الخميس، 20 نوفمبر 2025

11:10 م

التصنيع في إفريقيا، القارة السمراء مخزن المعادن النادرة تواجه تحديات التوطين والتحرر

الخميس، 20 نوفمبر 2025 07:31 م

الصناعة في إفريقيا

الصناعة في إفريقيا

ميرنا البكري

رغم أن إفريقيا اشتهرت لعقود طويلة بأنها "قارة مواد خام"، إلا أن عام 2025 يمثل انعطافًا حقيقيًا للقارة ليس لاستخراج المعادن فحسب، لكنها تبني مصانع، وتضع سياسات للتصنيع المحلي، وتجذب استثمارات أجنبية تسعى للدخول في سباق التصنيع العالمي قبل أن يفوتها القطار.

 اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025، ومع الاحتفاء باليوم العالمي للتصنيع في إفريقيا، تؤكد القارة كونها واحدة من أسرع مناطق العالم نموًا في التصنيع والتعدين، مما يقدم للمستثمرين فرصة نادرة للاستثمار قبل أن ترتفع الأسعار ويصبح الدخول أصعب، مؤكدة على دورها كقوة صاعدة في المشهد الصناعي العالمي.

سنعرض في هذا التحليل الصورة الكاملة لقطاع التصنيع والتعدين في إفريقيا عام 2025، كما سنوضح كيفية تحول القارة لمركز صناعي ناشىء، ونسلط الضوء على الدول التي تقود الصناعة، وأهم الاحتياطيات التي ترفع قيمة إفريقيا في سباق الطاقة والتكنولوجيا، بالإضافة إلى السياسات الجديدة التي تفرضها الحكومات لزيادة التصنيع المحلي وتعظيم العائد الاقتصادي. 

Paper: Structural Transformation, Economic Development and  Industrialization in Post-Covid-19 Africa | Institute for New Economic  Thinking
يوم التصنيع بإفريقيا

قطاع التصنيع في إفريقيا، ماكينة مستمرة في الإنتاج

أرقام 2025، قطاع ينمو برغم التحديات

بحسب التقرير الصادر من شركة ARISE IIP، من المتوقع أن يصل الناتج المحلي الصناعي في إفريقيا إلى 77.66 مليار دولار بنهاية 2025 بإجمالي إنتاج 284.7 مليار دولار، وذلك في بيئة جاذبة للاستثمار الأجنبي الذي من المتوقع أن يزيد على 4% هذا العام.

وأيضًا يتوقع التقرير أن النمو المركب من 2025 لـ 2029 سيصبح سالب بنحو -2.27% للقيمة المضافة و-2.84% للإنتاج، إلا إن هذا لا يعني أن القطاع ينكمش بالعكس، القطاع يعيد هيكلة نفسه ويجذب خيوط سلاسل التوريد والتحويل الصناعي.

مؤشرات القوة، قطاع متماسك ومؤسسي

وصلت القيمة المضافة للفرد إلى 98.25 دولار، وهامش القيمة المضافة بنسبة 27%، والإنتاج لكل مؤسسة بـ1.21 مليون دولار، وكثافة التصنيع عند 14.32% عبر حوالي 235,000 مؤسسة، فكل هذه الأرقام مؤشرات على قاعدة صناعية قوية وشركات تتطور بسرعة، مما يؤكد أن القارة تتحول من مجرد مخزن للمواد الخام لمركز تصنيع فعال وجاذب للاستثمارات العالمية.

القوى الصناعية الكبرى في إفريقيا

تتمثل القوى الصناعية بالقارة في جنوب إفريقيا، مصر، نيجيريا، المغرب، كينيا، الجزائر، إثيوبيا، غانا، تونس وزامبيا، فتستضيف هذه الدول أكبر الشركات الصناعية في القارة، كما تلعب دورًا رئيسيًا في قيادة التحول الصناعي في مجالات مثل الصناعات الغذائية، الأدوية، الآلات، والمستلزمات الصناعية، ما يجعلها قلب النشاط الصناعي الإفريقي ومحركًا للنمو الاقتصادي.

Africa's Growing Middle Class: A New Economic Force

المعادن النادرة، كنز إفريقيا الذي يغير اللعبة

كانت 2025 عام مفصلي كبير في سوق المعادن النادرة، بعد أن قللت الصين إنتاجها لتغطية الطلب المحلي، فالأسعار ارتفعت 2% في يناير، مما فتح المجال أمام إفريقيا، فالقارة التي كان إنتاجها شبه معدوم عام 2020، من المتوع أن تكون مسئولة عن إنتاج 10% من العرض العالمي بحلول 2030.

 إفريقيا، مخزن العالم من المعادن الاستراتيجية

بحسب التقرير الصادر من معهد IOA، تمتلك إفريقيا نسب مرعبة من أغلب المعادن الحيوية للاقتصاد العالمي، فهى تسيطر على 48% من الكوبالت، و48% من المنجنيز، و22% من الجرافيت، كما تستحوذ على 6% من النحاس العالمي، و 6% من النيكل، بالإضافة إلى 1% من الليثيوم وخام الحديد.

واللافت أن إفريقيا حاليًا تحقق حوالي 40% فقط من الإيرادات التي من الممكن أن تجنيها من المعادن النادرة، بحسب تقرير UNCTAD 2024، أي أكثر من نصف الأرباح الضخمة لم تصل للقارة حتى الآن، مما يؤكد على ضرورة تطوير سياسات أفضل للتنقيب والتصنيع لكي تستفيد إفريقيا بالكامل من ثرواتها.

دول تمتلك قوة تعدينية خارقة

بحسب Energy Capital & Power 2024، تسيطر جنوب إفريقيا على 91% من البلاتين العالمي، و46% من الليتريوم، و35% من الكروم، و22% من المنجنيز، و16% من الفاناديوم.

كما تهيمن المغرب على 70% من الفوسفات العالمي، والكونغو الديمقراطية تحكم في 60% من الكوبالت والمنجنيز العالمي، وتعد الجابون ثاني أكبر احتياطي عالمي وثالث أكبر منتج للمنجنيز عالميًا، وتتحكم غينيا غي  23% من البوكسيت كما أنها ثاني أكبر منتج له عالمي.

وتسيطر موزمبيق على 14% من الجرافيت، وتعتبر خامس أكبر منتج عالمي له، أما زامبيا فتستحوذ على 4% فقط من النحاس العالمي، وتعد هذه الأرقام دلالو علة أن إفريقيا جزء أساسي من أمن الطاقة العالمي.

الذهب في غرب أفريقيا.. الثروة المنهوبة
استخراج الذهب في إفريقيا

سياسات تصنيع محلي، بداية فصل جديد

أصبحت الكثير من الحكومات الإفريقية تتخذ طريق القيمة المضافة المحلية فمثلًا، زيمبابوي التي منعت تصدير الليثيوم خام، فهو شرط بسيط لكنه يحول البلد من مجرد منجم لقاعدة صناعية.

وفي نفس الوقت، منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية تفتح الباب لتكامل صناعي عبر الحدود، بحيث الدول تصنع، وتصدر، وتنقل السلع بسهولة بداخل القارة.

 تأثير التعدين على الاقتصاد الحقيقي

النمو السريع في قطاع المعادن النادرة لا يؤثر على على الشركات فقط، بل يغير شكل الاقتصاد بأكمله، فيخلق فرص عمل جديدة في التعدين والنقل واللوجستيات والخدمات الفنية، وبالتالي يحسن البنية التحتية للدولة، وأيضًا ينتج عنه زيادة ضخمة في سلاسل التوريد الصناعية، مع دعم الصناعات الثقيلة والطاقة المتجددة، بالإضافة إلى رفع قدرة القارة على تصنيع بطاريات، روبوتات، وشبكات كهرباء ذكية.

أبرز التحديات التي تواجه التصنيع في إفريقيا

رغم أن قطاع التصنيع في إفريقيا يشهد نموًا كبيرًا في 2025، إلا أن الطريق ليس سهلًا، فيواجه المصنعون مشاكل كثيرة من اضطرابات في سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الشحن وضعف البنية التحتية، لطاقة غير مستقرة وأسعارها المرتفعة، حتى صعوبة الحصول على تمويل كافي لتوسيع الأعمال أو شراء تكنولوجيا حديثة، وأيضًا تطبيق اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية ليس سلسا دائمًا بسبب البيروقراطية واللوائح المختلفة، بينما يجعل نقص المهارات الفنية والرقمية تأهيل العمالة تحدي كبير خاصةً مع دخول أتمتة الصناعة 4.0.

كما أن أغلب الشركات بالقارة لا زالت تعتمد على آلات قديمة، ومع الضغط العالمي على الاستدامة والممارسات الصديقة للبيئة، تزداد التكلفة وتتراكم التحديات، فالأزمات السياسية والاقتصادية، والتقلبات في الأسعار، والمنافسة من الواردات الرخيصة والسلع المقلدة، عوامل تضغط على المصنعين، وعلى الرغم من ثروات إفريقيا الطبيعية الضخمة، فجزء كبير منها يُصدر دون أي تصنيع محلي، فالقارة لازالت تحتاج تطوير صناعات تضيف قيمة للمواد الخام وتخلق فرص عمل أكثر.

إفريقيا في 2025، من مورد خام إلى قوة صناعية عالمية

 في يوم التصنيع العالمي لإفريقيا، القارة لا تحتفل بتاريخها الصناعي فقط، لكنها تعلن عن مستقبلها، فشهد عام 2025  نقلة حقيقية من مصانع جديدة، لسياسات تصنيع محلي، واستثمارات أجنبية تسابق الوقت للدخول في السوق الإفريقي، فالأرقام والسياسات بأكملها تؤكد أن إفريقيا ليس مجرد مورد خام، لكنها أصبحت لاعباً أساسياً في التصنيع العالمي، ومستعدة للعب دو رئيسي في رسم خريطة الاقتصاد الصناعي للعقد المقبل.

ولكن يبقى الأمر مرهون بقدرة بعض الدول الإفريقية على التحرر اقتصاديا من سيطرة ونفوذ الدول العظمى في العالم والتي ساهمت بسياساتها الاستعمارية الطامعة في ثروات وموارد القارة السمراء في حرمان شعوب دول إفريقيا من خيرات بلادهم ونهضة صناعية كبرى في القارة.

اقرأ أيضًا:-

كيف تقود المناطق الصناعية ثورة التصنيع في إفريقيا ؟

الإحصاء: إفريقيا تضم خُمس سكان العالم في 2025، مصر ثالث أكبر دول القارة

عناصر الأرض النادرة.. روح صناعة المستقبل وقلب الصراع الجيوسياسي العالمي |  سياسة | الجزيرة نت
التعدين

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا.

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search