الأربعاء، 29 أكتوبر 2025

03:22 م

دكتورة شيماء وجيه تكتب: الفيدرالي الأمريكي بين التشديد والحذر.. قراءة استباقية في قرارات أسعار الفائدة المقبلة وتداعياتها

الثلاثاء، 28 أكتوبر 2025 09:21 م

 الخبيرة الاقتصادية والمصرفية الدكتورة شيماء وجيه

الخبيرة الاقتصادية والمصرفية الدكتورة شيماء وجيه

قراءة استباقية في قرارات أسعار الفائدة المقبلة وتداعياتها العالمية

 

تترقب الأسواق المالية العالمية اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي القادم وسط حالة من الترقب الحذر والانقسام بين التوقعات، حيث تتجه الأنظار إلى ما إذا كان الفيدرالي سيبقي على أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية، أم سيبدأ دورة خفض تدريجية بعد أطول فترة تشديد نقدي منذ أربعة عقود، و يأتي هذا الاجتماع في لحظة حساسة من دورة الاقتصاد الأمريكي والعالمي، تجمع بين تباطؤ النمو وتراجع التضخم تدريجيا، مع استمرار القلق بشأن الاستقرار المالي والإنفاق الاستهلاكي.

 

ملامح المشهد النقدي الأمريكي

منذ مارس 2022، رفع الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة لأعلى مستوى تاريخي لها بهدف السيطرة على معدلات التضخم التي بلغت ذروتها في منتصف 2022 قبل أن تتراجع مؤخرا في عام 2024، لكن رغم نجاح السياسة النقدية في خفض معدلات التضخم نسبيا، إلا أن الضغوط على النمو وسوق العمل بدأت تظهر بوضوح، وهو ما جعل الأسواق تتوقع تحولا في نبرة الفيدرالي من التشديد إلى “الحياد الحذر”، حيث إنه وفقا للتقديرات للأوضاع الاقتصادية الحالية فان احتمال تثبيت أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل سيكون الأرجح  بنسبة تتجاوز 80% مع تلميحات محتملة إلى خفض تدريجي في النصف الأول من 2026 إذا استمر التضخم في مساره الهابط دون اضطرابات في سوق العمل أو الإنفاق الاستهلاكي.

 

دوافع القرار المرتقب

إن قرار الفيدرالي في الاجتماع القادم سيعتمد على مزيج من ثلاثة متغيرات رئيسية، وهى معدل التضخم الأساسي حيث ما زال أعلى من المعدل المستهدف وفقا لقرارات لجنة السياسة النقدية مما يجعل الخفض السريع للفائدة يحمل مخاطر تضخمية، كما أن معدلات البطالة مازالت مرتفعة نسبيا، بالإضافة إلى أن عوائد السندات الأمريكية مازالت تشهد توترات حادة وهو ما يعكس حساسية الأسواق لأي إشارة من الفيدرالي حول المسار المستقبلي للفائدة، بناء على ذلك فإنه يتوقع أن يحافظ الفيدرالي على نبرة حذرة مع التمسك بسياسة التثبيت المؤقت مصحوبة برسائل تؤكد أن قرارات الخفض لن تبدأ إلا بعد استقرار مؤشرات الأسعار والنمو بشكل مستدام.

 

التداعيات العالمية

قرار الفيدرالي الأمريكي لا يعد شأنا داخليا فحسب بل يمثل مؤشراً يقود  قرارات البنوك المركزية حول العالم للسياسات النقدية الخاصة بها، فأي إشارة إلى خفض أسعار الفائدة الأمريكية ستحدث تحولا هيكليا في اتجاهات رؤوس الأموال العالمية، إذ سيعود جزء من الاستثمارات إلى الأسواق الناشئة بحثا عن عوائد أعلى، بينما استمرار الفائدة المرتفعة يعني تشديدا إضافيا على الاقتصادات النامية نتيجة ارتفاع تكلفة التمويل الخارجي و يمثل أيضا ضغوطا على العملات المحلية أمام الدولار، وسيترتب عليه أيضا زيادة أعباء خدمة الديون السيادية خصوصا في الدول الأعلى من حيث حجم الدين، كما ستتأثر أسعار الذهب والنفط تبعا لمسار الفائدة حيث يؤدي تثبيت أو خفض الفائدة عادة إلى ارتفاع الطلب على الأصول الحقيقية في حين يدعم استمرار التشديد قوة الدولار ويضغط على السلع المقومة به.

 

الانعكاسات المحتملة على الأسواق العربية والمصرية

بالنسبة للاقتصادات العربية يمثل قرار الفيدرالي عاملا محددا لاتجاه السياسات النقدية الإقليمية خصوصا في الدول التي تربط عملاتها بالدولار الأمريكي، أما في الحالة المصرية فإن استمرار معدلات الفائدة الأمريكية المرتفعة سيؤدي إلى زيادة الضغوط على الجنيه المصري نتيجة اتساع الفجوة بين العائد المحلي والعالمي ويؤدي أيضا إلى ارتفاع في تكلفة الاقتراض الدولي مما يبطئ وتيرة خفض أسعار الفائدة محليا.

لكن في المقابل فإن أي إشارة من الفيدرالي نحو التيسير النقدي ستعد فرصة لمصر لتعزيز الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين، وتحسين جاذبية الجنيه أمام العملات الأخرى، خاصة في ظل تراجع معدلات التضخم المحلي تدريجيا واستقرار السياسة النقدية.

نهاية فان الاجتماع المقبل للفيدرالي الأمريكي ليس مجرد قرار حول سعر الفائدة بل هو إشارة توجه الاقتصاد العالمي بأكمله، فالتثبيت سيعني أن الفيدرالي ما زال يرى مخاطر تضخمية كامنة، بينما أي ميل نحو الخفض سيفسر كبداية دورة تيسير جديدة تعيد التوازن بين النمو والسيولة، وفي كلتا الحالتين فإن قراءة القرار لا يجب أن تقتصر على الجانب النقدي بل على رسالة الثقة التي يبعثها الفيدرالي للأسواق حول قدرته على إدارة المرحلة الانتقالية بين التشديد والاستقرار دون انزلاق الاقتصاد الأمريكي نحو مرحلة الركود.

تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search