دكتور محمد عسكر يكتب.. التحول الذكي في المؤسسات الحكومية

الجمعة، 10 أكتوبر 2025 12:38 م

دكتور محمد عسكر استشارى نظم المعلومات والأمن السيبرانى

دكتور محمد عسكر إستشارى نظم المعلومات والأمن السيبرانى

يشهد العالم اليوم ثورة رقمية غير مسبوقة تمسّ جميع جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والإدارية، وأصبحت التحولات الذكية في المؤسسات الحكومية أحد أبرز مظاهر التطور في الإدارة العامة الحديثة، ويُقصد بالتحول الذكي توظيف التقنيات الحديثة كالذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، وتحليل البيانات الضخمة، والخدمات السحابية في تطوير أداء المؤسسات الحكومية، لتقديم خدمات أكثر كفاءة وشفافية وسرعة للمواطنين.

في هذا السياق، تسعى جمهورية مصر العربية إلى بناء حكومة رقمية ذكية قادرة على تحقيق رؤيتها التنموية "رؤية مصر 2030"، من خلال تبنّي استراتيجيات رقمية شاملة تهدف إلى تحسين جودة الخدمات العامة، وتعزيز الثقة بين المواطن والدولة.

لم يعد الحديث عن التحول الرقمي في المؤسسات الحكومية مجرد شعار تتداوله المؤتمرات أو استراتيجية تُكتب في وثائق الدولة، بل أصبح واقعًا نلمسه في حياتنا اليومية، ومع ذلك، يظل السؤال الأهم: هل نتحرك بالفعل نحو "التحول الذكي"؟ أي نحو حكومة تفكر وتعمل وتخدم المواطن بذكاء؟

في رأيي، ما تشهده مصر خلال السنوات الأخيرة هو بداية مرحلة جديدة في تاريخ الإدارة الحكومية، مرحلة تحاول فيها الدولة أن تتخلص من البيروقراطية المزمنة وتستبدلها بعقل إلكتروني قادر على إنجاز العمل بكفاءة ودقة، التحول الذكي ليس مجرد رقمنة للخدمات، بل هو فكر إداري جديد يقوم على تحليل البيانات، والتكامل بين المؤسسات، واتخاذ القرار بناءً على المعلومات وليس المزاج أو الاجتهاد الشخصي.

منصّة “مصر الرقمية ” كانت الخطوة الأولى الجادة نحو هذا الاتجاه، فهي لم تُسهِّل فقط على المواطن الحصول على خدماته إلكترونيًا، بل غيّرت علاقة المواطن بالدولة، وبدلاً من الازدحام أمام المصالح الحكومية، أصبح المواطن ينجز معاملاته من بيته، وفي دقائق معدودة، وهذه النقلة ليست تقنية فحسب، بل هي نقلة ثقافية في مفهوم الخدمة العامة.

لكن النجاح في بناء حكومة ذكية لا يتحقق بالتكنولوجيا وحدها، فكم من أنظمة إلكترونية فشلت لأنها افتقدت إلى العنصر البشري المؤهل الذي يديرها بوعي وإبداع.

التحول الذكي في رأيي يبدأ من عقل الموظف قبل الجهاز، ومن ثقافة المؤسسة قبل بنيتها التحتية، وهنا تكمن أكبر التحديات: هل نحن مستعدون لتغيير طريقة التفكير والعمل؟

الدولة المصرية تبذل جهودًا ضخمة في تدريب الكوادر الحكومية، وإنشاء مراكز رقمية، وربط قواعد البيانات، لكن التحول الذكي يحتاج إلى إرادة مستمرة تتجاوز حدود المشروعات الزمنية إلى بناء ثقافة إدارية رقمية مستدامة، فما الفائدة من منصة رقمية متطورة إذا كان المواطن لا يعرف كيف يستخدمها؟ أو إذا ظل بعض الموظفين يفضلون التعامل الورقي خوفًا من النظام الإلكتروني؟

كما أرى أن التحول الذكي يجب ألا يقتصر على القاهرة والعاصمة الإدارية الجديدة، بل يجب أن يشمل المحافظات والقرى أيضًا، المواطن في أسيوط أو مطروح أو أسوان من حقه أن يشعر بنفس سهولة الخدمة التي يجدها المواطن في العاصمة، العدالة الرقمية ليست ترفًا، بل هي أساس نجاح أي مشروع وطني للتحول الذكي.

ولا يمكن تجاهل أهمية التشريعات وحماية البيانات في هذه المعادلة، فكلما توسعنا في الخدمات الذكية، إزدادت الحاجة إلى قوانين قوية تحمي خصوصية المواطنين وتمنع إساءة إستخدام المعلومات، الثقة هي حجر الأساس في العلاقة بين المواطن والحكومة الذكية، وأي خلل فيها يمكن أن يهدم ما بُني من إنجازات، ومع كل التحديات، أعتقد أن مصر تسير في الطريق الصحيح.

المؤشرات واضحة: خدمات حكومية رقمية تتوسع، مشاريع بنية تحتية رقمية قوية، ووعي متزايد بين المواطنين بأهمية التكنولوجيا في تسهيل حياتهم، نحن أمام تحول حقيقي، لكنه يحتاج إلى صبر واستمرارية حتى نصل إلى مرحلة النضج الكامل.

التحول الذكي ليس غاية في ذاته، بل وسيلة لبناء حكومة إنسانية أكثر فاعلية وعدلاً وشفافية، وحين تصل مصر إلى النقطة التي يشعر فيها المواطن أن التكنولوجيا جعلت حياته أسهل وأن صوته مسموع عبر المنصات الرقمية، يمكننا وقتها أن نقول بثقة:

نعم.. لقد أصبحت مصر تمتلك حكومة رقمية ذكية قادرة على تحقيق رؤيتها التنموية "رؤية مصر 2030"، من خلال تبنّي استراتيجيات رقمية شاملة تهدف إلى تحسين جودة الخدمات العامة وتعزيز الثقة بين المواطن والدولة.

دكتور محمد عسكر يكتب: نتنياهو كفى وهمًا.. هاتفي ليس قطعة من إسرائيل

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص فيالصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم..