الأربعاء، 14 مايو 2025

03:08 ص

ترامب يعيد أمريكا إلى الوراء بالحرب التجارية الخاسرة مع الصين وأوروبا

الثلاثاء، 13 مايو 2025 01:34 م

أوروبا في مواجهة تهديدات ترامب

أوروبا في مواجهة تهديدات ترامب

تحليل/ ميرنا البكري

من المفترض إن ولاية ترامب الثانية تفتح عصر ذهبي لأمريكا، لكن الواقع كان عكس ذلك، حيث دخلت الولايات المتحدة في مواجهات تجارية من كل جهة، وخسرت الكثير من نفوذها ليس اقتصاديًا فقط، بل حتى تحالفاتها التاريخية اهتزت.

أشعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "حرب رسوم جمركية" لم تقتصر على الصين فقط، بل شملت حتى أقرب حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا. وبدلًا من أن تعزز هذه الخطوة مكانة أمريكا الاقتصادية، كشفت عن محدودية قدرتها على الصمود في مواجهة تجارية طويلة الأمد، خاصة بعد أن بدأت الأسواق المالية في التراجع والتأثر سلبًا، مما اضطر ترامب إلى التراجع عن مواقفه أكثر من مرة لتفادي تفاقم الأزمة.

اقرأ أيضًا: من الانتعاش إلى التباطؤ، قراءة في مسار الاقتصاد الأمريكي في عهد ترامب

 الرسوم الجمركية، سلاح ارتد على الولايات المتحدة

استخدم ترامب الرسوم الجمركية كسلاح ضغط، لكن مثل  أي سلاح، كثرة استخدامه تهلكه، عندما فرض رسوم على الصين وأوروبا، حدث الآتي: المستهلك الأمريكي نفسه دفع السعر؛ لأن الشركات نقلت التكلفة للمواطن، وبالتالي  تقلبت الأسواق وانخفضت الثقة في التوقعات الاقتصادية، والصين والاتحاد الأوروبي بدؤوا يفكروا بجدية في بدائل تجارية بعيدًا عن واشنطن. اختصارًا، حاول ترامب أن يسبب ضغط، لكن أغلبه عاد على أمريكا وشركاتها.

 أوروبا أمام فرصة ذهبية

من المفترض أن تكون أوروبا أكبر منافس اقتصادي لأمريكا بعد الصين.فهي تمتلك اقتصاد ضخم، واليورو أيضًا ينافس الدولار إذا اتوفرت الظروف، ولكن تكمن المشكلة في انقسام أوروبا داخليًا بشكل كبير، وليس لها قيادة موحجة، ودفاعيًا، لا تستطيع أن تواجه أمريكا خصوصًا إن ترامب يهدد بسحب الحماية الأمريكية، هذا يعني إن اوروبا تمتلك كروت قوية لكن لم تستعملها بذكاء.

اقرأ أيضًا: أوروبا من التبعية الروسية للفخ الأمريكي، معركة الغاز لم تنتهِ

مقالات | AR
ترامب يربك أوروبا

التأثير على المدى القريب، أضرار ولكن ليست كارثية

في الواقع، التأثير الاقتصادي المباشر على أمريكا من حرب الرسوم لم يكن كارثي؛ نظرًا لأن اقتصادها مرن، ولديها سوق ضخمة قادرة على امتصاص الصدمات، لكن التأثير الكبير يظهر في: العلاقات التجارية الطويلة المدى، التي أصبحت غير مستقرة، وصورة أمريكا كقائدة اقتصادية عالمية التي تشوهت، كما إن ثقة الشركاء الاستراتيجيين مثل اليابان وكندا وأوروبا تأثرت.

اقرأ أيضًا: رغم عواصف ترامب الجمركية، الاقتصاد الأمريكي يتماسك مع وجود التوترات التجارية
 

 التوقعات، أمريكا ستدفع فاتورة سياساتها لكن ليس بمفردها

على المدى المتوسط، الاقتصاد الأمريكي لن يقع ، لكنه يدفع ثمن:

1.الشركات الأمريكية ستواجه صعوبات تصدير إذا استمرت الردود الانتقامية من أوروبا والصين.

2.المستهلك سيعاني من التضخم إذا استمرت السياسة الحمائية.

3.الاستثمار الأجنبي قد يقل لأن العالم لن يرى بيئة مستقرة وآمنة في أمريكا

أما اوروبا فتحتاج توحيد الصفوف، واستغلال الفرصة لإعادة تموضع اقتصادي، وبناء تحالفات تجارية قوية مع آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.

 دروس الأزمة، ليس كل واقعي.. واقعي

يقول ترامب  إنه "واقعي"، لكن الحقيقة وفقًا لما قاله جوزيف ناي (صاحب مفهوم القوة الناعمة)، “الواقعية ليس تهميش القيم الليبرالية أو تفجير كل تحالفاتك”، الأحداث مع ترامب تؤكد إن أمريكا عندما تمشي وحدها تدفع ثمن غالي، والعالم لن ينتظرها.

ختامًا، ترامب استخدم الرسوم الجمركية كسلاح للضغط، لكنه فقد السيطرة على نتائجه، فتحوّلت إلى عبء أكثر منها ورقة رابحة. في المقابل، تمتلك أوروبا فرصة تاريخية لإعادة تموضعها كلاعب اقتصادي مستقل، لكنها تعاني من انقسامات داخلية تُضعف قدرتها على الاستفادة من هذه اللحظة. أما على المستوى العالمي، فالاقتصاد لم يعد خاضعًا لقيادة أمريكية مطلقة، بل يتجه نحو واقع متعدد الأقطاب.

Short Url

showcase
showcase
search