الأربعاء، 03 ديسمبر 2025

03:28 م

لماذا تتجه شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى إلى الأسواق الناشئة؟، الهند نموذجًا

الأربعاء، 03 ديسمبر 2025 01:00 م

شركات الذكاء الاصطناعي في الهند

شركات الذكاء الاصطناعي في الهند

تُعد الهند واحدة من أكبر الأسواق الرقمية في العالم، مدعومة بعدد سكان يتجاوز 1.4 مليار نسمة، يشكّل الشباب أكثر من نصفهم، هذه التركيبة السكانية الفريدة منحت البلاد ميزة تنافسية كبرى.

تستفيد شركات الذكاء الاصطناعي العالمية من هذا السوق الضخم والمتنوع، الذي أصبح بمثابة "بيئة اختبار واسعة"، حيث يمكن لتلك الشركات اختبار منتجاتها على شريحة هائلة من المستخدمين دون الحاجة للانتشار في دول عديدة.

تراهن الشركات على أن الوصول المبكر لجمهور شاب يستخدم الإنترنت بكثافة، يجعل من الهند بيئة مثالية لتسريع الانتشار، وجمع بيانات حقيقية ودقيقة عن كيفية استخدام المستهلكين لهذه الأدوات التكنولوجية الجديدة.

الذكاء الاصطناعي في الهند

التنوع الثقافي.. مختبر طبيعي لتدريب نماذج الذكاء

تتميز الهند بتناغم عشرات اللغات واللهجات والثقافات، وهو ما يسمح لنماذج الذكاء الاصطناعي بصقل قدراتها على فهم البشر في بيئات متنوعة للغاية.

فعندما تطور الشركات أدواتها لتعمل في بيئة شديدة التعقيد مثل الهند، من اختلاف اللغات إلى تفاوت جودة الإنترنت فإنها تكتسب قدرة تلقائية على التوسع في أسواق أخرى مشابهة في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية.

لذلك ترى شركات مثل أوبن إيه آي OpenAI وبيربلكسيتي Perplexity أن النجاح في الهند يعني اكتساب خبرة تشغيلية ولغوية يمكن تكرارها بسهولة في عشرات الدول الناشئة.

قاعدة مستخدمين هائلة لكن منخفضة التكلفة

رغم أن الهند ليست سوقاً مربحة من حيث متوسط الإنفاق الفردي على التطبيقات الرقمية، إلا أنها تقدم ما هو أهم على المدى الطويل.. كتلة جماهيرية ضخمة تستخدم الخدمة يوميًا وتنتج كمًا هائلًا من البيانات.

تعد البيانات أحد الأصول الأساسية لنماذج الذكاء الاصطناعي، إذ تعتمد الشركات على تحسين قدراتها عبر تحليل الكم الهائل من تفاعلات المستخدمين، وبذلك تتحول الهند إلى بيئة منخفضة التكلفة لتدريب هذه النماذج وتحسينها دون استثمارات ضخمة.

الاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي

تشير التوقعات إلى أن الاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي ستشهد زخمًا كبيرًا بحلول عام 2026، مع استمرار هذا النمو حتى 2030، مدعومة بالتوسع المتزايد في قدرات مراكز البيانات والبنية التحتية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.
وسيواصل منحنى الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي صعوده القوي، خصوصًا مع انتقال المؤسسات من مرحلة التجربة إلى مرحلة التطبيق والدمج الفعلي في عملياتها.

ولذلك فإن وتيرة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي ستتسارع بشكل ملحوظ مع دخول عام 2026، في ظل الزخم القوي الذي يشهده القطاع.

مايكروسوفت 

طفرة في الإنفاق على الذكاء الاصطناعي

من المتوقع استمرار الزيادة الملحوظة في الإنفاق الرأسمالي على الذكاء الاصطناعي حتى عام 2026، حتى في حال تباطؤ النمو قليلًا مقارنة بعام 2025.

وترجع هذه التوقعات إلى إعلان شركات كبرى مثل ألفابت Alphabet، ميتا، مايكروسوفت Microsoft وأمازون Amazon عن استثمارات مشتركة تصل إلى 403 مليارات دولار في 2025، وترتفع إلى 506 مليارات دولار في 2026.

كما يتوقع بنك UBS أن يبلغ الإنفاق الرأسمالي على الذكاء الاصطناعي 423 مليار دولار في 2025، ليقفز إلى 571 مليار دولار في 2026، مع وصوله إلى نحو 1.3 تريليون دولار بحلول 2030.

إن كبريات شركات التكنولوجيا تضخ مئات المليارات في مشاريع التوسع، وأن إنفاق هذه الشركات وحده قد يشكل حصة ضخمة من إجمالي الإنفاق العالمي على الذكاء الاصطناعي هذا العام.

وتظهر نتائج مسح حديث أجرته شركة ديلويت Deloitte أن 85% من المؤسسات رفعت استثماراتها في الذكاء الاصطناعي خلال العام الماضي، بينما تخطط 91% لزيادة إضافية خلال هذا العام، ما يعكس الانتقال نحو نشر أوسع لهذه التقنيات.

كما تتوقع مؤسسة Gartner استمرار نمو الإنفاق المرتبط بالذكاء الاصطناعي بمعدلات مزدوجة الرقم حتى عام 2027.

أسباب الزيادة في الاستثمارات

توسع مراكز البيانات يتطلب نفقات رأسمالية ضخمة تشمل مرافق تصنيع أشباه الموصلات وقطاع الطاقة، إضافة إلى مشروعات تحديث وتوسيع شبكات الكهرباء، ما يدفع نحو مزيد من الاستثمارات.

ويرى UBS أن تسارع عقد الصفقات في قطاع الذكاء الاصطناعي وارتفاع الطلب المتوقع على الحوسبة من أبرز عوامل زيادة الاستثمارات. 

كما ساهمت الأرباح القوية لشركات الذكاء الاصطناعي خلال الربع الثالث من 2025 في دعم الطلب وتعزيز الإنفاق، فيما يتوقع البنك أن مكاسب الإنتاجية المستقبلية لهذه الشركات ستظل دافعاً رئيسيًا لاستمرار تدفق الاستثمارات في القطاع.

ChatGPT 

ضعف المنافسة المحلية.. فرصة ذهبية للريادة المبكرة

على الرغم من نمو الشركات الناشئة الهندية المدعومة بالمبادرات الحكومية، فإن السوق لا يزال يفتقر إلى شركات محلية قادرة على منافسة المنصات العالمية مثل شات جي بي تي ChatGPT وجيميناي Gemini وبيربلكسيتي Perplexity.

غياب لاعبين محليين كبار يفتح الباب واسعًا أمام الشركات العالمية للاستحواذ على الحصة الأكبر من المستخدمين، قبل أن تنضج السوق وتظهر منافسة محلية قوية.

وتدرك الشركات أن من يربح ولاء المستخدمين في البداية غالبًا ما يحتفظ بهم على المدى الطويل.

بيئة تشريعية مرنة تشجع الابتكار

تحافظ الحكومة الهندية على نهج متوازن في تنظيم قطاع الذكاء الاصطناعي، فهي لا ترغب في فرض قيود مبكرة قد تبطئ الشركات الناشئة المحلية أو تعطل التطوير التكنولوجي. 

هذا المناخ التشريعي المرن يوفر للشركات العالمية مساحة لتجربة منتجاتها وتنقيحها دون خوف من تعقيدات القانون.

وتعتبر الشركات العالمية أن بيئة كهذه تمنحها فرصة ذهبية لاختبار أدوات جديدة، وإطلاق خدمات تجريبية، وتوسيع نطاق الاستخدام قبل الانتقال إلى أسواق أكثر صرامة في التنظيم.

ميتا Meta

شركات عالمية تستغل المزايا البنيوية للسوق الهندية

تتمتع شركات مثل ميتا Meta وجوجل Google بالفعل بوجود ضخم في الهند، إذ تستخدم الأغلبية الساحقة من الهواتف نظام أندرويد، ويعتمد مليار مستخدم على خدمات ميتا.

هذا الانتشار يمنح تلك الشركات قاعدة جاهزة لدمج أدوات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، فيما تضطر الشركات الجديدة مثل أوبن إيه آي وبيربلكسيتي لتقديم أسعار تنافسية وعروض خاصة لجذب المستخدمين.

ومع ذلك، فإن المنافسة الشرسة لا تمنع السوق من النمو، بل تسرع من تبني التقنيات الجديدة، كما يظهر في ارتفاع تنزيلات تطبيقات الذكاء الاصطناعي بأكثر من 500% خلال عام واحد فقط.

الهند كبوابة للأسواق الناشئة العالمية

لا ترى شركات الذكاء الاصطناعي الهند كسوق نهائية فحسب، بل كبوابة استراتيجية لأسواق أكبر قادمة، فالتجربة في الهند بما تحمله من تعقيد لغوي واقتصادي وثقافي، تزود الشركات بمرونة عالية، وتجعل خوارزمياتها أكثر قدرة على التعامل مع الظروف المتباينة في الدول النامية.

وبمجرد إثبات النجاح في الهند، يصبح دخول أسواق مثل إندونيسيا، والبرازيل، ونيجيريا، ومصر مسألة وقت، إذ تشترك جميعها في خصائص رئيسية: عدد سكان كبير، ونمو سريع في إستخدام الإنترنت، وشباب يشكلون غالبية المستخدمين.

جوجل Google

لماذا الأسواق الناشئة؟ ولماذا الهند؟

لأنها تجمع كل ما تحتاجه شركات الذكاء الاصطناعي للنجاح:

  • عدد ضخم من المستخدمين
  • بيئة لغوية وثقافية ثرية لتطوير النماذج
  • تكلفة منخفضة للتوسع والاختبار
  • تنظيمات مرنة وتشجيعية
  • ضعف المنافسة المحلية
  • فرصة لاحتلال الريادة مبكرًا

لهذه الأسباب أصبحت الهند ليست مجرد سوق جديدة، بل مختبرًا عالميًا لصناعة الذكاء الاصطناعي وواحدة من أهم ساحات المنافسة بين الشركات الكبرى.

اقرأ أيضًا:

سباق الذكاء الاصطناعي، استثمارات عالمية نحو عقلٍ رقمي يتفوق على البشر

ذكاء اصطناعي ينفذ المهام المعقدة تلقائيًا عبر الإنترنت، "أوبن أيه آي" تطلق وكيل ChatGPT Agent

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هُــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هُــــــــنا.

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search