الجمعة، 19 سبتمبر 2025

03:50 م

هيمنة الدولار تهتز، الفيدرالي محاصر والعالم يعيد تموضعه ماليًا

الجمعة، 19 سبتمبر 2025 02:15 م

مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي

مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي

في مشهد غير مسبوق في تاريخ السياسة النقدية الأمريكية، تحول قرار تقني بخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى زلزال سياسي واقتصادي، هز صورة مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وزعزع ما تبقى من هالة الدولار كعملة لا تمس.

جيروم باول

ما كان يفترض أن يكون أداة تقليدية لضبط الإيقاع الاقتصادي، تحول إلى صدام مباشر بين رئيس الفيدرالي جيروم باول ورئيس البلاد دونالد ترامب. 

الاتهامات التي أطلقها باول ضد سياسات الإدارة، خصوصًا في ملفي الهجرة والرسوم الجمركية، فتحت الباب أمام مرحلة جديدة قد تكون الأكثر اضطرابًا في تاريخ علاقة السياسة بالنقد في الولايات المتحدة.

من خفض الفائدة إلى خفض الثقة

في العادة، ترحب الأسواق بخفض الفائدة كإشارة إلى دعم النمو وتحفيز الاستثمار، لكن ما حدث هذه المرة كان العكس، قرأ المستثمرون القرار على أنه تحرك اضطراري لا يعكس ثقة الفيدرالي بالمستقبل، بل يعكس قلقه العميق.

الأسواق لم ترتبك فقط بسبب القرار، بل بسبب إشارات الانقسام داخله، وصوت أحد أعضاء اللجنة لخفض أعمق، وآخر فضل الإبقاء على المعدلات دون تغيير. 

هذا التباين، الذي كشفه ما يعرف بـ"المخطط النقطي"، أظهر أن ما يقدم كموقف موحد، هو في الواقع لوحة متضاربة من المصالح والضغوط.

 

هل بدأ انهيار الدولار؟

المسألة لم تعد مجرد تقلبات في سعر صرف الدولار أو تحركات في مؤشرات الأسهم، الأرقام باتت تتحدث بلغة أوضح:

  • انخفاض الدولار بنسبة 10% منذ بداية العام، في أسوأ أداء له منذ أكثر من عقدين.
  • تجاوز احتياطي الذهب في البنوك المركزية العالمية لأول مرة احتياطاتها بالدولار منذ 29 عامًا.
  • %38 من المستثمرين يوسعون تحوطاتهم ضد العملة الأمريكية.
  • هذه المؤشرات ليست تفصيلًا فنيًا، بل انعكاس لتحول في المزاج العالمي.. الدولار لم يعد مقدسًا.
الاحتياطي الفيدرالي

الاحتياطي الفيدرالي.. استقلالية على المحك

منذ تأسيسه، حارب الفيدرالي من أجل الحفاظ على استقلاليته عن السلطة التنفيذية، لكن ما كشفه هذا الأسبوع، هو أن تلك الاستقلالية لم تعد خطًا أحمرًا. 

لأول مرة نرى تسييسًا حادًا في مداولات الفيدرالي، لدرجة أن التصويت على قرار خفض الفائدة بدا وكأنه انعكاس لانقسامات سياسية أكثر من كونه قرارًا مبنيًا على بيانات اقتصادية.

باول، ورغم موقفه الحازم، يقف اليوم في وجه رياح سياسية عاتية، والشكوك باتت تطال قدرة الفيدرالي على اتخاذ قرارات بعيدًا عن الحسابات الانتخابية في عام مفصلي كـ2026.

 

اقرأ أيضًا:

الفيدرالي يخفض الفائدة وباول يكسب الجولة، هدنة مؤقتة أم صراع على توجه السياسة النقدية؟

الذهب والفرنك.. عودة الملاذات القديمة

في لحظة اهتزاز الثقة، تعود العملات والسلع التي لطالما مثلت الأمان، الذهب، بحسب توقعات دويتشه بنك Deutsche Bank، قد يصل إلى 4000 دولار للأونصة بحلول 2026، وأن السعر العادل يجب يكون 5000 دولار بناءً على حجم المخاطر الحالية.

أما الفرنك السويسري، فيبدو أنه عاد للواجهة كعملة تحفظ القيمة، بعيدًا عن ضجيج السياسة الأمريكية، لذا يتجه البعض إلى الاحتفاظ بالمدخرات بالفرنك، والاستثمار في أدوات مالية ذات عائد منخفض لكنها آمنة.

 نظام الدولار

من نظام الدولار إلى التعددية النقدية

منذ اتفاق بريتون وودز Bretton Woods وحتى ما بعد أزمة 2008، ظل الدولار قلب النظام المالي العالمي، لكن اليوم، ومع تصاعد الديون الأمريكية، وتزايد استخدام واشنطن للدولار كسلاح في العقوبات، بدأت دول مثل الصين، والهند، ودول مجلس التعاون الخليجي تتحرك نحو تخفيض الاعتماد على الدولار، وتعزيز احتياطياتها من الذهب والعملات المحلية.

هذا لا يعني انهيارًا وشيكًا للدولار، لكنه يعني نهاية زمن العملة الأحادية، والتحول بطيء، لكنه جاري بالفعل.

اقرأ أيضًا:

بعد خفض الفائدة، «الفيدرالي الأمريكي» يحاول موازنة التضخم وضعف سوق العمل

هل لا تزال الأسهم الأمريكية مغرية؟

خفض الفائدة عادة ما يدعم الأسهم، لكن هذه المرة مختلفة، التقييمات الربحية مرتفعة بشكل غير طبيعي، والخطر الآن في التضخم والديون، لا في ضعف النمو فقط. 

يفضل التوجه نحو الشركات الصغيرة والمتوسطة المدرجة ضمن مؤشر راسل 2000، خصوصًا العائلية منها، لأنها أكثر مرونة وربحية في الأزمات.

الأسهم الأمريكية

من الهيمنة إلى المنافسة

قرار الفيدرالي الأخير لم يسقط ورقة الدولار، لكنه كشف هشاشتها، من تسييس السياسة النقدية، وضعف الثقة، وتنامي الديون، وتعدد القوى الاقتصادية، كلها عوامل تقود إلى لحظة فارقة، لم يعد الدولار هو الحقيقة المطلقة التي لا يشك فيها.

قد لا نكون أمام انهيار، لكننا بالتأكيد أمام اختفاء تدريجي لحقبة الدولار، وولادة نظام نقدي عالمي متعدد الأقطاب، لا يهيمن عليه أحد، بل تديره المصالح المشتركة وتوازنات جديدة قيد التكوين.

في السياسة، كما في الاقتصاد، الثقة لا تبنى فقط بالبيانات، بل بالثبات، والفيدرالي الآن يواجه اختبارًا قد يحدد شكل العالم المالي لعقود قادمة.

تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن، عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ“أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية”، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search