الشرائح الإلكترونية بين الصين وأمريكا، صراع العمق ضد السرعة
الثلاثاء، 17 يونيو 2025 11:05 ص

حرب الرقائق
تحليل/ ميرنا البكري
في عالمٍ أصبح فيه الذكاء الاصطناعي والروبوتات والجيل الخامس هم من يحركوا الاقتصاد، فالشرائح الإلكترونية أو الـ"Chips"، أصبحوا السلاح الجديد في معركة الهيمنة بين أمريكا والصين، يأتي ذلك في الوقت الذي يعود فيه ترامب للساحة بخطة ضخمة لكي يرجع صناعة الرقائق لأرض الوطن، لكن الصين سبقت بخطوات كثيرة في سباق النفس الطويل، من فيهم سيربح؟ هذا ما نوضحه في هذا التحليل.

الصين، خطة "صُنع في الصين 2025"، حينما يكون الحلم له ميزانية
ومنذ أكثر من 10 سنوات، أطلق الرئيس الصيني شي جين بينغ، خطة طموحة تسمى "صنع في الصين 2025"، والهدف كان واضحًا وهو تقليل الاعتماد على الرقائق الأجنبية من 85% لـ30%، فلم تصل الصين لهذا الرقم بالتحديد، لكن قامت بتقدم ضخم، والآن لديها 23 مصنعًا من أصل 51 مصنعَ شرائح تحت الإنشاء عالميًا، كما قامت بصرف أكثر من 150 مليار دولار استثمارات حكومية من 2014 حتى الآن.
وببساطة، الصين تبني صناعة متكاملة بدءًا من التصميم حتى التصنيع، كما لا تسير بسياسة الرد الفوري، بل تتبع خطة استراتيجية تطبقها عام بعد عام.
ترامب، استعراض جمركي ومليارات تبحث عن نتيجة
وعاد ترامب بخطة شبه هجومية لإنقاذ صناعة الرقائق الأمريكية، حي اعتمد على 3 محاور:-
1. قانون CHIPS، دعم بمليارات لكن بشروط معقدة
وتم إقرار هذا القانون في عهد بايدن، حيث يوجد به دعم بـ52.7 مليار دولار، لكن التنفيذ بطيء لأن الإنفاق مرتبط بتحقيق أهداف مرحلية، كما انتقد ترامب البطء، لكنه يستخدم نفس القانون للضغط على الشركات.
مثال، "TSMC" التايوانية ستضخ 100 مليار دولار في أمريكا مقابل دعم بـ 6.6 مليارات، فيما أعلنت “جلوبال فاوندريز” عن استثمار بـ16 مليار.
2. إلغاء قاعدة الانتشار، رجوع الأسواق لحضن أمريكا
من جانبه قام ترامب، بإلغاء قاعدة بايدن، التي كانت تحظر تصدير الرقائق لبعض الحلفاء، فما الهدف؟ هل هو إعادة الطلب للأسواق الأمريكية، وضمان ولاء أوروبا والشرق الأوسط، لكن بدون سياسة تصدير واضحة، سيصبح هذا القرار كأنه إزالة حاجز دون أن تضع كوبري.
3. الرسوم الجمركية، السلاح المُفضل، لكن من صعب استخدامه هنا
ويريد ترامب، أن يستخدم الرسوم الجمركية كورقة ضغط، لكن الواقع يقول إن أمريكا استوردت شرائح بـ40 مليار دولار في 2024 فقط، لكنها استوردت أجهزة بها شرائح بـ486 مليار دولار، ومن الصعب جدًا تتبع الشرائح داخل المنتجات الجاهزة.
المعوقات الاقتصادية، تحتاج الصناعة دعمًا دائمًا لكي تنمو
وإذا نجح ترامب بالفعل في جذب المصانع، فإن التكلفة في أمريكا تظل المشكلة الأكبر، وتكلفة تشغيل مصنع شرائح في أمريكا أعلى بـ35% من تايوان، كما أن العمالة أغلى، والضرائب أعلى، وحتى مع إعفاء ضريبي 25% هذا ليس كافيًا، فإذا لم يجدد الكونجرس الإعفاءات، فهذا معناه هروب المصنعين مرة أخرى، وباختصار إذا أوقف الدعم فإن الصناعة نفسها قد تتبخر.
العقول والكوادر، الصين تكسب في رأس المال البشري
وإحدى المشكلات التي تعاني منها أمريكا، هي نقص المهندسين المتخصصين، فبيانات BCG تقول، إن ثلث مصممي الشرائح في العالم موجودين في الصين، والثلث الآخر في أمريكا، لكن أمريكا لديها قوانين هجرة معقدة، قد تمنع دخول العقول الجديدة، أي إذا كان لديك مصانع بدون عقول مبتكرة، فإن الصناعة ستكون ناقصة.
التصدير والتنسيق الدولي، أمريكا تحتاج حلفاءها
وتريد الإدارة الأمريكية، أن تمنع تصدير معدات تصنيع الرقائق للصين، لكن الشركات التي تصنعها مثل ASML الهولندية، لابد أن يكون هناك موافقة بالبداية من قبل اليابان وهولندا، كما الشركات الأمريكية مثل "لام ريسيرش" تبيع للصين 30% من إيراداتها، أي إذا شددت أمريكا إيرادتها، فإن شركاتها نفسها ستتضرر.
اقرأ أيضًا:
ترامب يعيد التفاوض على قانون الرقائق الإلكترونية لتعزيز الصناعة الأمريكية
رقائق الذكاء الاصطناعي تعيد رسم ملامح التجارة العالمية

توقعات، صدام طويل المدى والكفة تميل للصبر الصيني
1.الصين لديها خطة واضحة، ودعم مالي، وكوادر بشرية.
2.أمريكا تتحرك بخطط متقطعة، تتضمن تمويلًا لكن يغيب عنها تنسيق مؤسسي.
3.السياسات الحمائية وحدها غير كافية، والرسوم لا تنفع دائمًا.
والنتيجة؟ الصناعة الصينية تخطو بخطوات ثابتة، والأمريكية تحاول أن تلحق بها، لكن تحتاج تركيز واستمرارية أكثر بكثير.
ختامًا، المعركة بين أمريكا والصين ليست على شرائح، بل على قيادة العالم في اقتصاد الذكاء الاصطناعي، ومن يسيطر على صناعة الرقائق، سيصبح لديه مفتاحَ القوة التكنولوجية لعقود مقبلة.
لكن السؤال هنا:- هل ترامب يستطيع أن يحول خطته لنقلة صناعية حقيقية؟ أم ستظل خطوة مؤقتة في سباق طويل؟
Short Url
بين هواجس ترامب وتحديات الجغرافيا السياسية، هل تعيد ألمانيا ذهبها من أميركا؟
17 يونيو 2025 06:44 م
40 مليار دولار تجارة غير نفطية، والإمارات تواصل ضخ المليارات في أمريكا
17 يونيو 2025 03:47 م
الذكاء الاصطناعي، سلاح فتاك في حروب الإعلام والتضليل الاقتصادي
17 يونيو 2025 01:37 م


أكثر الكلمات انتشاراً