الأحد، 15 يونيو 2025

01:12 م

الضربات الإسرائيلية على إيران، من تعطيل النووي إلى تغيير النظام

السبت، 14 يونيو 2025 03:55 م

الهجوم الإسرائيلي الإيراني

الهجوم الإسرائيلي الإيراني

في هجوم يعيد تشكيل خريطة التوازنات في الشرق الأوسط، شنت إسرائيل ضربات جوية غير مسبوقة على أهداف إيرانية، استهدفت منشآت نووية، مراكز دفاع جوي، وعقول علمية وعسكرية بارزة.

النووي الإيراني

وبينما يظهر الهدف المعلن للضربات واضحًا وهو تعطيل برنامج إيران النووي فإن المضمون السياسي والاقتصادي الأعمق يشير إلى ما هو أبعد من ذلك، محاولة جريئة لإضعاف بنية النظام الإيراني نفسه وربما دفعه نحو الانهيار.

ضربة مكلفة بجدوى سياسية غير مضمونة

تُعد العمليات العسكرية على هذا النطاق باهظة التكلفة من الناحية الاقتصادية، سواء لإسرائيل أو المنطقة ككل، إذ تشير التقديرات إلى أن تكلفة الجولة الأولى من الهجمات شاملة عمليات التجهيز، الذخائر الدقيقة، الطلعات الجوية بعيدة المدى، وتنسيق الأنظمة الدفاعية تتجاوز المليار دولار.

في المقابل، فإن العائد السياسي لهذه الضربات أي فرض تغيير في سلوك النظام الإيراني أو حتى إسقاطه يبقى غير مضمون، فإسقاط أنظمة سياسية عبر ضربات خارجية نادرًا ما ينجح في الشرق الأوسط دون دعم داخلي كبير، وغالبًا ما يفرز فوضى تعطل النشاط الاقتصادي لسنوات، كما حدث في العراق وسوريا وليبيا.

اقرأ أيضًا:

الجيش الإسرائيلي يطلق صفارات الإنذار في إيلات بسبب تسلل طائرة مسيرة

السوق الإيرانية تآكل الثقة وهروب رؤوس الأموال

تسببت الضربات في ارتباك عميق داخل الاقتصاد الإيراني، فأسواق العملات شهدت انخفاضًا حادًا في قيمة الريال مقابل الدولار، وتضخمت أسعار السلع الأساسية بنسبة تجاوزت 20% في أقل من 24 ساعة، بحسب مصادر من داخل طهران.

تتعاظم المخاوف بين المستثمرين المحليين من موجة جديدة من العقوبات الغربية، إضافة إلى احتمال توقف الإنتاج النفطي أو تعرض المنشآت الصناعية الكبرى لضربات لاحقة، كما تُرصد حاليًا محاولات لسحب رؤوس أموال إلى الخارج، مما يعمق من أزمة السيولة داخل الاقتصاد الإيراني شبه المعزول.

الهجوم الإسرائيلي الإيراني

الرسالة إلى الداخل الإيراني بين الأمل والاستفزاز

خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الموجه مباشرة إلى الشعب الإيراني، حمل بعدًا استثنائيًا، فهو يدعو ضمنيًا إلى انتفاضة شعبية، ضد النظام، متكئًا على حالة الاستياء الداخلي من الأوضاع المعيشية المتدهورة والفساد المؤسسي.

لكن هذه الرسالة تنطوي على مخاطرة مزدوجة، فهي قد تُلهب الحراك الشعبي فعلًا، أو قد تفسره شرائح واسعة على أنه تدخل خارجي فج، ما يمنح النظام مبررًا لإعادة تعبئة المشاعر القومية والدينية ضد العدو الصهيوني، كما درج الخطاب الرسمي منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

اقرأ أيضًا:

مضيق هرمز، 20 مليون برميل نفط تحت تهديد الضربات بين إسرائيل وإيران

إسرائيل والولايات المتحدة بين دعم عسكري لا تغيير للنظام

رغم التنسيق العسكري العميق بين إسرائيل وإدارة ترامب، إلا أن الأخيرة لم تعلن دعمًا صريحًا لتغيير النظام في طهران، مكتفية بتوفير غطاء دفاعي ضد الرد الإيراني، وهو ما يعكس حذرًا أمريكيًا من التورط في سيناريوهات ما بعد الضربة.

يبدو أن واشنطن لا ترغب في إعادة تجربة العراق، حيث أسفر إسقاط صدام حسين عن فوضى إقليمية مكلفة استمرت لعقدين، ولا تزال آثارها تتردد حتى اليوم في أسعار النفط واللاجئين والأمن العالمي.

البرنامج النووي الإيراني

البرنامج النووي هل انتهى حقًا؟

الضربات ألحقت أضرارًا حقيقية بمنشآت تخصيب اليورانيوم، لكن بحسب تقديرات استخباراتية، فإن أكثر المواقع حساسية ما تزال قائمة، محصنة تحت الأرض بعمق يصل إلى 80 مترًا، لا يمكن تدميرها إلا بذخائر خارقة مملوكة حصرًا للولايات المتحدة.

ولذلك، فإن تأثير الضربات على البرنامج النووي يبقى محدودًا زمنيًا، ويمنح طهران مساحة لإعادة البناء، لا سيما إذا تلقت دعمًا فنيًا من الصين أو روسيا.

اقرأ أيضًا:

ضربات «تل أبيب» تشتعل، فهل يُغلق «مضيق هرمز» وتشتعل أسواق النفط؟

النفط وسوق الطاقة والتهديد المستتر

أي تصعيد في المنطقة لا يمكن فصله عن سوق النفط، إيران رغم العقوبات، ما تزال تصدر قرابة 1.5 مليون برميل يوميًا، أي حوالي 1.5% من العرض العالمي. 

وأي تعطيل للإنتاج الإيراني أو تهديد بإغلاق مضيق هرمز الذي يمر عبره نحو 20% من تجارة النفط العالمية قد يرفع الأسعار بمعدل 10 إلى 15 دولارًا للبرميل في الأسابيع القادمة.

وهذا يعني أن الدول المستوردة للنفط، وعلى رأسها الصين والهند والاتحاد الأوروبي، ستتأثر مباشرة، أما في الداخل الإسرائيلي، فقد تزداد تكاليف الوقود وتضغط على معدلات التضخم في وقت تحاول فيه البلاد الخروج من تباطؤ اقتصادي نسبي.

النفط وسوق الطاقة

من الردع إلى التغيير.. هل تُغامر إسرائيل بأمنها واستقرار المنطقة؟

العملية الإسرائيلية تُظهر تحولًا نوعيًا في استراتيجية الردع، من الضربات الاستباقية إلى محاولة الهندسة الجيوسياسية في إيران. 

لكن تغيير النظام في طهران عبر قوة خارجية وحدها ليس فقط معقدًا، بل يحمل مخاطرة بانهيار الدولة أو صعود قوى أكثر تطرفًا، كما حذر بعض المحللين الأمريكيين.

اقتصاديًا، لا يمكن تجاهل التكلفة الباهظة للحرب، لا لإسرائيل فحسب، بل لمنطقة تعاني أصلًا من هشاشة مالية، وركود في النمو، واضطرابات اجتماعية.

قد تكون الضربات خطوة ذكية في اللحظة، لكنها محفوفة بتعقيدات استراتيجية واقتصادية طويلة الأجل، لا يملك أحد حتى الآن إجابة واضحة بشأن تداعياتها الكاملة.

Short Url

search