"9 دول نووية".. سباق تسلح يُكلف العالم مليارات ويهدد استقراره الاقتصادي
الخميس، 19 يونيو 2025 09:31 م

الأسلحة النووية
في عالم يشكل فيه الردع النووي عملة سياسية، تواصل 9 دول إنفاق مئات المليارات من الدولارات سنويًا للحفاظ على ترساناتها النووية، رغم الأزمات المالية، وضغوطات التضخم، وتحديات التنمية المستدامة.
ورغم أن هذه الأسلحة لم تُستخدم منذ أكثر من سبعة عقود، إلا أن السباق نحو تعزيز "الزر الأحمر" لم يتوقف لحظة، بل ازداد حدةً مع تفاقم التوترات الجيوسياسية، من الحرب الروسية الأوكرانية إلى الأزمة الكورية والملف الإيراني.
لكن، خلف هذه القنابل الصامتة، تختبئ معادلة اقتصادية معقدة، فهل السلاح النووي ضرورة إستراتيجية؟ أم عبء مالي يعرقل الاستقرار العالمي؟.

اقرأ أيضًا:
عالم نووي يكشف احتمالات الضربة النووية بمنطقة الشرق الأوسط
من يملك الترسانة الأغلى؟ وما الثمن الحقيقي؟
وتُظهر بيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، أن العالم يمتلك اليوم نحو 13 ألف رأس نووي، منها أكثر من 8 آلاف رأس مُصنف كنشط عسكريًا، تتوزع بين 9 دول فقط، تتصدرها روسيا والولايات المتحدة.
فيما يلي توزيع الرؤوس النووية العسكرية النشطة حتى يناير 2025:
وتتصدر روسيا القائمة بـ4,309 رؤوس نووية، تليها الولايات المتحدة بـ3,700 رأس، ما يؤكد استمرارٍ توازن القوى الذي ترسخ منذ الحرب الباردة، وتأتي الصين في المرتبة الثالثة بـ600 رأس، في ظل التوسع السريع في قدراتها النووية، بينما تمتلك فرنسا 290 رأسًا نوويًا، تليها المملكة المتحدة بـ225 رأسًا.
وعلى صعيد جنوب أسيا، تمتلك الهند نحو 180 رأسًا، فيما تملك باكستان 170، حيث يأتي ذلك في سياقٍ تنافسي محمومٍ بين البلدين، في الوقت الذي تحتفظ فيه إسرائيل بترسانة تُقدر بـ90 رأسًا نوويًا، رغم سياسة الغموض النووي التي تتبعها، أما كوريا الشمالية، فرغم العقوبات والعزلة الدولية، يُقدر امتلاكها بــ50 رأسًا نوويًا، ما يثير قلقًا متزايدًا بشأن الاستقرار الإقليمي في شرق أسيا.
لكن امتلاك هذه الترسانة، لا يعني فقط تصنيع الأسلحة، بل يشمل أيضًا صيانتها، وتأمينها، وتحديث أنظمتها، وإنشاء قواعد إطلاق تحت الأرض، وغواصات نووية، وطائرات استراتيجية، ووفقًا لتقديرات مشروع "حملة نزع السلاح النووي" (ICAN)، فإن تكلفة امتلاك الأسلحة النووية عالميًا، تجاوزت 82 مليار دولار سنويًا، تتحمل الولايات المتحدة منها وحدها نحو 45 مليار دولار.
اقرأ أيضًا:
ساعة القيامة تدق، هل تفتح المواجهة الإيرانية الإسرائيلية أبواب الجحيم النووي؟
الردع مكلف.. لكنه استثمار في النفوذ
والمنطق الاقتصادي خلف الأسلحة النووية، لا يرتبط بعائد مباشر، بل بعائد إستراتيجي طويل الأجل، فامتلاك السلاح النووي لا يُقاس بمنفعة اقتصادية تقليدية، بل يُترجم إلى قوة تفاوضية، وتأثير سياسي، وموقع متقدم على طاولة القرارات الدولية.
وهذا ما يفسر إصرار دول مثل الصين على مضاعفة ترسانتها، في وقت تتوسع فيه قدراتها العسكرية في المحيطين الهندي والهادئ، كما يفسر مقاومة روسيا لأي دعوات لنزع السلاح في ظل توتراتها مع الغرب.
أما إسرائيل، التي لم تعترفْ رسميًا بامتلاكها للسلاح النووي، وتُعده أداة توازن استراتيجية وسط محيط إقليمي مضطرب، في الوقت الذي تُعتبر فيه الترسانة النووية لباكستان والهند، انعكاسًا مباشرًا لصراعٍ إقليمي محتدمٍ ذي كلفة سياسية وجيوسياسية دائمة.

من الفقر إلى القنبلة.. مفارقة كوريا الشمالية وإيران
وأبرز المشاهد الاقتصادية هو المشهد النووي الذي تتجلى فيه كوريا الشمالية، والتي تُعد من أفقر دول العالم، إلا أنها تمكنت رغم ذلك، من امتلاك ترسانة تُقدر بنحو 50 رأسًا نوويًا، في تحدٍ واضحٍ للعقوبات الدولية، وبتمويل داخلي على حساب معيشة مواطنيها.
أما إيران، ورغم نفيها السعي لامتلاك سلاح نووي، فإن برنامجها للتخصيب والمراقبة التقنية، يستهلك موارد ضخمة، ويشكل حجر عثرة أمام الاستثمارات الأجنبية، ويضع الاقتصاد الإيراني، تحت طائلة عقوبات صارمة تُكلف البلاد مليارات الدولارات سنويًا من الفرص الضائعة.
اقرأ أيضًا:
الضربات الإسرائيلية على إيران، من تعطيل النووي إلى تغيير النظام
ما هو الأثر الاقتصادي العالمي لهذا السباق؟
ورغم أن عدد الدول النووية لم يتغير كثيرًا خلال العقدين الأخيرين، إلا أن الإنفاق العسكري النووي، يشهد تصاعدًا مستمرًا، ما ينعكس بشكل سلبي على الاقتصاد في المدى الطويل، إذ يستنزف جزءًا كبيرًا من الميزانيات في مجالات غير إنتاجية، كصيانة الرؤوس النووية، بدلًا من تمويل التعليم، أو الرعاية الصحية، أو مشروعات البنية التحتية.
بل إن هذه الترسانات، تزيد من هشاشة الاقتصاد العالمي، حيث إن تهديد أي نزاع نووي حتى وإن لم يحدث فعليًا يُربك الأسواق، ويدفع بأسعار الطاقة للارتفاع، ويؤثر في حركة رؤوس الأموال وتكاليف التأمين والمخاطر الجيوسياسية.

سباق التسلح النووي.. خطر أمني وتكلفة اقتصادية باهظة
وفي الوقت الذي تسعى فيه الحكومات إلى تعافي اقتصادي بعد سنوات من التضخم والجائحة، تواصل الدول النووية إنفاق المليارات للحفاظ على توازن هش مبني على الخوف المتبادل، ورغم الحديث المتكرر عن نزع السلاح النووي، تبقى الحقيقة أن الترسانات النووية، أصبحت أداة نفوذ استراتيجية لا يرغب أحد في التخلي عنها بسهولة.
لكن يبقى السؤال الأهم اقتصاديًا وأخلاقيًا، هل يمكن أن تبني الأمم أمنها بالتهديد بدل التنمية؟، أم أن السلاح النووي، مهما كانت فعاليته السياسية، هو استثمار خاسر في مستقبل يحتاج سلامًا لا صواريخ؟
Short Url
من هجرة العقول إلى استثمارها، كيف يمكن للدول العربية الاستفادة من الكفاءات المهاجرة؟
19 يونيو 2025 10:03 ص
مشروع «أتون» للذهب، انطلاقة جديدة للاستثمار التعديني في مصر
18 يونيو 2025 12:55 م
الملصقات الغذائية لمنتجات الألبان، المعايير الحديثة والتأثير على سلوك المستهلك
18 يونيو 2025 04:01 ص


أكثر الكلمات انتشاراً