الثلاثاء، 21 أكتوبر 2025

07:41 م

التنين الصيني يتراجع خطوة، تباطؤ النمو يضع بكين أمام اختبار صعب

الثلاثاء، 21 أكتوبر 2025 05:00 م

الصين تواجه عام 2025 بحذر اقتصادي

الصين تواجه عام 2025 بحذر اقتصادي

ميرنا البكري

يواجه الاقتصاد الصيني، الذي طالما وُصف بـ "ماكينة النمو التي لا تهدأ"، واحدة من أصعب فتراته منذ جائحة كورونا، ففي الربع الثالث من عام 2025، سجلت الصين أبطأ معدل نمو سنوي لها بنسبة 4.8%، متراجعة عن نسبة 5.2% المسجلة في الربع السابق. 

ويُعزى هذا التباطؤ إلى مزيج من العوامل، أبرزها التوتر التجاري المتصاعد مع الولايات المتحدة، وضعف مستويات الطلب الداخلي، واستمرار الأزمات الهيكلية، خاصة في قطاع العقارات. هذا التقرير يستعرض واقع الاقتصاد الصيني الراهن، بناءً على بيانات وتقارير عالمية.

عودة الاحتكاك بين بكين وواشنطن،"تكيف دفاعي" صيني

عاد التوتر التجاري بين بكين وواشنطن ليثقل كاهل الاقتصاد الصيني مجددًا، فقد فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسومًا جمركية جديدة على الواردات الصينية، في إطار استراتيجية "إعادة التوازن التجاري" وحماية الصناعة الأمريكية. هذا الإجراء كان له تأثير مباشر على التجارة الثنائية، حيث تراجعت الصادرات الصينية إلى أمريكا بنسبة 27% في سبتمبر الماضي مقارنة بالعام السابق.

لكن اللافت هو أن الصادرات العالمية للصين ظلت متماسكة، بل وارتفعت بنسبة 8.3%، مسجلة أعلى نمو في 6 أشهر،  ويعكس هذا التماسك نجاح بكين في توسيع أسواقها بعيدًا عن أمريكا، حيث بدأت الشركات الصينية في إعادة توجيه إنتاجها إلى أسواق جديدة في آسيا، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية، في إطار ما يمكن وصفه بـ "التكيف الدفاعي" لمواجهة الحرب التجارية.

China Economy News & Analysis | South China Morning Post

العقارات، الجرح المفتوح يهدد ثقة المستهلك

يظل قطاع العقارات "الجرح المفتوح" الذي ينزف في جسد الاقتصاد الصيني، ويمثل الجزء الأضخم من ناتجه المحلي الإجمالي، فالأزمة الممتدة منذ سنوات لم تظهر بعد أي بوادر للتعافي، حيث أظهرت البيانات الحكومية تراجعًا في مبيعات العقارات السكنية بنسبة 7.6% في الفترة من يناير حتى سبتمبر من العام الجاري.

هذا التدهور لا يؤثر فقط على شركات التطوير العقاري، بل يضرب صميم الطلب المحلي والاستهلاك، نظرًا لاعتبار العقار أداة استثمار رئيسية للكثير من الأسر الصينية، وقد أدت الأزمة إلى تجمد الثقة في السوق، وتتوقع وكالة S&P أن مبيعات المنازل الجديدة ستنخفض بنسبة 8% في عام 2025، وتتراوح بين 6% و7% في عام 2026، مما يؤكد أن القطاع لا يزال بعيدًا عن تحقيق الاستقرار.

 الصناعات الثقيلة ترفع الراية والمستهلك يحذر

على الرغم من التباطؤ العام، سجل الإنتاج الصناعي نقطة مضيئة، مرتفعًا بنسبة 6.5% في سبتمبر الماضي، وهو أسرع معدل نمو منذ يونيو. هذا الأداء يعكس محاولات الصناعة التحويلية للحفاظ على مكانتها كـ قلب النمو الصيني، خاصة في مجالات التكنولوجيا، والطاقة النظيفة، والمعدات الصناعية.

في المقابل، شهد قطاع السيارات، الذي عانى مؤخرًا من حروب أسعار شرسة بسبب فائض الإنتاج، خاصة في السيارات الكهربائية، تحسنًا في الصادرات، فقد تضاعفت صادرات السيارات الكهربائية في سبتمبر مقارنة بالعام الماضي، مما يؤكد أن السوق العالمي لا يزال يرى في الصين مصدرًا رئيسيًا للتكنولوجيا المتطورة والمنخفضة التكلفة.

 ورغم ذلك، ارتفعت المبيعات المحلية بنسبة 11.2%، وهي نسبة أبطأ من 15% التي سُجلت في أغسطس، مما يشير إلى أن الطلب الداخلي بدأ يفقد زخمه.

كما تراجعت مبيعات التجزئة إلى 3%، وهو مؤشر واضح على أن المستهلك الصيني أصبح أكثر حذرًا في الإنفاق، مما يضع المزيد من الضغوط على النمو المعتمد على الاستهلاك.

China Is Facing Housing Market Disaster - Newsweek

تحدي الموازنة بين الإنعاش والسيطرة

في خضم التحديات الاقتصادية، يجتمع الرئيس شي جين بينج مع كبار مسؤولي الحزب الشيوعي في اجتماع مصيري لتحديد أهداف التنمية للخمس سنوات المقبلة. هذا الاجتماع يأتي في توقيت حساس للغاية، حيث تحاول الحكومة السير على خط رفيع بين إنعاش الاقتصاد من جهة، والسيطرة على المخاطر المالية وتضخم الديون المحلية بعد أزمة العقارات من جهة أخرى.

وتُقدر التوقعات بأن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 4.8% بنهاية العام الجاري، وهو قريب من الهدف الحكومي البالغ حوالي 5%، ورغم أن الحكومة تمتلك أدوات دعم قوية مثل خفض الفائدة وتوسيع الإنفاق العام، فإن التحدي الحقيقي يكمن في استعادة ثقة المستهلك والمستثمر، فبدون انتعاش داخلي قوي، تظل الأرقام المعلنة مجرد "نمو هش".

 تفاؤل حذر بتجنب “الهبوط العنيف”

تفاعلت الأسواق الصينية بإيجابية حذرة مع البيانات، حيث ارتفع مؤشر هانج سنج في هونج كونج بنسبة 2.3%، وصعد مؤشر شنجهاي المركب بنسبة 0.5%. هذه التحركات تعكس تفاؤلًا بأن الصين قد تتمكن من تجاوز هذه المرحلة دون التعرض لـ "هبوط عنيف"، خاصة مع الإشارات الحكومية التي تؤكد وجود أساس قوي لتحقيق أهداف النمو.

في النهاية، يواجه ثاني أكبر اقتصاد في العالم ضغطًا مزدوجًا: ضغوط داخلية مصدرها العقارات وضعف الطلب، وضغوط خارجية تتمثل في الحرب التجارية والسياسات الحمائية الغربية. وستكون الفترة المقبلة اختبارًا حقيقيًا لسياسات بكين، لتحديد الموازنة الدقيقة بين "الإصلاح الهيكلي" و "الحفاظ على النمو".

اقرأ أيضًا:

الصين في مفترق اقتصادي حاسم، هل تستمر في طريق التصدير أم تعود للاستهلاك المحلي؟

«موديز» تحذر: الاقتصاد الصيني على مفترق طرق بين النمو والتحديات الهيكلية

تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (تليجرام) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــنا
تابع موقع إيجي إن عبر تطبيق (واتساب) اضغط هــــــــنا

إيجي إن-Egyin، هو موقع متخصص في الصناعة والاقتصاد، ويهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري، إضافة للتغطية والمتابعة على مدار الـ24 ساعة، لـ"أسعار الذهب، أسعار العملات، أسعار السيارات، أسعار المواد البترولية"، في مصر والوطن العربي وحول العالم.

Short Url

search