الأحد، 18 مايو 2025

03:21 م

«في 100 يوم»، ترامب يصدر 143 أمرًا تنفيذيًا تهزّ أمريكا وتقلب موازين الاقتصاد العالمي

الأحد، 18 مايو 2025 10:36 ص

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

تحليل/ ميرنا البكري

في أول 100 يوم من ولايته الثانية، الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم يضيع وقت، وبدأ ولايته بجرعة أوامر تنفيذية مكثفة بلغت 143 أمر تنفيذي، وهو رقم قياسي لم يحدث من قبل، وهذا يوضح لنا أنه عاد بخطة واضحة: التغيير، التعديل، الضغط، والسيطرة.

لكن، ما معنى ذلك اقتصاديًا؟ وكيف يمكن أن تؤثر أوامره علينا كمستهلكين ومراقبين للسوق العالمي؟ سنوضح ذلك في هذا التحليل.

البيت الأبيض: 70 دولة تواصلت مع واشنطن لإبرام اتفاقيات بشأن الرسوم
البيت الأبيض

تقشف ترامب، علاج مالي أم عبء اجتماعي؟

قرر ترامب أن يوجه ضربة للجهاز الحكومي نفسه، وهذا يتضح من إن 23% من أوامره كانت متعلقة بإعادة هيكلة الحكومة الفيدرالية، حيث أنشأ كيان جديد اسمه "وزارة كفاءة الحكومة" أو DOGE، هدفها الأساسي تقليل الإنفاق ورفع الكفاءة.

وبالتحليل الاقتصادي، التقشف في وزارة التعليم يعني خفض تمويل الأبحاث والتعليم العالي،  مما يؤثر على جودة التعليم في أمريكا وبالتالي على المهارات في سوق العمل، كما إن تقليل النفقات الحكومية قد يكون إيجابي من جانب خفض العجز، لكن على المدى القصير قد يبطأ النمو إذا قل الإنفاق على البنية التحتية أو المرتبات الحكومية.

أي باختصار، ترامب يحاول أن يطبق سياسة "شد الحزام"، لكن دون الأخذ في الاعتبار إن هذا الحزام مناسب للشعب أم لا.

اقرأ أيضًا: ترامب وماسك يُقلّصان الحكومة بـ15 ألف استقالة دفعة واحدة

 الرسوم الجمركية، ترامب يكمل حمائية

حوالي 17% من أوامره كانت في ملف التجارة والرسوم الجمركية، وأشهرها فرض "رسوم يوم التحرير" على أغلب الشركاء التجاريين. 

مما أدى إلى اضطرابات في الأسواق وقلق في سلاسل التوريد العالمية.

التحليل الاقتصادي هنا يقول، إن أمريكا تعود مرة أخرى لسياسات الحماية التي تحاول تقلل الاستيراد وتزود الإنتاج المحلي، لكنه يرفع تكلفة السلع على المواطن الأمريكي، ويؤثر على الدول المصدرة، وخصوصاً الصين، المكسيك، والاتحاد الأوروبي، وبالتالي الأسعار العالمية قد تعلى، خصوصاً في قطاعات مثل الإلكترونيات، السيارات، والمعادن.

إذا كنت مستورد في مصر أو دولة عربية،  ستشعر بزيادة في أسعار السلع الأميركية أو السلع التي فيها مكونات أمريكية أيضًا من الممكن أن الأسواق العربية تتأثر من تباطؤ الاقتصاد العالمي إذا استمرت هذه السياسات الحمائية.

اقرأ أيضًا: ترامب يعيد أمريكا إلى الوراء بالحرب التجارية الخاسرة مع الصين وأوروبا

حرب الرسوم بين الصين وأمريكا

نهاية التنوع، وعودة الجدارة

12% من الأوامر كانت تستهدف قضايا التنوع والمساواة، وذلك من خلال إلغاء برامج العمل الإيجابي. يعني ترامب يقول “كل واحد ينجح بمجهوده فحسب ”، هذا القرار له تأثير اجتماعي مباشر، أيضا له تبعات على سوق العمل. لأنه قد يقلل فرص الأقليات والنساء في قطاعات معينة، ويزيد من الفجوة الطبقية، وعلى المدى الطويل يؤثر على الاستقرار الاجتماعي والنمو الاقتصادي.

النفط عائد، والمناخ يشتكي

كانت 8% من الأوامر عن الطاقة والمناخ، وتركزت على تسهيل مشاريع الوقود الأحفوري وإعادة النظر في الاتفاقيات البيئية، أمريكا تتجه للاعتماد على البترول والفحم أكثر، مما يقلل تكلفة الطاقة محلياً، لكنه يسبب توتر مع أوروبا والدول التي تتبنى السياسات الخضراء.

وعلى المدى الطويل، قد يجعل أمريكا في آخر السباق العالمي للطاقة المتجددة.

اقرأ أيضًا: هدوء في الحرب التجارية، تراجع الذهب وصعود النفط مع خفض الرسوم الجمركية

 ملف الصحة والهجرة، شد وقبض

شدد ترامب  المعابر وعدل برامج التأمين الصحي، حيث ذهبت 6% من الأوامر ذهبت للرعاية الصحية و6% للهجرة، وقرارات الهجرة قد تضرب القطاعات التي تعتمد على العمالة المهاجرة مثل الزراعة والبناء. أما تعديلات التأمين، فقد تزود العبء على الفئات المحدودة الدخل وتزود الإنفاق الشخصي على الصحة.

الذكاء الاصطناعي، في الصورة أيضًا

استحوذت القرارات عن العلوم والدفاع عن 4% من الأوامر، وتركزت على تمويل مشاريع الذكاء الاصطناعي وتعزيز الإنفاق الدفاعي، والمغزى الاقتصادي من ذلك هو إن أمريكا تجهز نفسها لمعركة التفوق التكنولوجي أمام الصين، وتمويل الذكاء الاصطناعي يشير إلى فرص كبيرة لشركات التكنولوجيا، لكن أيضا  معه تحديات أخلاقية وتنظيمية كبيرة.

⚖️ تنظيم الذكاء الاصطناعي: ذكاء اصطناعي بلا حدود؟ 🤖 الرئيس ترامب يلغي  الأمر التنفيذي الذي أصدره بايدن بشأن أمن الذكاء الاصطناعي 🚨
مشاريع الذكاء الاصطناعي

موجة طعون قانونية، هل ستصمد الأوامر؟

حوالي 29% من هذه الأوامر مرفوع ضدها قضايا في المحاكم. 

وهذا يعني أن الأمور لن تسير دائمًا كما يريد ترامب، وهذا أمر مهم اقتصاديًا، فحالة عدم اليقين قد تؤثر على استقرار الأسواق، المستثمرين بطبعهم يحبوا الأمور تكون واضحة ومستقرة، وعند وجود طعون كثيرة  على الأوامر، يدفعهم إلى إعادة التفكير قبل استثمار أموالهم في هذه السوق.

 ترامب يحكم بالأوامر، لكن هل يستجيب السوق؟

بدأ ترامب ولايته الثانية بعاصفة أوامر تنفيذية، كلها ترسم توجه واضح وهو حكومة أنحف، تجارة محمية، إنفاق أقل، وسياسات أقرب للمحافظة التقليدية، لكن  السوق لا يسمع دائمًا للكلام السياسي، والشهور المقبلة ستكشف هل هذه القرارات ستُترجم لنمو اقتصادي حقيقي؟ أم ستزود  الاستقطاب والقلق العالمي؟

في النهاية، ما يجري في أمريكا لا يخصها وحدها، بل يؤثر في شكل الاقتصاد العالمي، واتجاهات الاستثمار، وحركة الأسعار حول العالم، ولهذا من الضروري أن نبقى على متابعة دائمة.

Short Url

showcase
showcase
search