الخميس، 19 يونيو 2025

02:53 م

الصين تبني تحالفات اقتصادية جديدة في ظل غياب القيادة الأمريكية

الخميس، 19 يونيو 2025 10:36 ص

الصين وأمريكا

الصين وأمريكا

تحليل/ ميرنا البكري

من بعد الحرب العالمية الثانية، أمريكا  هي التي وضعت أساس النظام العالمي، من تحالفات دفاعية لمنظمات اقتصادية وحقوقية. لكن الآن، ومع رجوع ترامب للساحة، العام تقلب وبدأت أمريكا في الانسحاب من المنظمات، ورفع جمارك، ثم إلغائها وخلق حالة من التوتر وعدم الاستقرار على كل المستويات.

في هذه اللحظة، الصين ترى أن هذا هو وقتها، الوقت الذي يتيه فيه العالم، فتتقدم وتقول بثقة: “أنا البديل، أنا من يمكنه أن يملأ الفراغ الأمريكي.”

America,globe,power,world power,responsibility - free image from needpix.com
أمريكا والاقتصاد العالمي

 الصين تلعب على المدى الطويل، حضور سياسي واقتصادي متصاعد

الصين لا تزود استثماراتها في مؤسسات الأمم المتحدة، بل توسع أيضًا دورها في تحالفات اقتصادية ضخمة مثل: الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة (RCEP) التي بها 15 دولة آسيوية، ومجموعة البريكس (التي أصبحت 10 أعضاء بدلًا من 5) والتي تضم روسيا، الهند، البرازيل، جنوب أفريقيا، ومعهم الصين.

الفكرة ليست تحالفات شكلية، لكن كيانات تسعى لتقليل الاعتماد على الاقتصاد الأمريكي والدولار. مما يعطي للصين فرص ضخمة توازن بها الكفة العالمية.

 ترامب والجمارك، عشوائية تضر العالم

ترامب لديه عادة غريبة، يرفع الرسوم الجمركية فجأة، وبعدها بيومين يقوم بإلغاءها، حدث ذلك في فبراير 2025، حيث فرض 25% على كندا والمكسيك وبعد شهر ألغاها.

وفي أبريل، رفع الجمارك على 60 دولة، من ضمنهم أصدقاء مثل أوروبا واليابان وتايوان وكوريا، وبعد ساعات ألغاها.
مما خلق فوضى كبيرة في الاقتصاد العالمي، لأن المستثمرين والدول أصبحوا لا يعلموا ماذا يحمل الغد، مما دفع الكثير من الاقتصادات النظر للصين كـ"شريك أكثر قابلية للتنبؤ".

 الصين تقترب من الجنوب العالمي، أفريقيا وجنوب شرق آسيا

الصين تعمل على خط آخر أيضًا، تقرب من الدول النامية التي قللت أمريكا من المساعدات المقدمة لها، وتقدم نفسها كراعي للسلام والازدهار والاستقرار. والرئيس الصيني شي جين بينج يعمل جولات في فيتنام، ماليزيا، كمبوديا، والصين تعطي قروض واستثمارات ضخمة، وتعمل شراكات استراتيجية. والهدف، تدعيم علاقات تجارية جديدة، وتوسيع نفوذها الاقتصادي والسياسي بعيد عن النفوذ الأمريكي المتراجع.

 الصين ليست ملاك، العقبات تقف في طريقها

رغم كل ما تفعله الصين، هناك مشاكل حقيقية: 

النزاعات في بحر الصين الجنوبي: تدعي الصين سيادتها على مناطق كثيرة، وتبني قواعد عسكرية على جزر اصطناعية، مما سبب توتر كبير مع جيرانها.

التهديد التكنولوجي والعسكري: تطور الصين في التكنولوجيا العسكرية يجعل بعض الدول تنظر إليها كخطر.

القرصنة الإلكترونية: هناك عدة اتهامات للصين بأنها من أكبر مصادر الهجمات السيبرانية في العالم.

أي الصين تمتلك فرصة، لكن صورتها العالمية محتاجة تعديل وتجميل.

اقرأ أيضًا: 

الصين وأمريكا على طاولة واحدة، تهدئة مؤقتة أم بداية لصراع أكبر؟

من الطائرة إلى الباخرة، الإعفاء الجمركي يغير خريطة الشحن والتجارة بين الصين وأمريكا

From Trade Wars to Trade Wins: How Trump Can Redefine U.S.-China Economic  Relations | Council on Foreign Relations
أمريكا والصين

 توقعات، هل الصين فعلاً البديل الحقيقي؟

إذا استمرت أمريكا بقيادة ترامب في سلوكها غير المتوقع،  سيظل هناك فراغ عالمي، وهذا الفراغ الصين تحاول تملأه، خاصةً في مناطق مثل أفريقيا وآسيا.

ومن المتوقع أن الكثير من الدول ستفكر مرتين قبل الاعتماد على أمريكا تجاريًا، والشراكات الإقليمية التي تقودها الصين ستزداد قوتها، وهناك احتمالية لتراجع دور الدولار في التجارة العالمية على المدى المتوسط. لكن في المقابل، سيستمر القلق من طموحات الصين العسكرية والسيبرانية.

ختامًا، الآن لا يحتاج قوى اقتصادية، بل يحتاج شركاء من الممكن توقع  تصرفاتهم. أمريكا في عهد ترامب عاملة مثل الذي يفتح باب ويقفله كل خمس دقائق. أما الصين، فتحاول تقول "أنا البديل الهادئ". لكن السؤال الكبير هو: هل يستطيع العالم يثق في الصين مثل ما كان يثق في أمريكا؟. الإجابة غير واضحة، لكن الأكيد إننا في مرحلة إعادة تشكيل للنظام العالمي، والصين داخلة بكل قوتها.

Short Url

search