الأربعاء، 26 نوفمبر 2025

12:17 ص

الدكتور محمد عسكر يكتب: الميتافيرس وعالم ما بعد الواقع.. هل نحن على أعتاب ثورة تقنية جديدة؟

الإثنين، 24 نوفمبر 2025 11:00 ص

دكتور محمد عسكر

دكتور محمد عسكر

دكتور محمد عسكر

في عام 1992، كتب الروائي الأمريكي نيل ستيفنسون روايته الأشهر "حطام الثلج"، وفي هذه القصة الخيالية، يتحدث ويتواصل البشر مع بعضهم البعض في بيئة افتراضية ثلاثية الأبعاد مماثلة للعالم الحقيقي بصورة مجازية، وفي تلك الرواية تحديداً ظهر مصطلح  "الميتافيرس"  للمرة الأولى، ومنذ ذلك الحين، يتم استخدام "الميتافيرس" لوصف العالم المبني على الواقع الافتراضي حيث يمكن للأشخاص التفاعل والإبداع والاستكشاف في بيئة مشتركة غامرة مشابهة تماما للواقع للذي عهدناه.

ولربما جاءت الخطوة الأجرأ لتحويل ذلك الخيال العلمي إلى تقنية حقيقية في أكتوبر عام 2021، عندما أعلنت شركة فيسبوك تغيير اسمها إلى ميتا، وبدأت تستثمر مليارات الدولارات لتحويل نفسها إلى شركة تركز بالأساس على تطوير الميتافيرس وهي رؤية يقودها مؤسس الشركة ورئيسها مارك زوكربيرج.

إن ميتافيرس ليس منصّة أو تطبيقاً واحداً، ولكنها شبكة من المساحات الرقمية المترابطة التي تغطي مجالات مختلفة، مثل الألعاب والترفيه والتعليم ووسائل التواصل الاجتماعي، ولا يزال ميتافيرس يتطور ويواجه العديد من التحديات والفرص المستقبلية، حينها سيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف يمكن له أن يشكل مستقبل التجارب الرقمية البشرية، الميتافيرس هي عبارة عن شبكة اجتماعية ضخمة تقوم على أنواع معقدة ومتداخلة من تكنولوجيا الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR) والواقع المختلط (MR) لتشكل معاً مزيجاً يكون ما يسمى بالواقع الممتد (XR) بالاعتماد على تقنيات البيئات ثلاثية الأبعاد(3D)  لتكوين كائنات افتراضية تتكامل بشكل وثيق مع المحسوسات المادية والبشرية، وتتداخل معها أيضاً تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والرؤية الحاسوبية والمستشعرات الحسية وتقنيات أخرى كالبلوكتشين لضمان تخزين البيانات والتعامل معها بما يضمن الحماية والخصوصية للمستخدمين. 

ويشترك فيها عدد غير محدود من الأشخاص حول العالم يتم التفاعل بينهم في الوقت الحقيقي وبشكل فعال ومستمر، بحيث توفر بيئة انغماس حقيقة للمستخدمين وإحساساً حقيقياً بتواصل حقيقي افتراضي في بيئات مشابهة تماماً للبيئات الحقيقة في الواقع، إن ميتافيرس هي عالم ما بعد الواقع الذى يتم فيه دمج الواقع المادي مع البيئات الافتراضية بشبكة متصلة تضم تفاعلات مستمرة ومتعددة الأشخاص، ويتم تمثيل المستخدمين فيها بصور رمزية والتفاعل بينهم في الوقت الفعلي وبإحساس غامر يعيشه المستخدمين ويطلق على هذه الرموز أفاتار.

وهناك العديد من المميزات التي ستعود على العالم عند استخدام الميتافيرس حيث سيمكنك الميتافيرس من زيارة كل ما هو موجود في العالم والعيش بداخله وكأنك تعيشه في الواقع، سيساعدك العالم الافتراضي على تنميه كل مهاراتك مما يزيد من تركيزك وقدراتك العقلية، ستتمكن من رؤية كل ما هو موجود في العالم الافتراضي مجسماً كأنك ترى أشخاصاً وكائنات حقيقية، سيمكنك الميتافيرس أيضاً من استخدام شبكات الإنترنت المحلية والعالمية؛ مما يجعلك قادر على المشاركة مع الآخرين في كل البيئات المختلفة حول العالم، وهذا سيساعد بلا شك على زيادة الترابط المجتمعي وتبادل الثقافات.

لقد رأينا بالفعل شركات تفتح فروعا لها على منصات ميتافيرس وليدة مثل "هورايزون وورلدز" التابعة لشركة ميتا، إضافة إلى بعض الألعاب الالكترونية مثل روبلوكس وفورتنايت، كما أن هناك فضاءات أُنشأت حديثاً مثل منصة ساندبوكس حيث تبيع شركة نايكي حاليا أحذية رياضية "افتراضية" من خلالها، كما يمتلك مصرف إتش إس بي سي أيضاً أرضا داخل هذه المنصة، وبالمثل هناك شركات مثل كوكاكولا ولويس فويتون لها وجود داخل منصة ديسنترالاند، وفي ضوء ذلك، فسوف تتسابق كبرى الشركات بجميع المجالات وليست التكنولوجية فقط، إلى الانضمام إلى هذا العالم؛ لمواكبة ما يحدث من تغيرات جوهرية سوف تؤثر على شكل ونمط الحياة في العالم كله. 

فهل سنحتاج إلى قواعد جديدة تماما تحكم تلك الفضاءات الجديدة؟ هل سنقضي وقتا داخل تلك العوالم الافتراضية أكثر من الوقت الذي نقضيه في العالم الحقيقي؟ وهل ستتصل العوالم الافتراضية المختلفة ببعضها البعض بطريقة لا تتم حاليا بين التقنيات المنافسة؟ لا توجد لدى إجابات على أي من تلك الأسئلة حتى الآن، ولكن ذلك لا يمنع الاهتمام الكبير بالميتافيرس والمبالغة في الحديث عنه والترويج له، حيث ترى الشركات فيه وسيلة جديدة لتحقيق الربح.

ولكن هناك تساؤلات أخرى تدور في ذهني، هل الإنسان طَوّر وتَطّور في مجال التكنولوجيا وما يرتبط بها إلى الحد الذي أفرط فيه وتجاوز وأصبح يشكل تهديداً للبشرية؟ وهل بدأت معالم واقع مختلف تحكمنا فيه التكنولوجيا تتشكل بوضوح؟ أم هل ستكون التكنولوجيا وما أفرزته من أدوات هي العصا السحرية في حل مشاكل البشرية منذ الأزل؟ هل سيعيش البشر في اللاواقع واللانهاية وتكون هناك بداية النهاية؟ هل نحن نسير بلا وعي خلف التكنولوجيا أم أننا مجبرون على ذلك؟ ربما لا أملك إجابة لهذه التساؤلات الغامضة، ولكن ربما يجيب عليها الزمن، وبمرور الوقت تتضح الحقائق.

اقرأ أيضًا:

الدكتور محمد عسكر يكتب: استهلاك بلا إبداع.. تلك هي حكايتنا مع التكنولوجيا

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا.

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search