حين يُغلق الفخ.. صانع السوق والضربة الأخيرة للثيران والدببة
الأربعاء، 28 مايو 2025 08:21 م

الأسواق المالية
في أسواق المال، لا يُكافأ المتأخرون، بل إن من يتأخر عن الركب بدافع الجشع أو الخوف من ضياع الفرصة، يكون غالبًا هو الضحية التي كانت تنتظرها اليد الخفية لصانع السوق على مائدة تُعرف بين المخضرمين باسم العشاء الأخير.
الأسواق المالية ليست فقط أرقامًا ومؤشرات، بل ساحة مناورات نفسية وتحركات محسوبة، يقودها اللاعبون الكبار الذين يعرفون متى يشترون، ومتى يبدأون التصرف بهدوء، تاركين للمستثمر الفردي المندفع خلف السعر فتات الأرباح وعبء الخسارة.

فخ الشراء المتأخر.. الوليمة التي تبدأ بنشوة وتنتهي بندم
وفي ذروة موجة صعودية، وحين تمتلئ منصات التواصل بعناوين من نوع فرصة لا تُعوض والسهم إلى القمر، يكون كثير من المتداولين قد نسوا القاعدة الذهبية، فما ارتفع بسرعة، قد يسقط بسرعة أكبر، وعند هذه النقطة تحديدًا، يكون صانع السوق قد أعد المائدة، وجلس في مقعده بهدوء، بانتظار ضيوف "العشاء الأخير".
مصطلح الشراء المتأخر (Late Buying) يصف تلك الحالة بدقة، من دخول متأخر بعد انتهاء الزخم الحقيقي، حيث يكون الاتجاه قد استُهلك، والسيولة الذكية قد خرجت، حيث لا يبقى سوى موجة عاطفية تقود صغار المتداولين إلى فخ الخسارة.
وفي السوق المصري، كثيرًا ما يُردد المضاربون عبارة السهم صفّر أب، أي بلغ الحد الأقصى للارتفاع اليومي البالغ 20%، وهنا تبدأ موجة الاندفاع، تمامًا كما يريد صانع السوق.

أدوات صانع السوق بين فنون التصريف والتلاعب النفسي
إن صانع السوق ليس مضاربًا عاديًا، بل لاعبًا مؤسسيًا يمتلك القدرة على التأثير في السهم نفسيًا وسعريًا، وأدواته عديدة، وتعد أبرزها:-
- فنون التصريف الذكي، من خلال رفع السهم على مراحل صغيرة مدعومة بأخبار إيجابية مدروسة، أو إشارات فنية خادعة، بما يُوهم السوق باستمرار الاتجاه الصاعد، بينما هو يفرغ مراكزه تدريجيًا وسط تدفق المشترين.
- التلاعب النفسي (Sentiment Play)، عبر ضخ محتوى إيجابي، أو بث إشارات عن «ندرة الفرصة»، يتم خلق ما يُعرف بظاهرة FOMO الخوف من ضياع الفرصة، والتي تدفع المتأخرين للشراء عند القمم.
- مؤشرات التشبع الفني، وأدوات مثل مؤشر RSI، وحين تتجاوز مستويات 70 (تشبع شرائي) أو تهبط دون 30 (تشبع بيعي)، كثيرًا ما تكون علامة على قرب الانعكاس، أو ما يُعرف بــ" حفل العشاء الأخير”.
اقرأ أيضًا:
انهيار البورصات الآسيوية مع استمرار التصعيد الجمركي بين واشنطن وبكين
الاثنين الأسود، الأسواق العالمية تنهار تحت وطأة الرسوم الجمركية
علامات اقتراب النهاية.. كيف تتفادى أن تكون ضحية؟
قبل أن تقع في الفخ، راقب هذه المؤشرات:-
- تسارع حاد وغير طبيعي في السعر خلال فترة قصيرة.
- أحجام تداول ضعيفة رغم حركة سعر قوية.
- دخول مؤشرات فنية مناطق التشبع.
- ظهور نماذج انعكاسية مثل Double Top أو Head & Shoulders.
- تكرار فشل الاختراق رغم المحاولات المتعددة (Divergence).
هذه ليست إشارات تقنية فحسب، بل نُذر ببدء عملية تصريف ذكية، غالبًا ما تأتي قبل هبوط حاد.

أمثلة واقعية.. التاريخ لا يرحم المتأخرين
وفي أسواق الأسهم، كثيرًا ما يُعلن عن أرباح قوية أو أخبار إيجابية بعد موجة صعود طويلة، ليكون هذا الإعلان هو لحظة خروج الكبار ودخول الجمهور، النتيجة؟ تصحيح مؤلم، أما في عالم العملات الرقمية، فكم من مرة دفع الفومو مستثمرين جددًا للشراء عند القمم، فقط ليخسروا نصف رأس المال، خلال أيام معدودة.
اقرأ أيضًا:
الجلوس على طاولة الاتفاق، هل تؤدي المفاوضات بين أميركا والصين لتهدئة الأسواق؟
صندوق النقد الدولي يحذر من تأثير الأحداث الجيوسياسية على الأسواق المالية
الدرس الأهم لا تكن الضيف الأخير على المائدة
التحليل الموجي يُعلمنا أن الموجة الخامسة الذروة الختامية في نماذج إليوت تكون الأقل استدامة، ومن يشتري فيها يكون غالبًا ضحية التصريف الأخير، وفي الاتجاه الهابط، ومن يبيع في القاع، غالبًا يبيع لمن يعرف أن النهاية اقتربت، ويبدأ الشراء بأقل الأسعار.
وفي الأسواق، الذكاء لا يعني الدخول فقط، بل معرفة متى تدخل ولماذا، فالسوق لا يرحم المتأخرين، والوليمة لا تُقام لهم.. بل عليهم.
Short Url
«إمستيل»، رائدة الثورة الصناعية والاقتصاد الدائري في الإمارات
29 مايو 2025 02:04 م
أزمة في الأفق، تمويل هارفارد للمدارس المهنية يربك حسابات إدارة ترامب
29 مايو 2025 11:11 ص
من الذكاء الاصطناعي لـ التغير المناخي، فرص مصر في مواجهة التحديات العالمية
28 مايو 2025 12:33 م


أكثر الكلمات انتشاراً