الأموال وحدها لا تصنع الجيوش، أوروبا أمام اختبار البقاء العسكري
الإثنين، 12 مايو 2025 04:32 م

أعضاء حلف الناتو
تحليل/ كريم قنديل
في الوقت الذي تدفع التهديدات الروسية المتصاعدة أوروبا إلى تعزيز قوتها العسكرية، تظهر فجوة واضحة بين حجم الإنفاق الدفاعي الأوروبي، وطريقة توجيه هذا الإنفاق، فرغم إنفاق دول الناتو نحو 1.5 تريليون دولار على الدفاع العام الماضي، تذهب نسبة ضخمة إلى رواتب الجنود وصيانة المعدات القديمة، في حين تُهمش مجالات البحث والتطوير الحيوية.
في المقابل أنفقت الولايات المتحدة 15% من ميزانيتها الدفاعية على الابتكار عام 2023م، مقابل 4% فقط، تم إنفاقها من قبل الدول الأوروبية، وهذا الضعف في الاستثمار بالابتكار، يجعل من جيوش القارة عرضة للتقادم، كما يفقدها مواكبة أسلحتها للحروب الحديثة.

احتياجات عاجلة وقدرات محدودة
وبحسب تقديرات مركز أبحاث بروغل، تحتاج أوروبا إلى إضافة 1,400 دبابة، و2,000 مركبة مشاة قتالية، و700 مدفع هاوتزر، و300 ألف جندي لتعويض الغياب الأميركي المحتمل، وهو ما يتجاوز قدرات القوات الفرنسية والألمانية والبريطانية والإيطالية مجتمعة.
لكن المعضلة الكبرى، ليست في نقص العتاد فقط، بل أيضًا في تكلفة التصنيع الأوروبي المرتفعة، إذ تبلغ تكلفة دبابة ليوبارد الألمانية الحديثة نحو 29 مليون يورو، أي أضعاف تكلفة دبابة T-90 الروسية، ما يضع ضغوطًا إضافية على ميزانيات الدفاع.

التكنولوجيا تغير معادلة الحرب
تجربة الحرب في أوكرانيا، أظهرت أن التكنولوجيا الحديثة، يمكن أن تحقق نتائجَ تفوق السلاح التقليدي بكلفة أقل، حيث نسب ثلثا الدمار الروسي إلى الطائرات المسيرة الأوكرانية زهيدة الثمن، حيث أن ثمن تكلفة بعضها لا يتجاوز الـ500 دولار.
كذلك ساعد استخدام الذكاء الاصطناعي في مدفعية سيزار الفرنسية، على تقليل عدد القذائف المطلوبة بنسبة 30%، وهذه التطورات تثبت أن الاستثمار في التكنولوجيا المتطورة، قد يغني عن التوسع التقليدي في العتاد والأفراد، ويمنح جيوشَ أوروبا، ميزة استراتيجية بتكلفة أقل.
مخاطر الاعتماد على سلاسل التوريد الخارجية
ورغم جاذبية التوجه نحو الدرونز والأسلحة الذكية، إلا أن الاعتماد المفرط على التقنيات المستوردة، خاصة من الصين، يثير مخاوف حقيقية حول الاستقلال العسكري الأوروبي، فمع تطور أسلحة مضادة مثل أنظمة موجات الراديو، التي كشفت عنها بريطانيا، قد تصبح هذه الأدوات معرضة للإبطال بسهولة، لذا فإن تنويع مصادر الإنتاج والابتكار المحلي، بات شرطً أساسيًا لأي استراتيجية دفاعية أوروبية فاعلة.

أوروبا تحتاج إلى ثورة في منظومة الشراء الدفاعي
إلى جانب التغيير في الأولويات الاستثمارية، تحتاج أوروبا إلى إعادة هيكلة منظومة المشتريات العسكرية، التي تتسم بالبيروقراطية والبطء، فبدلًا من عمليات التعاقد الطويلة والمكلفة، يجب فتح الباب أمام شراكات مع شركات ناشئة، قادرة على تقديم حلول تكنولوجية مبتكرة وسريعة.
وتتمثل تلك الخطوات في تعهد بريطانيا بتخصيص 10% من ميزانيتها الدفاعية للتقنيات الحديثة، والتي تعد بداية جيدة لكنها لا تزال أقل من المطلوب لتأمين مستقبل عسكري قوي ومستقل للقارة الأوروبية.
الابتكار أو الفناء العسكري
إن أوروبا أمام مفترق طرق مصيري، إما أن تستثمر بكثافة وبذكاء في التكنولوجيا الدفاعية، أو أن تظل رهينة نماذج عسكرية تقليدية لن تصمد أمام تهديدات الحاضر والمستقبل، فالمال وحده لا يكفي لصناعة قوة رادعة، فالابتكار هو مفتاح البقاء.
Short Url
الجلوس على طاولة الاتفاق، هل تؤدي المفاوضات بين أميركا والصين لتهدئة الأسواق؟
11 مايو 2025 09:34 م
%31,4 من الصفقات لصالح التقنية المالية، السعودية تبهر العالم
11 مايو 2025 05:45 م
اشتباك على ضفاف السند، معركة الهند وباكستان على الأمن المائي
10 مايو 2025 04:34 م


أكثر الكلمات انتشاراً