الخميس، 08 مايو 2025

05:44 م

من موسكو إلى واشنطن، هل تهرب أوروبا من فخ الغاز الروسي لتقع في شباك الغاز الأميركي؟

الخميس، 08 مايو 2025 03:42 م

الطاقة العالمية

الطاقة العالمية

كتب/ كريم قنديل

في مشهد يعكس اضطراب ميزان الطاقة العالمي، يقف الاتحاد الأوروبي على مفترق طرق حاسم بين فك الارتباط التاريخي مع الغاز الروسي، والانزلاق التدريجي نحو تبعية جديدة للغاز الأميركي.

وأعلنت المفوضية الأوروبية خطة مطلع مايو الجاري، تبدو طموحة من الناحية النظرية، لكنها على أرض الواقع محاطة بالألغام السياسية والاقتصادية، في ظل حرب تجارية متصاعدة، بين واشنطن وبروكسل.

صراع الطاقة العالمي

خارطة الاتحاد الأوروبي

الاتحاد الأوروبي، وضع خارطة طريق تهدف إلى الاستقلال الكامل عن الغاز والنفط الروسي بحلول نهاية 2027م، خارطة قد تبدو في ظاهرها خطوة نحو التحرر، لكن محللين يرون أنها قد تفتح الباب أمام شكل جديد من الارتهان، هذه المرة لموردي الغاز الطبيعي المسال وفي مقدمتهم الولايات المتحدة. 

فمن تقليص الاعتماد على أنابيب "غازبروم"، إلى توقيع عقود طويلة الأمد مع أميركا وقطر ونيجيريا، تنتقل أوروبا من فخ إلى فخ، كما يقول المراقبون، والواقع أن أوروبا قطعت شوطًا كبيرًا في تقليص الاعتماد على الغاز الروسي، إذ تراجعت وارداتها إلى 52 مليار متر مكعب في 2024م، مقارنة بـ150 مليار في 2021م، لتنخفض الحصة الروسية إلى 19% من إجمالي واردات الغاز، مقابل 45% قبل الحرب الأوكرانية. 

لكنّ هذا التقدم، كان مدفوعًا بجملة من التحديات، منها ارتفاع أسعار الطاقة، وخفض موسكو للشحنات، وزيادة واردات الغاز المسال، لا سيما من أميركا التي أصبحت المزود الأول للقارة العجوز.

الغاز الروسي

 

واشنطن تملؤ الفراغ الروسي بثمن سياسي

وفي عام 2024م، استحوذت الولايات المتحدة على 45% من واردات أوروبا من الغاز الطبيعي المسال، أي ما يعادل 114 مليار متر مكعب، وهي نسبة ضخمة تجعل من الغاز الأميركي، ركيزة رئيسية في أمن الطاقة الأوروبي

وفي الوقت نفسه، مثلت صادرات أميركا لأوروبا، نحو 43% من إجمالي صادراتها من الغاز، ما يعكس مدى الترابط المتنامي بين الجانبين، لكن هذا الترابط يثير القلق، فكما استخدمت موسكو سلاح الغاز في صراعاتها الجيوسياسية، يرى المحللون أن واشنطن، قد تسلك المسار نفسه في ظل تصاعد التوترات التجارية مع الاتحاد الأوروبي. 

كما أن أوروبا لا تزال تفتقر للبنية التحتية الكاملة، لاستقبال كميات هائلة من الغاز المسال، في ظل تأخر مشاريع محطات إعادة التحويل وربط الشبكات بين الدول الأعضاء.

الانقسام الأوروبي

 

انقسام أوروبي داخلي ومصالح متضاربة

ليس جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي على الخط نفسه، فدول مثل المجر وسلوفاكيا، لا تزال متمسكة بعقود طويلة الأمد مع روسيا، بل وتعاني من غياب البدائل السريعة، دول أخرى كفرنسا وهولندا وبلجيكا، لا تزال تستورد الغاز المسال من روسيا عبر منشأة “يامال”، أما دول جنوب شرق أوروبا، مثل اليونان ورومانيا، فما زالت تعتمد على الغاز القادم عبر خطوط الأنابيب الروسية.

وبينما تحاول المفوضية الأوروبية الحفاظ على وحدة القرار داخل التكتل، تشير البيانات إلى أن الطريق نحو التحرر الكامل من الغاز الروسي بحلول 2027م، يمر عبر حقل ألغام جيوسياسي، يتطلب توافقًا غير مضمون.

الطاقة المتجددة

 

البديل الحقيقي تنويع لا تبعية

إن الرهان الحقيقي لأوروبا، يجب أن يكون على تسريع وتيرة الانتقال إلى الطاقة النظيفة، واستثمارٍ أكثرَ في مصادر الطاقة المتجددة، وتوسيع قاعدة الموردين بدلًا من استبدال روسيا بأميركا فقط، فالعلاقات مع دول الخليج، لا سيما قطر والإمارات، دخلت أيضًا على الخط، لكن حجم الاستثمار والبنية التحتية المطلوبة، يجعل من هذه البدائل حلولًا طويلة الأمد، وليست فورية.

كما تحاول أوروبا، إعادة رسم خريطتها الطاقوية في وقت تتغير فيه توازنات العالم، لكن السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: هل ستنجح القارة العجوز في تحقيق استقلالها الطاقوي، أم أنها ببساطة تغيّر القيود من يد إلى أخرى؟

Short Url

showcase
showcase
search