السباق الأمريكي الصيني على الذكاء الاصطناعي، من يقود الثورة التقنية بالقرن الحادي والعشرين؟
الجمعة، 14 نوفمبر 2025 10:04 ص
السباق الأمريكي الصيني على الذكاء الاصطناعي
كريم قنديل
يشهد العالم اليوم سباقاً محموماً بين الولايات المتحدة والصين للهيمنة على مستقبل الذكاء الاصطناعي، وهو سباق لا تقتصر رهاناته على الابتكار التقني فقط، بل يمتد ليشمل النفوذ الجيوسياسي، الاقتصاد العالمي، وحتى موازين القوة العسكرية.
وبينما تقود أمريكا المشهد الحالي بفضل تفوقها في الرقائق والنماذج التوليدية العملاقة، تردّ الصين باستراتيجية شاملة تُسخّر فيها التمويل والسياسات والتعليم والبيانات لبناء منظومة متكاملة لا تقل طموحاً عن منافستها الغربية.

الولايات المتحدة، الريادة بالتقنية والمال
ما تزال واشنطن في صدارة مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي، إذ انطلقت منها أبرز الاختراقات التي شكلت جوهر الثورة الحالية. شركات مثل Open AI وGoogle وAnthropic وxAI وضعت المعايير العالمية في بناء نماذج لغوية ضخمة تحاكي التفكير البشري وتنتج نصوصاً وصوراً وفيديوهات ومقاطع صوتية بدرجة غير مسبوقة من الواقعية، وتستند الريادة الأمريكية إلى ثلاثة أعمدة رئيسية:
1. التفوق في الرقائق المتقدمة: خاصة من إنتاج شركة NVIDIA، التي أصبحت بمثابة “قلب” الذكاء الاصطناعي العالمي.
2. رؤوس أموال ضخمة: فشركات وادي السيليكون الأربع الكبرى (أمازون، مايكروسوفت، ميتا، وجوجل) يُتوقع أن تنفق أكثر من 370 مليار دولار في 2025 على مراكز البيانات والبنية التحتية.
3. جذب المواهب العالمية: أكثر من 70% من باحثي الذكاء الاصطناعي في الجامعات الأمريكية من خلفيات مهاجرة، ما جعل البلاد مركزاً عالمياً للابتكار.
بخلاف أن واشنطن تواجه تحديات متزايدة؛ أبرزها نقص الطاقة الكهربائية لتشغيل مراكز البيانات العملاقة، وتزايد القيود القانونية حول حقوق النشر، والجدل بشأن تحيّز النماذج وتوجهاتها الأيديولوجية، وهو ما دفع إدارة ترمب إلى طرح خطة جديدة لتخفيف البيروقراطية وتوسيع البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.
الصين، الدولة تُحرك الذكاء الاصطناعي
في الجهة المقابلة، تتحرك بكين بوتيرة مذهلة ضمن رؤية تعتبر الذكاء الاصطناعي ركيزة للنهضة الاقتصادية والعسكرية، فبدعم مباشر من الحكومة، تُضخ مليارات الدولارات في مشاريع الذكاء الاصطناعي، وتُنشأ شبكة وطنية من مراكز البيانات وصناديق استثمار حكومية لتغذية القطاع الناشئ.
بلغ الإنفاق الصيني على الذكاء الاصطناعي نحو 98 مليار دولار في 2025، بزيادة 48% عن العام السابق، أكثر من نصفها تمويل حكومي مباشر، وتشمل المبادرات الصينية التالية، دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم منذ المرحلة الابتدائية، وتحفيز الشركات الناشئة بإعانات ومنح وإسكان مجاني لجذب الكفاءات، وتشجيع النماذج مفتوحة المصدر لضمان انتشار التقنيات الصينية عالمياً، وهو نهج مغاير للطابع الاحتكاري الأمريكي.
شركات مثل Baidu وAlibaba وByteDance تقود السوق المحلي بينما صعدت أسماء جديدة مثل DeepSeek وMoonshot وZhipu بنماذج تنافس في قدراتها نظراءها الأمريكيين، رغم محدودية الرقائق المحلية بسبب الحظر الأمريكي على تصدير أشباه الموصلات المتقدمة.
معركة الرقائق والطاقة
أبرز نقاط الضعف الصينية تكمن في نقص الرقائق المتطورة التي تنتجها شركات أمريكية مثل NVIDIA، ورغم محاولات “هواوي” و“SMIC” إنتاج بدائل محلية، إلا أنها ما تزال أقل كفاءة.
بالمقابل، تواجه الولايات المتحدة تحدياً موازياً في الطاقة، إذ تستهلك مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي كميات هائلة من الكهرباء، دفعت شركات كبرى إلى المطالبة بزيادة الاستثمارات في الطاقة النووية والمتجددة.
التمويل، السلاح الأبرز
يضخ المستثمرون الأمريكيون والصينيون مئات المليارات في السباق، فقد تجاوز تمويل شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة عالمياً 193 مليار دولار هذا العام، بينما تضخ الصين عبر صناديقها السيادية أكثر من 8 مليارات دولار لدعم المشاريع في مراحلها المبكرة.
هذا التدفق المالي الهائل يُحوّل الذكاء الاصطناعي إلى ساحة تنافس مالي واقتصادي، لا تقل ضراوة عن سباق الفضاء في القرن الماضي.
صراع على النفوذ العالمي
وراء الشاشات يدور صراع أوسع على من يضع المعايير التقنية والأخلاقية للذكاء الاصطناعي العالمي، فواشنطن تسعى لبناء العالم على تقنيات أمريكية في حين أن بكين تعتبر الذكاء الاصطناعي منفعة عامة ولا يجب أن تحتكرها الدول الغنية، والنتيجة تحول الذكاء الاصطناعي لأداة قوة ناعمة تحدد النفوذ الاقتصادي والثقافي لكل دولة في النظام الدولي الجديد.
سباق بلا خط نهاية
رغم أن الولايات المتحدة لاتزال في الصدارة تقنياً، فإن الصين أظهرت قدرة مدهشة على تحويل التحديات إلى حوافز، ففي كل مرة تُغلق أمامها واشنطن باباً، تفتح بكين آخر عبر حلول أقل كلفة وأكثر انفتاحاً.
وربما لا يكون السؤال اليوم: من يقود الذكاء الاصطناعي؟، بل كيف سيُعيد هذا السباق رسم خريطة القوة في القرن الحادي والعشرين؟.
اقرأ أيضًا:
صراع عمالقة الذكاء الاصطناعي، كيف يشكل سباق التعويضات والمواهب مستقبل السوق؟
الصين تقطع الطريق على إنفيديا، والرقائق الأمريكية في مهب الريح

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تيليجرام) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا.
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا.
إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.
Short Url
من مكة إلى أنجولا، نوكيا تقود ثورة الاتصال الذكي في أكثر من 40 دولة ناشئة
13 نوفمبر 2025 04:26 م
%156 رسوم على واردات السكر، قرار يعيد رسم ملامح السياسة التجارية في المكسيك
12 نوفمبر 2025 06:10 م
هل يدوم منتجك لعام واحد فقط؟ اكتشف كيف يغير السعر قواعد اللعبة
12 نوفمبر 2025 05:00 م
أكثر الكلمات انتشاراً