذا ظلت ميانمار غير مستقرة، الأسعار تظل مشتعلة والدول ستقلق وتبدأ تخزن.
وقد تظهر فرص لدخول السوق أمام دول مثل أستراليا وكندا، إذا تمكنت من المواكبة بيئيًا وبوتيرة سريعة، والمستهلك النهائي سيتأثر من سعر الهاتف حتى مكونات الطاقة النظيفة والسيارات الكهربائية.
ختامًا، المعادن النادرة ليس مجرد موارد بل أصبحت أداة للسيطرة والضغط، كما استخدنها بكين لسنوات كسلاح ناعم، لكن فجأة وجدت نفسها تعتمد على بلد غير مستقر، والعالم بدأ يفكر: هل من المقبول أن تظل الصين مهيمنة على ما يُعرف بـذهب القرن 21؟"
المعركة مازالت في بدايتها، وأي تغيير في معادلة ميانمار قد يهز الصناعة العالمية بدءًا من البطارية حتى المقاتلة الجوية.
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، وبالاضافة لتغطية ومتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
سلام مؤقت واقتصاد يرتجف، ماذا تخفي هدنة إيران وإسرائيل؟
24 يونيو 2025 02:25 م
وزير الري: تأهيل محطات الرفع بالجيزة لتوفير الاحتياجات المائية خلال الصيف
24 يونيو 2025 10:30 ص
رد إيران يفاجئ الأسواق، النفط يهبط و«وول ستريت» تحلق فوق التصعيد
24 يونيو 2025 02:58 ص


أكثر الكلمات انتشاراً