الأحد، 15 يونيو 2025

01:34 ص

ترامب يعيد إحياء الطاقة النووية، رهان محفوف بالمخاطر وسط طفرة الذكاء الاصطناعي

الجمعة، 13 يونيو 2025 09:41 م

المفاعلات النووية

المفاعلات النووية

في خطوة تحمل طابعًا تصحيحيًا ووعودًا بمستقبل طاقي جديد، وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أوامر تنفيذية تهدف إلى تسريع إصدار تراخيص المفاعلات النووية في الولايات المتحدة، وسط تزايد الطلب على الكهرباء بفعل انفجار مراكز البيانات وتوسع تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

الطاقة النووية في الولايات المتحدة تنتعش بإجراءات جديدة - الطاقة
المفاعلات النووية في أميركا

غير أن هذا التحرك الطموح يثير تساؤلات عميقة حول الجدوى الاقتصادية والمخاطر التنظيمية المرتبطة بهذا التوجه النووي السريع.

 

الطاقة النووية على طاولة الطوارئ الاقتصادية

منذ أن أعلن ترامب حالة الطوارئ الوطنية في قطاع الطاقة في يناير الماضي، كانت مؤشرات التحول واضحة، أميركا تواجه نقصاً متسارعاً في إمدادات الكهرباء، والذكاء الاصطناعي بات جائعاً للطاقة أكثر من أي وقت مضى، مراكز البيانات الضخمة تستهلك كميات هائلة من الكهرباء، والنظام الكهربائي الأميركي يقترب من حافة الضغط.

في هذا السياق، ظهرت الطاقة النووية مجدداً كلاعب استراتيجي، فهي من وجهة نظر الإدارة، توفر طاقة مستدامة وخالية من الانبعاثات الكربونية، وقادرة على تأمين الأمن الطاقي الداخلي، لا سيما مع تراجع الاعتماد على سلاسل الإمداد الخارجية.

 

اقرأ أيضًا:

ترامب يوقع أوامر تنفيذية لتعزيز الطاقة النووية وتسريع الموافقات

ترامب يقترب من توقيع قرارات جديدة لتعزيز إنتاج الطاقة النووية

تراخيص أسرع لكن بأي ثمن؟

الأوامر التنفيذية التي أصدرها ترامب تهدف إلى تقليص الإجراءات البيروقراطية التي تستغرق ما يصل إلى عقد من الزمن، وتخفيض المدة إلى سنوات قليلة، بل وربما شهور، وفق ما تأمل به الإدارة، ويشمل ذلك إعادة هيكلة هيئة التنظيم النووي، والتعاون بين وزارتي الدفاع والطاقة لبناء محطات نووية على أراضي فيدرالية.

لكن هذا التوجه، كما يحذر خبراء، قد يعيد فتح الباب أمام أخطار التنظيم المتسرع، إذ يرى إرنست مونيز، وزير الطاقة السابق، أن تخفيف الرقابة قد يؤدي إلى انتشار مفاعلات غير مجربة، ما يعرض السلامة للخطر، وقد يعيد القطاع النووي إلى الوراء بدلاً من التقدم به.

المفاعلات النووية

الطلب الهائل على الطاقة يقود اللعبة

السبب الرئيسي لهذا التحرك هو طفرة الطلب على الطاقة، مراكز البيانات العملاقة، التي تشكل البنية التحتية لثورة الذكاء الاصطناعي، تُعد مستهلكاً شرهاً للكهرباء، وفق تقديرات حديثة، فإن استهلاك هذه المراكز مرشح للزيادة بنسبة تتجاوز 20% سنوياً في بعض الولايات.

وفي ظل تذبذب مصادر الطاقة المتجددة وارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، تبدو الطاقة النووية خياراً قابلاً للتوسع، لكنها لا تأتي دون تحديات مالية، مشاريع مثل مفاعل فوجتل الأميركي تجاوزت ميزانيتها بـ16 مليار دولار وتأخرت سنوات عن الموعد، في حين أُجهض مشروع شركة نوسكيل لتطوير مفاعلات صغيرة في 2023 بسبب ارتفاع التكاليف.

اقرأ أيضًا:

«روساتوم» تبدأ إنتاج معدات مفاعل وحدة الطاقة النووية منخفضة القدرة في أوزبكستان

«جوجل» تعلن شراكة جديدة لتوليد «1.8 جيجا واط» من الطاقة النووية

هل يشكل الذكاء الاصطناعي وقود النهضة النووية؟

تسريع تراخيص المفاعلات النووية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتطور الذكاء الاصطناعي، فمع تحول الذكاء الاصطناعي إلى ركيزة اقتصادية أساسية، تعيد الدول الصناعية الكبرى، ومنها الولايات المتحدة، التفكير في مصادر الطاقة القادرة على دعم بنيتها التحتية المستقبلية.

إذا نجح ترامب في تحقيق توازن بين السرعة التنظيمية والسلامة، فقد تشهد أميركا انطلاقة جديدة للطاقة النووية تواكب الثورة الرقمية، لكن إذا جاءت الإصلاحات على حساب الأمان، فإن أي حادث مهما كان محدوداً قد يقضي على هذا الزخم لعقود.

الطاقة النووية| مفهومها، استخدامها، ومستقبلها في عالمنا المعاصر
الطاقة النووية

الانقسام السياسي بين المناخ والأمن الطاقي

الطاقة النووية تحظى اليوم بدعم نسبي من الحزبين الأميركيين، الديمقراطيون يثمنون خلوها من الانبعاثات، والجمهوريون يرون فيها فرصة لتعزيز استقلال أميركا الطاقي، غير أن قضايا مثل النفايات المشعة وكلفة التشغيل لا تزال تثير حفيظة البيئيين، فيما يبقى المستثمرون مترددين بفعل التجارب السابقة المكلفة.

طموح نووي في زمن الذكاء الاصطناعي

قرارات ترامب تعكس قناعة بأن السباق العالمي على الذكاء الاصطناعي لن يُحسم في مراكز الأبحاث فقط، بل في محطات توليد الطاقة. 

وإذا كانت الصين تضخ استثمارات ضخمة في الطاقة لتغذية مصانع رقاقاتها وبياناتها، فإن الولايات المتحدة تسعى لإعادة تدوير القطاع النووي ليكون محركاً للنمو الرقمي.

لكن الطريق ليس سهلاً، فكلفة التكنولوجيا، ومعايير السلامة، وثقة المستثمرين، كلها عوامل ستحدد ما إذا كانت واشنطن ستنجح في تحقيق طموحاتها النووية، أو ستعيد إنتاج إخفاقات الماضي.

Short Url

search