الجمعة، 27 يونيو 2025

12:11 ص

النسيج المصري، قطاع يتجدد بخيوط الأمل ويراهن على التنويع والابتكار

الخميس، 26 يونيو 2025 05:50 م

قطاع النسيج

قطاع النسيج

في لحظة فارقة من عمر الاقتصاد المصري، يقف قطاع النسيج أحد أعرق الصناعات في الشرق الأوسط على عتبة تحول نوعي، لا يقاس فقط بالأرقام بل بالاتجاهات. 

قطاع النسيج 

وبينما يشير البعض إلى تراجع نسبي في صادرات القطاع خلال عام 2024، إلا أن قراءة دقيقة للمشهد تكشف عن معالم انتعاش صامت، ونضوج في هيكل الصناعة، وبوادر اختراق لأسواق جديدة، وكلها مؤشرات تؤكد أن النسيج المصري لم يفقد خيوطه، بل يُعيد نسج مستقبله.

من القطن إلى الكتان.. سلة الصادرات تتنوع وتتجدد

لطالما ارتبطت صورة النسيج المصري بالقطن طويل التيلة، رمز الفخر الوطني لعقود، وهو لا يزال يحتل مكانة بارزة، حيث سجل صادرات بلغت 390 مليون دولار في 2024، لكن الاعتماد التقليدي على القطن بدأ يتراجع لصالح قاعدة أوسع من الألياف والمكونات النسيجية.

البطولة في هذا التحول كانت من نصيب الألياف النباتية الأخرى مثل الجوت والكتان، التي شهدت نموًا مذهلًا، إذ قفزت صادراتها من 23 مليون دولار في 2020 إلى 137 مليون دولار في 2024، أي أكثر من ستة أضعاف. 

هذا الصعود الصامت يثبت أن القطاع بدأ يفهم جيدًا تغيرات الأسواق العالمية واتجاهاتها نحو الأقمشة المستدامة والبديلة.

 

اقرأ أيضًا:

«التريكو»، فن الحياكة الحديثة بعالم صناعة الملابس

الصناعات التحويلية تكتسب زخمًا.. القيمة المضافة تقود الطريق

في تحوّل استراتيجي نحو التصنيع الذكي، بدأت مصر تخرج تدريجيًا من دور المورد التقليدي للمواد الخام، لتلعب دورًا أكثر تقدمًا في سلسلة القيمة. 

الدليل على ذلك نمو صادرات النسيج المعالج والمغلف HS 59 من نحو 1.3 مليون دولار إلى أكثر من 6.5 مليون دولار خلال خمس سنوات.

كما شهدت قطاعات مثل الخيوط الصناعية والأقمشة المحبوكة تحسنًا ملحوظًا على المدى الطويل، رغم بعض التذبذبات قصيرة الأجل، هذه المنتجات تؤكد أن السوق المصري أصبح أكثر استعدادًا للمنافسة في قطاعات أكثر تطورًا تتطلب تقنيات وإضافات فنية عالية.

الصوف 

الصوف والأنسجة الحيوانية.. أداء هادئ لكنه ثابت

بعيدًا عن الضجيج، حافظت صادرات الصوف والأنسجة الحيوانية على استقرارها، حيث ارتفعت من 36.9 مليون دولار في 2020 إلى 43.5 مليون دولار في 2024، ما يعكس استمرار الطلب على المنتجات النسيجية الطبيعية، خاصة في أسواق أوروبا التي تولي اهتمامًا خاصًا بالمواد البيئية.

الحرير يتراجع لكن الصورة الكلية تبقى إيجابية

الحرير الطبيعي، رغم رمزيته العالية، تراجع بشكل حاد إلى صادرات لا تتجاوز 15 ألف دولار في 2024. ومع ذلك، فإن هذا التراجع لا يؤثر على الصورة العامة، إذ أنه يمثل شريحة ضيقة من الصادرات، في مقابل صعود قطاعات أكثر تنوعًا وربحية.

اقرأ أيضًا:

أزمات السوق ومكامن الحل، صناعة النسيج بين مطرقة «الاحتكار» وسندان «الغلاء»

مدن النسيج الجديدة.. بنية تحتية تليق بتاريخ الصناعة

الدولة المصرية لا تكتفي بالمراقبة، بل تشارك بفاعلية في رسم مستقبل هذه الصناعة، ومن خلال مشاريع كبرى مثل مدينة الروبيكي للجلود والنسيج، وخطط تطوير المحلة الكبرى، تُضخ استثمارات ضخمة في البنية التحتية، وربط الصناعة باللوجستيات، وتسهيل التصدير، وتوفير التدريب التكنولوجي للعمالة، وهو ما يعزز من تنافسية المنتج المصري.

قطاع المنسوجات

الحكومة على الخط.. دعم تمويلي وتوجه تصديري واضح

تزامنًا مع التراجع الطفيف في إجمالي صادرات القطاع عام 2024، أطلقت الحكومة سلسلة من المبادرات لدعم الصناعة، شملت تمويلات ميسرة للمصنعين، وحوافز للصادرات. 

فضلاً عن خطط لإعادة تأهيل أراضي زراعية لزراعة القطن والبذور الجديدة، واستهداف الأسواق الأفريقية واللاتينية بمنتجات عالية الجودة وسعر منافس.

فرص التوسع في الأسواق الخضراء والتقنية

مع تزايد التوجه العالمي نحو الموضة المستدامة والملابس المعاد تدويرها، أصبحت مصر في موقع مثالي للعب دور قيادي إقليمي، خاصة مع توافر الأيدي العاملة، والخبرة الصناعية، والموارد الطبيعية، وفرص الدخول إلى قطاعات مثل الأقمشة الطبية، والملابس الذكية، والنسيج التقني باتت أقرب من أي وقت مضى.

اقرأ أيضًا:

صناعة تتحكم بها «أيدٍ خفية»، النسيج المصري في قبضة الاحتكار

صناعة لا تموت بل تتطور

رغم العناوين التي تركز على تراجع محدود في 2024، فإن الحقائق تؤكد أن قطاع النسيج المصري لم يتراجع بقدر ما أعاد ترتيب أوراقه. 

صحيح أن القطن خسر جزءًا من بريقه، لكن قطاعات أخرى بزغت وبرزت بقوة. الصناعة لا تموت، بل تتبدل وتتطور، وتستجيب لمنطق السوق ومتغيراته.

صنع في مصر

“صنع في مصر” ليست شعارًا بل استراتيجية قابلة للتحقق

في ظل ما كشفته البيانات من تماسك في بعض القطاعات، ونمو في أخرى، تلوح في الأفق ملامح مستقبل مشرق لصناعة النسيج في مصر. 

ومع استكمال خريطة التصنيع الجديدة، وتنفيذ استراتيجية الدولة لتعزيز الصادرات إلى 100 مليار دولار سنويًا، فإن النسيج، باعتباره من الصناعات الكثيفة العمالة وعالية القيمة، يبقى أحد أعمدة هذه الطموحات.

وإذا استمرت الحكومة والقطاع الخاص على هذا النهج، فإن عبارة "صنع في مصر" لن تكون شعارًا على ملصق، بل ختم جودة حقيقي يعود به النسيج المصري إلى مكانته المستحقة على خريطة الأسواق العالمية.

تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ 24 ساعة، لـ أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

showcase
showcase
search