الجنرال الخفي، كيف يحكم الذكاء الاصطناعي ميدان الحرب واقتصادها؟
الجمعة، 13 يونيو 2025 03:49 م

الذكاء الاصطناعي في الحروب
لم يعد الإنفاق العسكري يقاس فقط بعدد الطائرات والدبابات، بل صار يقاس أيضًا بكمية الخوارزميات التي تعمل في صمت خلف الشاشات.

الذكاء الاصطناعي، هذا الجنرال الخفي، لم يغير فقط شكل المعارك في الشرق الأوسط، بل غير كذلك الاقتصاد الكامن وراء إدارة الحروب، وطريقة تخصيص الموارد، وتوزيع كعكة الإنفاق الدفاعي.
استثمار الذكاء الاصطناعي في أتمتة الحرب
في حالة إسرائيل، يُعد الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من بنيتها العسكرية، لكنه أيضًا استثمار طويل الأمد في تقليص التكلفة وتعظيم الكفاءة.
فبدلاً من حملات تجسسية مطولة وباهظة التكاليف، يقوم مصنع القتل (AI-based Target Factory)، القائم على الذكاء الاصطناعي بتحليل بيانات الأقمار الصناعية، والاتصالات، والمراقبة الأرضية، ليقدم في دقائق ما كانت تستهلكه غرف العمليات في أسابيع.
هذا التحول يعني شيئًا واحدًا، الحروب لم تعد تكلف كما في السابق، لكنها صارت تتطلب رأس مال تكنولوجيًا عالي المستوى، ما يعيد صياغة الميزانيات الدفاعية على مستوى العالم، فبينما تسعى بعض الدول إلى شراء مقاتلات، تتجه دول أخرى إلى شراء أكواد وخوارزميات.
اقرأ أيضًا:
الذكاء الاصطناعي في الفضاء والدفاع، ثلاث حقائق تكشف فجوة الاستثمار وفرصة التفوق
الدرونز الذكية لتقليص التكلفة وتعظيم السيطرة
الطائرات دون طيار لم تعد مجرد عيون في السماء، بل تحولت إلى أدوات قتل دقيقة ذات ذكاء شبه بشري، وهو ما يمنح الجيوش قدرة عالية على تنفيذ عمليات نوعية دون خسائر بشرية أو أخطاء قاتلة في التقدير، اقتصاديًا، هذا يعني تقليص الإنفاق على القوات البشرية، وتحقيق وفورات ضخمة في التشغيل واللوجستيات.
كما أن تصدير هذه التكنولوجيا أو حتى تقديمها في إطار شراكات أمنية تكنولوجية يعني ولادة أسواق جديدة، وسباق تسلح من نوع جديد لا يعتمد على الحديد، بل على السيليكون.

الاقتصاد الرمادي لحرب المعلومات
المعركة لم تعد فقط على الأرض، بل أيضًا على العقول، تستخدم إسرائيل أدوات الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات مواقع التواصل، وقياس المزاج العام، وحتى توقيت الضربات بما يتناسب مع رد الفعل الشعبي المتوقع.
هذا النوع من التحليل النفسي الجماعي يتطلب بنية تحتية رقمية متقدمة واستثمارات ضخمة في الذكاء الاصطناعي، لكنه أيضًا يفتح الباب أمام اقتصاد جديد غير مرئي، ألا وهو اقتصاد البيانات الأمنية.
تقوم شركات تكنولوجيا الدفاع بتطوير أنظمة قادرة على صنع الرواية وتوجيه الوعي، ما يجعل من الذكاء الاصطناعي أداة في صناعة الرأي العام، وبالتالي إعادة تشكيل الأسواق الإعلامية والسياسية وحتى التجارية.
اقرأ أيضًا:
السباق نحو التفوق الخوارزمي، الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل توازنات القوى العالمية
تشريعات بطيئة في وجه خوارزميات سريعة
رغم المكاسب الاقتصادية والتكتيكية، إلا أن هذا النوع من الحروب يحمل مخاطر جيوسياسية واستراتيجية واقتصادية من العيار الثقيل.
استخدام أنظمة ذكية غير خاضعة للمساءلة القانونية يفتح الباب لأزمات أخلاقية قد تتحول سريعًا إلى صراعات قانونية دولية، وهو ما قد يكلف الدول مليارات في التعويضات أو العقوبات أو فقدان الحلفاء.
في هذا السياق، تتحول الضوابط القانونية إلى عنصر استراتيجي في المعادلة الاقتصادية، حيث سيصبح من يمتلك منظومة أخلاقية واضحة أكثر قدرة على تصدير تكنولوجياته، والحصول على ثقة الشركاء الدوليين.

الذكاء الاصطناعي سلاح الفقراء أيضًا
في وجه هذه المنظومة المعقدة، بدأت جهات غير حكومية، كحركات مقاومة وتنظيمات مسلحة، استخدام أدوات ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر.
هذا التطور قد يعيد تشكيل ميزان القوى بتكلفة أقل، لكن بتبعات اقتصادية وأمنية أعقد، حيث تصبح التكنولوجيا أرخص من أن تُحتكر، وأخطر من أن تُترك دون رقابة.
اقرأ أيضًا:
أنظمة “TACTICA” تتحكم بالذكاء الاصطناعي لتعزيز استخبارات الفضاء
من الاقتصاد الحربي إلى حرب الاقتصاد
الذكاء الاصطناعي لا يقلب فقط موازين القوى في الحروب، بل أيضًا في اقتصادات الدفاع، كل سطر من الكود، وكل خوارزمية تحليل، هي في الحقيقة قرار مالي واستثماري قبل أن يكون قرارًا عسكريًا.
وبينما تشتعل الحرب في الظل بين البشر والآلات، يبقى الاقتصاد هو الجبهة الحاسمة، ومن يملك التقنية، يملك القرار ومن يملك القرار، يرسم المستقبل.
هل نعيش أولى ملاحم اقتصاد حرب بلا جنود؟ أم أن الجندي الخفي سيظل رهينة أسئلة بلا إجابات إلى حين انفجار المعركة القادمة؟
Short Url
ترامب يعيد إحياء الطاقة النووية، رهان محفوف بالمخاطر وسط طفرة الذكاء الاصطناعي
13 يونيو 2025 09:41 م
الشرق الأوسط يترنّح تحت الضربات، فهل نشهد ولادة نظام إقليمي جديد؟
13 يونيو 2025 02:20 م
الممرات المائية، شرايين التجارة العالمية تحت ضغط الجغرافيا والتوترات
13 يونيو 2025 12:46 م


أكثر الكلمات انتشاراً