الخميس، 20 نوفمبر 2025

09:20 م

الدكتورة شيماء وجيه تكتب: منطقة قناة السويس.. كيف تصنع مصر مركزها اللوجستي العالمي؟

الخميس، 20 نوفمبر 2025 11:52 ص

الدكتورة شيماء وجيه- الخبيرة الاقتصادية والمصرفية

الدكتورة شيماء وجيه- الخبيرة الاقتصادية والمصرفية

كتبت الدكتورة شيماء وجيه

تشهد مصر تحولًا اقتصاديًا عميقًا يتجسد بوضوح في التطوير المتسارع لمنطقة قناة السويس الاقتصادية، وهو تحول لا يقوم على التوسعات الهندسية وحدها، بل على بناء نموذج اقتصادي جديد يجعل من الموقع الجغرافي قوة إنتاجية واستثمارية قادرة على إعادة صياغة علاقة مصر بشبكات التجارة العالمية، فالاقتصادات الحديثة تُبنى على الممرات البحرية وسلاسل الإمداد، وليس فقط على المصانع أو أسواق الاستهلاك، وهو ما تدركه الدولة بوضوح في سعيها لتحويل شرق بورسعيد وباقي مكونات المنطقة الاقتصادية إلى منصة لوجستية وصناعية ذات تنافسية إقليمية ودولية.

إعادة توطين الصناعات وتقصير سلاسل الإمداد

إن الاتجاه العالمي نحو إعادة توطين الصناعات وتقصير سلاسل الإمداد يمنح مصر فرصة استثنائية ومع اتساع نطاق التوترات الجيوسياسية في العالم، أصبحت الشركات الدولية تبحث عن مواقع تجمع بين العبور الملاحي المحوري، والاستقرار السياسي، والتسهيلات التشغيلية و بذلك فان منطقة قناة السويس تجمع هذه العناصر مجتمعة، مما يجعلها مرشحة لتكون نقطة ارتكاز للشركات التي ترغب في تنويع خطوط إمدادها، وتقليل تكاليف النقل، وتوسيع وجودها في أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا.

كما يشير التطوير الحالي إلى تحول نوعي في دور الموانئ، فالميناء لم يعد منطقة عبور فقط، بل أصبح مركزًا للتجميع والتصنيع والخدمات عالية القيمة و هذا التغيير يعزز قدرة مصر على خلق سلاسل قيمة محلية، ويجذب الاستثمارات الصناعية، ويزيد من مساهمة قطاع اللوجستيات في الناتج المحلي ومع دعم الدولة لقطاع الهيدروجين الأخضر والمشروعات منخفضة الكربون داخل المنطقة الاقتصادية، تصبح مصر لاعبًا فعالًا في الاقتصاد الأخضر، وهو ما يفتح بابًا لفرص تمويلية واستثمارية متقدمة.

المنطقة الاقتصادية قادرة على منافسة المراكز اللوجستية العالمية

ولا يمكن فصل التطوير الحالي عن البنية التحتية الضخمة التي أُنشئت خلال السنوات الماضية فالشبكة المتكاملة من الطرق والمحاور والأنفاق التي تربط شرق القناة بغربها لم تعد مجرد مشروعات نقل، بل هي العمود الفقري لجعل المنطقة الاقتصادية قادرة على منافسة المراكز اللوجستية العالمية من حيث زمن العبور، وسهولة الحركة، وتكلفة النقل و هذا التكامل بين الموانئ وشبكات النقل الداخلية هو ما يحدد قدرة أي دولة على أن تصبح مركزًا للتجارة الإقليمية، كما أن التحول في فلسفة الإدارة الاقتصادية داخل المنطقة من مجرد تطوير أصول إلى بناء منظومة استثمارية كاملة يعكس نضجًا مؤسسيًا مهمًا فالإدارة القائمة على الشراكة مع القطاع الخاص، وتوفير بيئة تشغيلية مرنة، وتبسيط الإجراءات، وتطبيق التحول الرقمي داخل خدمات الموانئ، كلها عناصر تقلل الوقت والتكلفة، وتزيد من جاذبية الاستثمار، وتضع مصر على خريطة المنافسة مع مراكز كبرى مثل جبل علي وبيريه.

صدمات الأسواق العالمية

أما على مستوى الاقتصاد الكلي، فإن هذا التحول اللوجستي يُعد خطوة مهمة نحو تنويع مصادر النمو بعيدًا عن الاستهلاك، وزيادة مساهمة قطاعات التصدير والخدمات في الناتج المحلي، ورفع كفاءة تدفقات التجارة عبر مصر، فالاعتماد الأقل على صدمات الأسواق العالمية، والقدرة الأكبر على جذب استثمارات طويلة الأجل، هما ما يضمنان الاستقرار الاقتصادي المستدام.

إن ما يحدث في منطقة قناة السويس ليس مجرد تطوير بنية تحتية، بل هو تحول استراتيجي في موقع مصر داخل الاقتصاد العالمي، وتحول سيؤثر على حركة رؤوس الأموال، وتنافسية سلاسل الإمداد، ودرجة اندماج الدولة في الاقتصاد الدولي خلال العقود المقبلة وإذا استمرت الدولة في تسريع وتيرة التنفيذ، وتعميق الشراكات العالمية، وتعزيز دور القطاع الخاص، فإن المنطقة الاقتصادية ستصبح أحد أهم محاور القوة الاقتصادية لمصر، ومركزًا لوجستيًا وصناعيًا لا ينافس فقط إقليميًا، بل يؤثر عالميًا.

اقرأ أيضًا:

اقتصادية قناة السويس: المنطقة الاقتصادية للقناة تجذب الاستثمارات الفرنسية

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا.

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search