الأحد، 18 مايو 2025

11:06 م

سباق مع الزمن، كيف أربكت هدنة أميركا والصين حركة الشحن العالمية؟

الأحد، 18 مايو 2025 07:37 م

الولايات المتحدة والصين

الولايات المتحدة والصين

كتب/ كريم قنديل

رغم أن الهدنة التجارية المؤقتة بين الولايات المتحدة والصين والممتدة لـ90 يومًا تبدو في ظاهرها انفراجة واعدة، فإن التداعيات الاقتصادية واللوجستية التي رافقتها، تثير مخاوف متزايدة بشأن احتمالية نشوء أزمة في حركة الشحن العالمية، مشابهة لما حدث إبان جائحة كوفيد-19.

اقتصاد منطقة آسيا والمحيط الهادئ وسط دوامة الحرب التجارية
حركة الشحن العالمية

 

ذروة مفاجئة في الطلب والضغط على البنية التحتية

ومع دخول الهدنة حيز التنفيذ، تسابق المستوردون الأميركيون للحصول على البضائع من الصين قبل انتهاء المهلة، ما أدى إلى ارتفاع قياسي في حجوزات الحاويات بنسبة 277% خلال أسبوع واحد، حيث يعد هذا الطلب المفاجئ مثقلًا لكاهل سلاسل التوريد والموانئ والمصانع الصينية، والتي تعمل حاليًا بكامل طاقتها، لتلبية هذه القفزة غير المتوقعة.

ميناء "يانتيان" في شنتشن، أحد الموانئ الصينية الرئيسية، والذي يشهد حاليًا اختناقات مرورية خانقة، حيث يسارع مشغلو الشحن، لتعديل جداول السفن واستغلال أي مساحة متاحة، فالمشهد يُعيد إلى الأذهان، فوضى الشحن العالمية التي شهدناها أثناء الجائحة.

اقرأ أيضًا:

حركة الشحن في مهب الريح، الحرب التجارية تعصف بالممرات البحرية العالمية (تفاصيل)

قصة ميناء الشهيد رجائي وتأثيره على الاقتصاد الإيراني وحركة الشحن والتفريغ

 

أسعار الشحن ومحدودية الطاقة الاستيعابية

وأدى هذا الاندفاع إلى رفع أسعار الشحن الفوري بنسبة 16% في أسبوع واحد فقط، لتصل إلى 3,136 دولارًا للحاوية، مع توقعات بأن يتضاعف السعر، ليصل إلى 6 آلاف دولار مع حلول يونيو، إذا استمرت وتيرة الطلب الحالية.

وفي ظل تقليص شركات الشحن لرحلاتها بين الصين والولايات المتحدة سابقًا، فإن السعة المتاحة أصبحت محدودة، ما يعزز فرص ارتفاع الأسعار، واختناق سلاسل الإمداد مجددًا.

الحرب التجارية

 

تشوهات في سوق التجزئة الأمريكي

التداعيات لم تتوقف عند البنية التحتية للنقل فقط، فقد أدت الرسوم الجمركية السابقة التي فرضها ترامب، إلى تراجعٍ واضحٍ في قطاعات حيوية مثل مبيعات التجزئة والبناء والتصنيع، وهي جميعها قطاعات مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بحركة الشحن. 

الآن، وبينما يلوح في الأفق احتمال إعادة فرض الرسوم في أغسطس، تعمد العديد من الشركات الأمريكية إلى تكديس المخزون، في خطوة وقائية قد تؤدي إلى تشوهات إضافية في السوق.

 

عدم يقين سياسي وتأثيره على سلوك السوق

السوق لا يتحرك وفق المعطيات التجارية فقط، بل يعكس كذلك القلق من عدم الاستقرار السياسي، فالتصريحات الصادرة عن إدارة ترامب، ومنها احتمال إعادة ضبط سعر الفائدة إلى 54% في حال فشل المفاوضات، تخلق حالة من الغموض تدفع الشركات للتصرف بعجلة وتكديس السلع.

اقرأ أيضًا:

ترامب يعيد أمريكا إلى الوراء بالحرب التجارية الخاسرة مع الصين وأوروبا

شحنات الصين في مرمى الجمارك، قرار أمريكي يعيد رسم خريطة التجارة الإلكترونية

يضاف إلى ذلك، أن الرسوم الجمركية على الصين لا تزال مرتفعة بنسبة 30% رغم الهدنة، ما يعني أنه حتى مع زيادة الطلب، فإن حالة الهلع التجاري ستظل سائدة، ما دام المستقبل غير واضح.

تفاؤل في الأسواق العالمية بعد التوصل لاتفاق تجاري بين أمريكا والصين
الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين

 

خلاصة واستنتاج

ورغم أن الانفراجة التجارية المؤقتة بين واشنطن وبكين هدأت التوترات الدبلوماسية، فإنها فجرت أزمة لوجستية جديدة تبدو كأنها أزمة ما قبل الأزمة، فالاندفاع المفاجئ للاستيراد، وتكدس الموانئ، وقفزات الأسعار، وتراجع القدرة الاستيعابية، كلها مؤشرات تدل على أن سوق الشحن العالمي هش للغاية ويتأثر بشدة بالقرارات السياسية المفاجئة.

ولا يتوقع الخبراء تكرار مشهد فوضى كوفيد19 بالكامل، إلا أن حجم الطلب الحالي يشكل تهديدًا مباشرًا لاستقرار حركة الشحن الدولية، خصوصًا في حال فشل الجانبين في التوصل إلى اتفاق دائم بحلول أغسطس، فالخطر ليس في الحرب التجارية، بل في الهدنة التجارية نفسها، حين تتحول إلى سباق محموم مع الزمن، يعيد خلط أوراق السوق العالمي.

Short Url

showcase
showcase
search