الإيجارات ترتفع بلا هوادة، حلقة مفرغة من الضغوط الاقتصادية ومآزق الإسكان
الجمعة، 02 مايو 2025 07:52 م

أسعار الإيجار
كتب/ كريم قنديل
في صمت خانق، تواصل الإيجارات في الاقتصادات المتقدمة صعودها، لتفرض عبئًا متزايدًا على كاهل المستأجرين، خصوصًا أولئك المنتمين للطبقات الدنيا.

الزيادة في أسعار الإيجارات لا تقتصر على مجرد أرقام في نهاية كل شهر، بل باتت تعني اقتطاعًا مؤلمًا من الإنفاق على الغذاء والرعاية الصحية والتنقل، أو حتى التخلي عن سكن قريب من العمل لصالح مناطق نائية وأقل جودة.
سياسة نقدية عقابية
حين رفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة لكبح التضخم، بلغ متوسط الفائدة على قروض الرهن العقاري لأجل 30 عامًا نحو 7% بعد أن كان 2.7% فقط في 2020، وهو أدنى مستوى تاريخي.
النتيجة؟ ملايين عزفوا عن الشراء، واتجهوا مجبرين إلى الإيجار، في المقابل، مالكو العقارات الذين يواجهون أسعار فائدة مرتفعة بدورهم، نقلوا هذه التكاليف إلى المستأجرين، ووفقًا لجامعة كاليفورنيا بيركلي، فإن كل زيادة بنسبة 1% في الفائدة تؤدي إلى زيادة محتملة بنسبة 5.5% في الإيجارات.
ضغط الهجرة
المهاجرون الجدد إلى الاقتصادات الغنية غالبًا ما يفتقرون إلى المدخرات أو التاريخ الائتماني المطلوب للشراء، ما يجعل سوق الإيجار وجهتهم الوحيدة، ومع استمرار تدفقات الهجرة، ارتفع الطلب على المساكن المؤجرة، بينما ظل العرض راكدًا.

شح في المعروض السكني
جائحة كورونا أحدثت شللاً في قطاع البناء، فتوقفت مشاريع بناء الشقق، خصوصًا في مدن مثل سان فرانسيسكو، حيث انخفضت التراخيص في 2020 إلى النصف مقارنة بما قبل الجائحة، وحتى اليوم، لا تزال كثير من المشاريع في طي التأجيل أو الإلغاء، ما فاقم الفجوة بين العرض والطلب.
تضخم الإيجارات مرض مزمن
إن المشكلة أعمق من مجرد دورات اقتصادية، إنها حالة هيكلية معقدة، فالسياسات النقدية أدت إلى تراجع فرص التملك، بينما زاد المستثمرون أسعار الإيجارات لتعويض تكاليف التمويل المرتفعة، وفي المقابل، يعاني قطاع البناء من تأخر مزمن في تعويض الفجوات السكنية، بسبب اختناقات سلاسل التوريد وارتفاع أسعار المواد الأولية، ومخاوف من تقلبات الأسواق.
رغم تراجع معدلات التضخم وتوقف رفع الفائدة، لم تنخفض الإيجارات، والسبب أن الإيجارات لا تتبع نفس وتيرة التراجع التي تشهدها أسعار السلع، لأن عقود الإيجار طويلة الأمد، ولأن المالكين يميلون إلى تثبيت الأسعار المرتفعة قدر الإمكان لتعويض خسائر سابقة أو استباق اضطرابات مستقبلية، وهكذا صار الحديث عن تضخم الإيجارات المستعصي واقعًا مقلقًا.

هل نرى ضوءًا في نهاية النفق؟
إن موجة ارتفاع الإيجارات ربما بلغت ذروتها، لكن التراجع الكبير ليس مضمونًا، فالعوامل التي تُبقي الأسعار مرتفعة ضعف البناء، صعوبة التمويل، غموض السياسات الحكومية لا تزال قائمة.
ويضيف أن الحكومات قد تلجأ إلى حلول جذرية، فرض قيود على الإيجارات، تشجيع البناء عبر الحوافز، أو حتى فرض ضرائب على العقارات الشاغرة، لكن أي اضطراب سياسي أو اقتصادي جديد، من حرب تجارية إلى أزمة جيوسياسية، قد يعيد عقارب الساعة إلى الوراء.
الإيجارات لم تعد بندًا عاديًا في الميزانية، بل صارت رمزًا صارخًا لأزمة أوسع، أزمة ثقة في قدرة النظام الاقتصادي على تأمين أساسيات الحياة، وإذا لم تتحرك السياسات العامة لمعالجة الجذور الحقيقية للمشكلة، فقد تبقى الإيجارات المرتفعة جرس إنذار دائم في شقق المدن الكبرى حول العالم.
Short Url
من الحماية إلى التمكين، كيف يُعيد قانون العمل 2025 رسم خريطة الاقتصاد المصري؟
02 مايو 2025 11:06 ص
تعرف على أسباب انتشار ماركات السيارات الصينية في السوق المصرية
02 مايو 2025 08:40 ص


أكثر الكلمات انتشاراً