الأحد، 28 سبتمبر 2025

02:52 ص

الفيدرالي الأمريكي في مواجهة معادلة مستحيلة، التضخم يعاند وسوق العمل يضعف

الأحد، 28 سبتمبر 2025 01:27 ص

الفيدرالي الأمريكي

الفيدرالي الأمريكي

في مشهد يشبه السير على الحافة، يجد مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نفسه اليوم محاصرًا بين خطرين متضادين لا يقل أحدهما خطرًا عن الآخر، ألا وهو عودة التضخم إلى الارتفاع من جهة، وتباطؤ متزايد في سوق العمل من جهة أخرى. 

الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي

هذان المساران المتعارضان يضعان صناع السياسات النقدية، وعلى رأسهم رئيس الفيدرالي جيروم باول، في قلب معركة حساسة تتطلب توازنًا دقيقًا بين الاستجابة للواقع الاقتصادي والتنبؤ بمآلاته المستقبلية.

البيان الأوضح.. لا مسار خالي من المخاطر

في خطاب له خلال فعالية اقتصادية عقدت في "وارويك" بولاية رود آيلاند، لم يخفي باول حجم التحدي الذي يواجهه الاحتياطي الفيدرالي، مقرًا بأن مخاطر تباطؤ سوق العمل بدأت تغير ميزان التهديدات، وأن السياسة الحالية، وإن كانت مقيدة إلى حد ما، إلا أنها تمنح الفيدرالي القدرة على التعامل مع أي تطورات غير متوقعة.

لكنه في الوقت نفسه، شدد على أن تخفيض أسعار الفائدة بشكل كبير ليس مطروحًا في المدى القريب، قائلاً: "لا نرى حاجة ملحة لتخفيض حاد في أسعار الفائدة في الوقت الراهن"، وهو تصريح يفهم منه أن الفيدرالي لا يرى أن الظروف قد وصلت بعد إلى حد الأزمة.

انقسام داخل أروقة الفيدرالي

غير أن ما يثير الانتباه هو الانقسام الواضح داخل الفيدرالي بشأن طبيعة الاستجابة المثلى لهذا الموقف، فبينما يفضل باول وكبار المسؤولين اتباع نهج الصبر الحذر، برزت أصوات داخل المجلس خاصة من الأعضاء الذين عينهم  دونالد ترامب تطالب بتخفيضات جريئة وسريعة في أسعار الفائدة لحماية سوق العمل المتراجع.

من أبرز هذه الأصوات كانت ميشيل بومان، نائبة رئيس الفيدرالي للإشراف، التي قالت إن سوق العمل أكثر هشاشة مما كان يعتقد، وأن الرسوم الجمركية الأخيرة التي فرضتها إدارة ترامب لن تخلق ضغوطًا تضخمية طويلة الأمد، وحذرت من أن التأخر في الاستجابة لتدهور التوظيف قد يكلف الاقتصاد الأمريكي كثيرًا.

أما ستيفن ميران، الذي يعتبر من أشد المدافعين عن التيسير النقدي داخل الفيدرالي، فقد دعا إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار نقطتين مئويتين تقريبًا، وهي خطوة تعتبر راديكالية واصفًا السياسة النقدية الحالية بأنها مقيدة بشكل مفرط وتشكل خطرًا على هدف الفيدرالي بتوفير أقصى قدر من التوظيف.

جيروم باول

بيانات سوق العمل.. إشارات تحذير صريحة

بحسب أحدث بيانات وزارة العمل، لا تزال البطالة عند مستويات منخفضة نسبيًا 4.3%، لكنها بدأت تتجه صعودًا، كما أظهرت تقارير متوالية أن نمو الوظائف في الأشهر الأخيرة لم يكن بنفس الزخم السابق، بل تراجعت وتيرته في قطاعات حيوية مثل التكنولوجيا والخدمات.

اللافت أن عدد العاطلين عن العمل الباحثين عن وظائف بدأ يتجاوز عدد فرص العمل المتاحة، وهو مؤشر حساس عادةً ما يقرع عنده جرس الإنذار في أروقة البنوك المركزية.

 

اقرأ أيضًا:

رئيس «الفيدرالي الأمريكي»: نتقبل النقد البناء وتسريح 10% من الموظفين

التضخم.. العدو القديم لم يرحل بعد

على الضفة الأخرى، لا يزال التضخم عصيًا على العودة إلى هدفه المثالي عند 2%، على الرغم من التراجع النسبي منذ الذروة في 2022. 

ولا تزال عوامل مثل الرسوم الجمركية، وسلاسل التوريد المتقلبة، والسياسات الجيوسياسية تلعب دورًا في تغذية الضغوط السعرية.

أوستن جولسبي، رئيس الفيدرالي في شيكاغو، الذي يمتلك صوتًا في لجنة السياسة النقدية هذا العام، حذر من التفاؤل الزائد في معالجة التضخم، قائلاً "إن الاقتصاد لا يزال عالقًا في دوامة ما بعد الركود التضخمي"، وأن العودة إلى هدف 2% تتطلب صبرًا وانضباطًا أكبر مما قد يظنه البعض.

الركود التضخمي

الأسواق.. نظرة حذرة وترقب مشوب بالقلق

رغم الانقسام داخل الفيدرالي، لا تزال الأسواق المالية تتوقع، وفقًا لعقود الفائدة الآجلة، تخفيضين إضافيين في أسعار الفائدة قبل نهاية عام 2025، ما سيؤدي إلى خفض الفائدة الأساسية بنصف نقطة مئوية إجمالاً.

وإذا تحقق ذلك، فسيكون سعر الفائدة في أدنى مستوياته منذ أكتوبر 2022.

غير أن هذه التوقعات لا تستند إلى إجماع قوي داخل الفيدرالي، ما يعني أن الأسواق قد تواجه مفاجآت غير مرغوبة إذا جاءت الأرقام القادمة سواء في التضخم أو التوظيف خلافًا للتوقعات.

اقرأ أيضًا:

رئيس مجلس: الاحتياطي الفيدرالي: توقعات سوق العمل والتضخم تواجه مخاطر

توازن بين الهاجس السياسي والضغوط الاقتصادية

ينظر إلى هذه المرحلة كواحدة من أكثر الفترات حساسية في تاريخ السياسة النقدية الأمريكية الحديث، فالفيدرالي لا يعمل في فراغ، والضغوط السياسية حاضرة، خاصة مع اقتراب موسم الانتخابات الرئاسية 2026، إذ يخشى من أن تؤثر الاعتبارات السياسية على استقلالية قرارات المجلس.

كما أن أثر السياسة النقدية لا يقتصر على الداخل الأمريكي، بل يمتد إلى الأسواق العالمية، من عملات الأسواق الناشئة إلى أسعار السلع والطاقة، ما يزيد من تعقيد مهمة باول وفريقه.

الفيدرالي 

الفيدرالي في أرض التناقضات.. وخياراته تضيق

أمام جيروم باول وزملائه تحدي واضح، الاستمرار في الحفاظ على استقرار الأسعار دون دفع سوق العمل إلى الانكماش، أو التحرك لحماية الوظائف دون السماح للتضخم بأن يخرج عن السيطرة مجددًا.

المعادلة صعبة، والخطأ حتى وإن كان صغيرًا قد تكون له عواقب واسعة النطاق، وبين تباين التوقعات والانقسام داخل المجلس، يبدو أن الفيدرالي الأمريكي سيبقى في حالة تأهب دائم خلال الأشهر القادمة، بانتظار مؤشرات أكثر وضوحًا، إن وجدت.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search